Alef Logo
الآن هنا
              

مثل مقطوع في صحراء

أحمد جاسم الحسين

خاص ألف

2016-03-12

مثل مقطوع في صحراء، ويبحث عن كأس ماء..!
هذه هي حالتي،
أعملتُ كل قوى التشكيك، وتتبع مصداقية الخبر، أركض من الفيسبوك إلى غوغل..إلى صفحات الأصدقاء..إلى صفحته..إلى صفحات أقاربه...
لا أريد أن أصدق، أحبس الدمعة بانتظار خبر يكذب ما سمعته، سبق أن مرت عائلتنا بمثل هذه الحالة فقد أبلغونا أن ابن أختي قد أعدم، ثم قالوا بعد شهر لم يعدم...ثم قالوا أعدم...وهكذا لا نزال ميتٌ ابننا، وليس بميت...
حضرت صورة بشير، وقد التقينا في المعضمية غير مرة، حيث يقيم في بيت أحد الأصدقاء، كان بشير العاني الذي يبشرنا بقصيدة النثر وبخصوصية نصه قد بدا مرهقاً، فهمتُ منه أن المشكلة الصحية لرفيقة دربه هي السبب...
تحدثنا في شؤون الوطن والهجرة وتبعاتها...بدا بشير الحالم بأن الشعر سيغير العالم قد دخل القهر قلبه، بل عشعش فيه، حدثني عن إعدام النظام الغاشم للقاصين: إبراهيم خريط ورشيد رويلي وكيف أن كون شقيق إبراهيم وزيراً لم يشفع له.
بدا أن الحيرة قد أكلت قلب بشير، والحزن قد سار في دمه...
بشير ...من آخر الناس الذين التقيتهم في سورية المفجوعة أواخر عام 2013، حين تحدثنا عن الشعر والوطن والشجون، رأيت في وجهه كلاماً أقوى مما عبرت لغته، بدا أن الحالم باللغة مكبَّل بها.
ومع ذلك يا بشير لن أصدق، لا، لن أصدق، ليس لأنني أشكك في فعل الموت، السبب بسيط جداً أنك من الصعب أن تموت بهذه الطريقة، سألومك يا صديقي، سألومني، لِمَ سلمت نفسك لأناس لا ينتمون إلى صنف البشر، عاتب عليك يا بشير فالشعر بحضورك ليس كما هو بغيابك، سألوم نفسي، كان يجب أن نموت معاً، ربما، لم نعد نحتمل موتكم أيها الأحبة، يومٌ تلو يوم، يزداد عبء الهروب/ اللجوء، أشعر نفسي أنني مسؤول عن كل فقيد في سورية، كيف سمحتْ لي نفسي أن أخرج، كان يجب أن نموت معاً لعل الطغاة يرتوي غليلهم من دمنا...
يا بشير!
أيها الحالم الفراتي، لا تمت يا صديقي أرجوك، لا تفعل...
لن أتوجه لقاتليك، لن ألومهم، لأن اللوم يوجه لعاقل، لإنسان...اللوم أو الوصف بالغدر قد يوجه لذئب، لوحش.
لو كان قاتلك يعرف قلبك الرقيق لما فعل، لو كان قاتلك قد سمع شعرك ولو مرة واحدة لأطلق الرصاص على نفسه أولاً، لو كان قاتلك يعرف كم في روحك من لهفة وحب وطيبة وحماس لوأد نفسه.
لو كان يعرف حبك لابنك لما فعل، كيف استطاع أن يقتلك مرتين، كيف سدد الرصاص على قلب ابنك..يا بشير...كم تعذبت حتى وصل ابنك إلى الجامعة...
لو كان القاتل يعرف أنك صاحب صوت جريء عتيق ضد النظام لما كان اتهمك بتهمه البالية، لو كان يعرفكَ، يعرفكَ جيداً، لأدرك أنك مؤمن، حتى الثمالة، مؤمن بكل شفافية الشاعر العميقة، مؤمن أكثر منه بكثير وطريقك مفتوح إلى الإله دون وساطات...وأن روحك الفياضة بالوجد ستبقى تحوم حولنا، تظللنا برخامة صوتها، ودفء حضورها...بشير يا صاحب: وردة الفضيحة ورماد السيرة وحوذي الجهات، ألاحظت أن عناوين مجموعاتك وحدها تفتح باباً لمستقبلنا البائس!
يا بشير، لن أصدق، لا، لن أصدق، وأنا واثق أنك لن تفعلها، لا، لن تفعلها....

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مثل مقطوع في صحراء

12-آذار-2016

ما يشبه الدفاع عن اتحاد الكتاب العرب في سورية

10-شباط-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow