Alef Logo
ابداعات
              

نقد / الشاعر السعودي'' رشدي الغدير '' يكتب لينتقم من الله

سامح كعوش

2006-11-15

خاص ألف

صحن الشوربة
خالي محمد
قطعت رجله في حادث
يراقب حذائي
ويفكر برجله المقطوعة
أين تمشي في هذه الساعة
..........
في الليل أمص أفواه العاهرات
والعق فروجهن
يختلط مخاطهن بلعابي
في الصباح
تعاتبني أمي
لنومي عن صلاة الفجر
اقبل رأسها بهدوء
..................
لي لحية في وجهي
ولحية أخرى أسفل بطني
محترفا أنا بالموس
بعد أن جرحت أسفل بطني
نتدرب دائما في الأماكن المظلمة
................
صديقي يفت الحشيش في صحن الشوربة
ويلف برشاقة ثلاث سيجارات
يشعل واحدة
يراقبها
فنشعر بالجوع
..............
بنات الخبر في شارع سويكت
كواعب أحذيتهن العالية
تبرز مؤخراتهن
فامسك قلمي
وأتحسس رأسه
حتى يحمر
............
بنت الجيران
ملتزمة جدا
عباءتها فوق الرأس
تذهب إلى صلاة التراويح
تستفز الهواء
يفضحها
تحاول جاهدة أن تقاوم
الهواء العنيد
يكره النساء
...............
في رمضان
أشاهد المسلسلات الكويتية
تحكني يدي باستمرار
تجتاحني رغبة عميقة
بالاستمناء
............
صديقي صحن الشوربة
يتقن لف الحشيش
ويتقن فن الأثداء
في سويكت الخبر
كنا ننتظر هبوب الهواء
سقط كيس من يدها
انحنت لتأخذه من الأرض
قال صديقي
المسكينة
تعاني من الدورة الشهرية
............
تمر سيارة شرطة
فنبصق أنا وصديقي
دم أسناننا ...
يقل طول الليل
تختفي القطط من الطريق
..........
يرن الجوال في جيبي
أجيب بفرح
اكتشف إنها أمي
احزن قليلا
تسألني إن صليت العشاء
أفكر أن اقبلها على رأسها
الكذب شيء رائع
.........
" رشدي الغدير " يكتب لينتقم من الله الذي خلق ، و من الأم التي أنجبت ، بل من كل " الفروج" التي خرج منها و عاد لينتقم أن لم تعطه ما أراد من سعادة في تحقق لذة و كفاية شهوة.
إذا ً هي الكتابة عنده فعل اللاوعي المنتقم من الحياة نفسها، الثائر عليها عبر الانتقام من قيمها المقدسة و إعلاء دناستها فوق كل اعتبار، الحانق الباحث عن فردية التحقق ضد جمعية المشيئة و الالتزام.
الكتابة فعل إبداعٍ، لكنها عند "رشدي الغدير" فعل ضياعٍ بامتياز، لا تليق بها الشعرية الجمالية و الفنية الصادقة، و إن حضر الخيال/ عنصر الصورة، فإنّ حضوره غائبٌ بفعل الحشيشة الغالبة التي لفّها الصديق بإتقانٍ فأتقن الإيقاع بالشاعر في لعبة اللاوعي الخدِر و استحالة الممكنات.
هي الكتابة/ الكآبة التي يتقنها شاعرٌ يعاني عقدة اضطهادٍ لا تليق بدوره كنبي حرف و قائد غواة. يتقن اصطناع الذنب ليبرر العقاب، في محاولته نقل التفاصيل اليومية لحياةٍ عاديةٍ حدّ الملل. قد تكون نقلا حياّ مباشراً لواقع حياته هو وإن لم يبرز ذلك بشكل علنيٍّ لمجرد كونه يجرّب الشعرية ولا يفلح. نراه يكتب اليومية نصاًّ لا النص اليوميّ الذي ينقل هماًّ وجودياًّ برؤيا شاعريةٍ و شعريةٍ فنيةٍ جميلةٍ تصوغها شفافية الشاعر و براءة اختراعه الصور و الدلالة معاً.
اليومية المباشرة التي لا تكتب أدباً، بل تهلوس في مزجٍ انتقائي لا تلقائي لأشياء هذه الحياة المريضة بما يشبه الانتحار/ نفي النفي و صراع الأضداد التي لا تجتمع، و إن حاول "رشدي الغدير" ان يجمع بينها في حركةٍ زمانية و مكانية فائقة السرعة/ فائقة الكذب.
