Alef Logo
كشاف الوراقين
              

صيدلية اللقاحات الروائية في زمن الحجر الكوروني

مأمون كيوان

خاص ألف

2020-07-11


لم يهتم المؤرخون والعلماء وحدهم بالأوبئة، بل كان للأدب نصيب وافر في اتخاذها موضوعا للكتابة. على مدار التاريخ وحتى يومنا هذا واجه الكتاب والأدباء الأوبئة والأمراض في حفنة قصائد وعشرات الروايات التي تكشف عن حالات الإنسان الأليمة و تثير آمالنا ومخاوفنا.
و كان أدب الوباء موجوداً دائماً، لأن الأوبئة كانت موجودة دائماً أيضاً. وتميز هذا الأدب بالالتزام باكتشاف الدروس المستخرجة من التجربة الحية للذعر، الرعب، واليأس، فضلاً عن قرعه ناقوس الخطر وسعيه لإيقاف النزيف، مهما كان ذلك السعي يائساً، و تحليل الأسباب التي أدت إلى ذلك الوباء، و تجاوز ذلك إلى تقديم تصورات وتنبؤات سلبية وإيجابية لمستقبل البشرية.
وكانت الكوارث الطبيعية ومخلفاتها من أمراض وأوبئة (الطوفان والسرطان وجائحة الطاعون والانفلونزا والكوليرا والتيفوئيد وإيبولا وجائحة كورونا الموضوعات الرئيسة لأدب الأوبئة.
ألوان الطاعون
كانت رواية "الطاعون القرمزي" The Scarlet Plague لجاك لندن، رواية خيالية نشرت في الأصل في مجلة لندن في عام 1912. وتدور أحداثها في عام 2073، بعد ستين عامًا من انتشار وباء قضى على معظم سكان الكوكب.
وتُعد رواية جيوفاني بوكاتشيو "الديكاميرون" The Decameron أشهر عمل أدبي يستخدم الطاعون - الموت الأسود كآلية تأطير يروي بها 100حكاية. ووصف حالات التخلي عن المرضى من قبل الجيران والأقارب والأصدقاء. وهذا العمل تذكير بمدى أهمية رواية القصص للبشر في أوقات الاضطرابات .
أما رواية "قناع الموت الأحمر" The Mask of the Red Deathالتي كتبها إدغار آلان بو، فتدور أحداثها في دير محصنة للأمير السعيد والشجاع والحكيم بروسبيرو. الذي يلجأ مع 1000 نبيل آخر لدير المسورة هاربين من الموت الأحمر، وهو طاعون مرعب بأعراض مروعة يجتاح الأرض. تغلب «الآلام الحادة» و«الدوار المفاجئ» و«النزف الغزير من المسام» (التعرق المدمي) على الضحايا، ويموتون خلال نصف ساعة من إصابتهم. ولا يكترث بروسبيرو وحاشيته بمعاناة السكان عامةً، ويفضلون ترقب نهاية الوباء برفاهية وأمان خلف جدران ملجأهم الآمن، محكمين إقفال أبوابهم. وتروي الرواية محاولات الأمير بروسبيرو تجنب وباء خطير يعرف باسم الموت الأحمر عن طريق الاختباء في الدير ثم يقيم حفلة تنكرية مع عدة نبلاء آخرين ضمن سبع غرف من الدير، كل منها مزينة بلون مختلف. في خضم الاحتفالات تأتي شخصية غامضة متنكرة في زي ضحية الموت الأحمر و تشق طريقها نحو كل الغرف يموت بروسبيرو بعد مواجهة هذا الغريب الذي يتبين فيما بعد أن لا شيء داخل زيه. يموت الضيوف بدورهم واحدا تلو الأخر أيضا. ويتبع هذا العمل العديد من تقاليد الأدب القوطي وغالبا ما تم تحليله بوصفه عملاً رمزياً حول حتمية الموت. وقد نشرت أولا في مايو 1842 في مجلة غراهام.
رواية "الحالمون" The Dreamers لكارين توماس، هي رواية دافعة حول الأطوار التي سنذهب إليها من أجل البقاء. وذلك بعد سيطر الطاعون على بلدة جامعية صغيرة، حيث ينام طلاب الجامعات واحدًا تلو الآخر في حالة من الحلم ، لكنهم لا يستيقظون. يضطر الناجون إلى الحجر الصحي في الحرم الجامعي ويمنعون من المغادرة في حال نقلوا المرض إلى عدد أكبر من السكان.
تعتبر رواية "الطاعون" The Plague 1947" لألبير كامو عملاً كلاسيكياً وجودياً وشهادة على قوة الصمود البشري في مواجهة الموت والمعاناة. يطرق كامو فيها قصة الطاعون في مدينة وهران في الجزائر، أيام الاستعمار الفرنسي، المكان الذي تجري فيه الأحداث. يجمع الكثير من النقاد على اعتبار هذا الوباء المتخيل رمزا مباشرا للحرب العالمية الثانية وانتشار الفاشية والنازية في ربوع أوروبا بلدة ساحلية في الجزائر المستعمرة من طرف فرنسا لدراسة مدى تعقيد الحالة الإنسانية.
أما رواية "كتاب م" The Book of M لبينغ شبرد لعام 2018 فتتمحور حول طاعون خيالي يُعرف باسم "النسيان"، وهو مرض غامض يتسبب في اختفاء ظل الضحية، ومعه كل ذكريات الشخص.
الانفلونزا الكبرى
تدور رواية "جاءوا كالسنونو" They Came Like Swallows لويليام ماكسويل، على خلفية من المرض والخوف ، وحول كيف يمكن أن تكون الحياة في قبضة وباء عالمي. وتصف قصة رواية عنوانها"الانفلونزا الكبرى: أكثر جائحة دموي في التاريخ" The Great Influenza: The Story of the Deadliest Pandemic 2005 ، لجون باري، كيف أنه في ذروة الحرب العالمية الأولى ، اندلعت معظم فيروسات الإنفلونزا الفتاكة في معسكر للجيش في كانساس ، وانتقلت شرقاً مع القوات الأميركية ، ثم انفجرت ، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 100 مليون شخص في جميع أنحاء العالم في 24 شهرًا. أكثر من ضحايا مرض الإيدز الذين قُتلوا خلال 24 عامًا.
وكان تحدي البقاء بعد الانهيار محور رواية مهمة هي رواية "المحطة الحادية عشرة" Station Eleven، 2014 لإميلي سانت جون ماندل. وتقع هذه المحطة في الغرب الأوسط بعد عقدين من تفشي وباء الإنفلونزا الذي قضى على الحياة الإنسانية وفكك الحضارة .. تفكر محطة إميلي سانت جون ماندل إليفن في إمكانات ما قد تظهره الثقافات والمجتمعات الجديدة في عالم ما بعد الكارثة من خلال وجهات نظر الفنانين المتحدين تعتبر محطة إيليفن كيفية البقاء بعد الانهيار الكبير وكيف يمكن للفن أن يذكرنا بإنسانيتنا في مواجهة ظروف لا يمكن تصورها. فقد أبرزت على نحو مؤثر ضرورة الأدب في أعقاب الوباء. وتق� � معظم أحداث الرواية بعد بضع سنوات من تسبب «الإنفلونزا الجورجية» بقتل عدد ضخم من البشر على الأرض، وبعد انهيار الحضارة. تتتبع الرواية فرقة من الممثلين الشكسبيريين أثناء ترحالهم في عربات عبر منطقة البحيرات الكبرى المشوهة على جانبي الحدود الأميركية – الكندية. تقول مانديل: «تحسرنا على لا مبالاة العالم الحديث، لكن تلك كانت كذبة». «المحطة الحادية عشرة» رسالة حب بمعنى ما موجهة إلى عالم مفقود، أي العالم الذي يعيش فيه القارئ (حالياً). تقول إن وجودنا «لم يكن يوماً لا مبالياً أبداً»، والرواية تقدم ابتهالات مؤثرة حول كل ذلك الذي ض� �ع في رؤيا السرد، من المسابح بما فيها من كلور إلى حماقة الإنترنت.
وتحدثت رواية "نهاية أكتوبر" The End of October للورانس رايت، عن وباء يغزو العالم. ولم يتعمد الكاتب الأميركي لورانس رايت أن تكون روايته هذه نبوءة لمأساة كونية، لكن إصدارها أثناء تفشي أسوأ وباء في الذاكرة الحية ليس من قبيل الصدفة تمامًا أيضًا.
وقد تحدث رايت إلى صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن روايته ، فقال إنه أدرك أننا سنكون ساذجين للاعتقاد بأننا نجونا من أفخاخ الأمراض التي تولدها الطبيعة باستمرار. يؤدي الحجر الصحي دورًا كبيرًا في روايتي. وفي روايتي، تفشى الفيروس في أثناء موسم الحج، وتم إغلاق مكة التي يزورها ثلاثة ملايين حاج. كنت أعتقد أن هذه المشاهد غير واقعية إلى أن شهدت الصين وقد عزلت 11 مليون مواطن في ووهان. الآن، تحاول الحكومات في جميع أنحاء العالم فرض إجراءات قاسية مماثلة".
وطرح رايت في الرواية أسئلة مهمة عن عصرنا الحديث، مع سفر المليارات من الناس، والاجتماع والتسوق: ما مدى سرعة تطور هذا المرض؟، ما عدد الذين سيموتون؟، ماذا سيحدث لاقتصادنا وحكومتنا وحضارتنا؟، كم من الوقت يستغرق تطوير لقاح أو إيجاد علاج؟، و يتطلب فعل ذلك من جهود وتمويل.
رواية البلدة الأخيرة على الأرض The Last Town on Earth لتوماس مولين، هي عبارة عن بلدة مطحنة صغيرة ، الكومنولث ، في شمال غرب المحيط الهادئ الذين صوتوا لعزل أنفسهم ضد الإنفلونزا الإسبانية. لا أحد في الداخل ولا أحد. تم تعيين Philip Worthy لحراسة الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى داخل وخارج المدينة عندما يتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سيسمح لجندي ملتمس للجوء بالكومنولث.
وتدور رواية "حصان شاحب" Pale Horseلكاثرين آن بورتر، القصيرة حول قصة حب مرارة وسط الحرب العالمية الأولى واندلاع الإنفلونزا الإسبانية.
زمن الكوليرا
تشكل رواية "الحب في زمن الكوليرا" Love in the Time of Cholera التي صدرت سنة 1985،لغابرييل غارسيا ماركيز من أشهر الروايات العالمية التي شكّل وباء الكوليرا خلفية للأحداث وأحيانا معادلا موضوعيا لها. وأراد ماركيز من خلالها أن يكتب رواية حب بأسلوب غير معتاد في الرواية العالمية، وبأسلوبه الذي اشتهر به الواقعية السحرية أو الجمع بين الواقع الحقيقي والخيال السحري. جعل ماركيز الأحداث تدور في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تشكل الحروب الأهلية ووباء الكوليرا في منطقة الكاريبي إطارا لقصة حب حزينة دامت لأكثر من سبعة عقود.
وكتب عميد الأدب العربي طه حسين في سيرته الذاتية «الأيام»، عن وقائع وباء الكوليرا في مصر انطلاقا مما سجلته ذاكرة طفولته عن فقدان أسرته الصغيرة لأحد إخوته الذي ذهب ضحية هذا الوباء المروع. وجاء فيها: كان الصيف منكرا هذه السنة… كان هذا اليوم يوم 21 غشت من سنة 1902. وكان الصيف منكرا في هذه السنة. وكان وباء الكوليرا قد هبط إلى مصر ففتك بأهلها فتكا ذريعا: دمّر مدنا وقرى، ومحا أسرا كاملة… وكانت المدارس والكتاتيب قد أقفلت، وكان الأطباء ورسل مصلحة الصحة قد انبثوا في الأرض ومعهم أدواتهم وخيامهم يحجزون فيها المرضى، وكان الهلع قد ملأ النفوس واستأثر � �القلوب، وكانت الحياة قد هانت على الناس، وكانت كل أسرة تتحدث بما أصاب الأسر الأخرى وتنتظر حظها من المصيبة.
وباء مُتخيل
ابتكر الروائي البرتغالي جوزي ساراماغو في رواية "العمى" Blindness وهي من أشهر أعماله الروائية التي قادته إلى نيل جائزة نوبل للآداب سنة 1998. وباء غير موجود في أرض الواقع سمّاه وباء العمى، حيث جعل منه موضوعا للتأمّل الفكري في المصير الإنساني بحثا عن نوع آخر من الرؤية أبعد من البصر وأقرب ما يكون من البصيرة، في حين اختار وتنتمي هذه الرواية إلى الواقعية السحرية، أو بتعبير ساراماغو: «إن أعمالي تتعرض لإمكانية حدوث ما هو مستحيل بطبيعته، وكأني أعقد اتفاقا ضمنيا مع قارئي مفاده هو أن ما يهمنا بحق هو التطور المنطقي للفكرة حتى وإن كانت الفكرة ذاتها منافية للعقل، فالفكرة هي نقطة الانطلاق التي يلزمها عرض منطقي وواقعي». في الرواية تتعرض مدينة إلى وباء غريب يصيب الناس فجأة بالعمى، فيحجز المصابون في الحجر الصحي وتعلن حالة الطوارئ قي البلاد وتعم الفوضى كل الأرجاء… إن العمى هنا كناية عن انتفاء القيم الإنسانية التي تقود حتما إلى العمى الفكري.
الوباء مجازاً
عربياً، استخدم الكاتب السوري هاني الراهب الوباء عنواناً لروايته الشهيرة "الوباء" ومجازاً ورمزا لما حل بشخصيات روايته في أعقاب "سفربرلك" من قلق وقمع واغتراب وتهميش، وعجز عن مواجهة السلطة السياسية التي تغتال الإبداع وتصادر حرية الكلمة.
رواية فراق2018 Severance " للينغ ، هي عمل يتميز بالحركة والتهور من جنس أدب الخيال العلمي الساخر حيث يحدث عالم من الزومبي بسبب وباء . هنا تدرس الكاتبة ما الحياة المعاصرة والرأسمالية المتوحشة والثقافة المكتبية بروح من الدعابة الجامدة والعين الراصدة والحريصة على الطقوس والصلاة التي تجبر بطلها على القيام بجهد أكثر من أجل البقاء في بيئة ما بعد نهاية العالم.
وتدور أحداث رواية "الرجل الأخير" Man (1826) لماري شيلي التي كانت رائدة لرواية الوباء، في عام 2073. وهي رواية من الخيال العلمي، نُشرت أول مرة في عام 1826. تتحدث عن عالم مستقبلي دمره أحد الأوبئة. تلقت الرواية تقييمات قاسية في ذلك الوقت، وكانت غير معروفة تقريبًا حتى ارتقاء أدب الكوارث في ستينيات القرن الماضي. وتخترع شيلي فيها، خدعة مفادها أن ما تقرؤه مستنسخ من مخطوطة تحتوي على نبوءات قديمة اكتشفتها الكاتبة نفسها، بينما كانت تستكشف كهوفاً خارج نابولي احتوت ذات يوم معبد الكاهنات كيوماي.
أدب التيفوئيد و إيبولا
نُشرت رواية "تيفوئيد ماري Typhoid Mary " لأنطوني بوردين، سنة 2001. وتعبر عن القصة الحقيقية والمثيرة للسعي وراء مطابخ مدينة نيويورك التي كانت بحلول أواخر القرن التاسع عشر ، قد وضعت حدا لتفشي حمى التيفوئيد الذي أهلك سكان المدينة. يكشف أنتوني بوردين عن الظروف المروعة التي سمحت بانتشار التيفوئيد القاتل على مدى عقد من الزمان.
المجموعة القصصية "المناعة والتطعيم" On Immunity: An Inoculation " 2014 لإيولا بيس, تتضمن قصصاً تتناول بيس مخاوف مجتمعاتنا السائدة حول البيئة والمؤسسة الطبية بالاعتماد على تجاربها الخاصة باعتبارها أما جديدة لاستكشاف علاقتنا المعقدة بالمرض والعدوى. تستدعي بيس الفلكلور والتاريخ والعلوم في حساب اللقاحات والأمراض والترابط.
وفي رواية "إيبولا 76 " ورغم تعدد روايات الأوبئة والأمراض فإن الروائي والطبيب السوداني أمير تاج السر وضع بصمته الخاصة في رواية أكثر واقعية، بأمكنة حقيقة وتاريخ حقيقي.
كورونا الصيني
تدور أحداث رواية "عيون الظلام" The Eyes of Darkness للكاتب الأميركي دين كونتز، التي نشرت عام 1981. و ها في مدينة صينية اسمها ووهان يتسبب فشل مشروع إنتاج سلاح جرثومي يجري تطويره في مختبراتها في انتشار مرض خطير يفتك بالناس تباعا ويثير الذعر على نطاق واسع. وتمحور فصلها الخاص بالسلاح الحيوي "ووهان-400"، وهو فيروس بيولوجي تم إنشاؤه في مختبر، سيتحول إلى وباء ينتشر في جميع أنحاء العالم. مما جعل جمهور من الناس حول العالم يربط الرواية بنظريات المؤامرة.
وتمت الإشارة إلى أن تسمية اسم الأسلحة البيولوجية في الطبعة الأولى من الرواية كان "Gorki-400". قبل أن يجري تغييره لاحقًا لتعاد تسميته بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991. وأن معهد ووهان لأبحاث الفيروسات، والذي يضم المختبر