البنية/ الدلالة:
تبدو الدلالات و المعاني التي تحملها ألفاظ نص " رشدي الغدير" فاضحةً وعلنيةً حد الإشهار و التقرير المباشر، و الحقل المفهومي الغالب فيها يستمدّ مفاهيم و قيماً سوقيةً لا أخلاقيةً تمعن في الصورة لتثير الاشمئزاز لا الإعجاب بفنيتها. ولا دلالة فنية ذات قيمةٍ تُذكر فيها، "في الليل أمص أفواه العاهرات/ ألعق فروجهن/ يختلط مخاطهن بلعابي".
الدلالة ضد المباشرة ، و الكلمات المفاتيح تفضح صاحب النص، فهو ينتمي بالعلاقة الأقرب " اللعق باللسان و المص بالفم / كعلاقة جنينية لا تنفصم " إلى عالم العاهرات الليلي، ولا يتردد في قتل المفردة و الدلالة التي تحملها بأن يضعهما معاً في سياقٍ دلاليٍّ أحادي الاتجاه ، إلى أسفل : لحية ٌ في وجهي -- > لحيةٌ أسفل بطني ، سقط كيسٌ من يدها -- > انحنت -- > تعاني ". اللفظة هنا قفص المعنى، تحيله تجسّداً حرفياًّ لفكرةٍ فاقدةٍ منطق حضورها، تفضحها اللغة الحسية في أكثر المواضع انحطاطاً قيمياً و رمزياًّ ، "قال صديقي: المسكينة تعاني الدورة الشهرية".
اللغة/ المخاط واللغة/ الدم يكتبهما "رشدي الغدير" لا لإثارة المتلقي و افتعال الصدمة الفنية، والكتابة فعل إبداع مشتركٍ بين الكاتب المبدع و القارئ المستمتع، و غاية الكتابة الإمتاع. فأي غايةٍ حققها ذكر الدم و المخاط في نصٍّ يتناقص في التعميم و العلانية حدّ الموقف من الله و الإنسان معاً ؟. والأدب ككتابةٍ نثريةٍ و شعريةٍ ما كان ليمتلك تلك القدرة على الفعل في الوجود البشري لولا التصاقه الحميم الأبدي بأحديهما/ الله أو الإنسان، أو بهما معاً.
اللغة/ المخاط و اللغة/ الدم لا لإثارة القارئ و افتعال الصدمة الفنية، بل لاستثارته ربما، أو لتحفيزه على استعادة هذه الصور التي أوردها "رشدي الغدير" بانفعالٍ مجنونٍ أو طيشٍ مراهقٍ، في محاولةٍ مكشوفةٍ لامتلاك جرأة الكشف في مجتمعٍ ذنبه ربما أنه في محاولته التمسك بقيم سماوية نبيلةٍ ، سقط في ضرورة امتلاك تقنيات الكذب و الاختفاء خلف الإصبع، رغم أن "رشدي الغدير" يوافق ذلك ولا يمانع، "أفكّر أن أقبّل رأسها/ الكذب شيءٌ رائعٌ ".
و إن محاولة أي كاتبٍ افتعال القدرة على الكشف، تحيله تواصلياًّ لا إبداعياً أدبياًّ، و تحيل نصّه مقالةً علميةً مجرّدةً لا قيمة فنية لها بحيث تكون وظيفة الكلام فيها إبلاغيةً إيعازيةً تعتمد البرهان الدحضي نمطاً كلامياً و أسلوب فضحٍ لا كشفٍ جميلٍ، " لحيةٌ أسفل بطني / الحشيش في صحن الشوربة/ بنات الخبر/ شارع سويكت/ كواعب أحذيتهن العالية/ مؤخراتهن/ المسلسلات الكويتية/ سيارة شرطة/ الجوال".
هي إذاً محاولةٌ مكشوفةٌ لامتلاك القدرة على الكشف، لكنها تكشف صاحبها ، وبدلاً من أن يكون كشاعرٍ نبيّ الأسئلةِ الكبرى يصير لصّ اللحظاتِ الآثمةِ، بكل ما فيها من كشفٍ عن لاوعيٍ فرديٍّ مريضٍ بالأنا المبالغة في معاندتها لكل قيمةٍ إنسانيةٍ نبيلةٍ كما الله، بريئةٍ كما الأطفال، و بديهيةٍ كما البدء، و في البدء كان الله، و كان الإنسان كلمته الأزلية.
البنية/ اللغة:
يبرز حضور الشاعر في النص فاعلاً و مؤثراً إلى درجة التماهي معه، فلماذا يكذب في ادّعاء أن النص يعبّر عمّا يعيشه غيره من أفراد مجتمعه، ولا وجود لـ " هم " إلا في صورة "صديقه" ؟. هذا الصديق هو الشاعر، و الشاعر هو صديق نفسه، في رغبته اللاواعية بلف الحشيش و الاستمناء، و الانحناء حين مراقبة بنات الخبر و استطلاع مؤخراتهن.
يقوم النص على هذه العلاقة التماثلية حدّ التوحّد بين طرفيها/ الشاعر و الصديق :
صديقي يفتّ الحشيش -- > يشعل واحدةً -- > يراقبها -- > نشعر بالجوع.
صديقي يتقن لفّ الحشيش -- > يتقن فنّ الأثداء -- > نبصق دم أسناننا.
و يقابل هذه العلاقة التماثلية بين الشاعر و الصديق، مجموعة علاقات ضدية طرفها الأول الشاعر/ الصديق و هما واحدٌ، بينما تتعدد الأطراف الأخرى كالأم و الخال و بنات الخبر و بنت الجيران و الشرطة.
يمتلك "رشدي الغدير" الفاعلية في النص ليحيله مسرحاً لمأثرةٍ جنسيةٍ دونجوانيةٍ بامتيازٍ، و يبدو ذلك في صورة الفعل و إسناده إلى فاعلٍ وحيدٍ يمتلك هو سببيتها المباشرة "أمصّ، ألعق، أقبّل، جرحتُ، أمسكُ، أتحسسُ، أجيب، أكتشف، أحزن". مقابل مجموعةٍ أخرى من الأفعال التي تبدو من خلالها نزعة المازوخية الواضحة في التلذذ بدور المفعول به في أكثر مواضع النص كشفاً عن النزعة المنحرفة الشاذة عن الفعل الجنسي الطبيعي حين تصير للمؤنث صفة المذكر، يستبدل الشاعر في حركةٍ لاواعية لكن إراديةٍ الأب بالأم و القلم باليد:
"تعاتبني أمي/ تسألني إن صلّيتُ "
"أمسكُ قلمي/ أتحسس رأسه حتى يحمرّ -- > تحكّني يدي باستمرار -- > تجتاحني رغبة عميقةٌ بالاستنماء".
الأنثى السوبر، المخيفة أو الأم العاهرة التي تطال بالدنس مجتمعها بأسره، فيكون الخال شريك مؤامرتها في الرقابة على تفاصيل حياة الشاعر،"خالي محمد/ يراقب حذائي".
الخال مقطوع الرجل يستحث صورة الدم/ المخاط/ اللعاب، في ما يشبه حركة هبوطٍ / انسلاخ لا تقابلها حركة صعود في النص، إلا فعل الهواء العنيد الذي يكره النساء.
سلطة الذكر المفقودة، أنا الشاعر العظيمة الملطخة بعقدة دم الأنثى/ امتناع التمتع بها كأداةٍ جنسيةٍ في أبشع صور إخراج الإنسان من طور إنسانيته، و سرقة حميمية هذه الأعضاء من الجسم، و التي كانت عبر الزمن رموز قداسة و أداةَ فعلٍ للخصوبة و العشق ، لا مجرّد تماسٍّ بين أعضاء تحاول ممارسة الخطيئة و تقديسها ضد الإنسان/ ضدّ الله:
"بنت الجيران تذهب إلى صلاة التراويح -- > تستفز الهواء -- > يفضحها".
"تعاتبني أمي لنومي عن صلاة الفجر -- > تسألني إن صلّيتُ العشاء".
أي فجورٍ تحمله هذه الكتابة؟، أيّ فلسفةٍ عدميّةٍ يحمل هذا "الشاعر"؟.
هي كتابةٌ غرضيةٌ فقدت شهيتها للكتابة، بل هي ادّعاء حداثةٍ، لكنها في حقيقة الأمر حديثٌ لا أكثر، و إن كانت محاولة انتماء إلى سوريالية ما ، فهي سوريالية بغيضةٌ ، و أزهار شرٍّ اختنقت بصورة "لعق الفروج" و نزف العادة الشعرية عند صاحب النص لا العادة الشهرية التي اكتشفها في "بنات الخبر في شارع سويكت" .


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

افتتاح المؤتمر الدولي الثاني عن الآثار في الإمارات‏

03-آذار-2009

لا يشبهنا في الموت أحد

09-كانون الثاني-2009

الذاكرة تحفر في متخيّل شعراء الحداثة في دول الخليج

09-تموز-2008

لغتي ابتداءُ الكون

07-حزيران-2008

تحولات الرّمل: وعي الاستمرارية في التجربة الروائية في الإمارات

02-آذار-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow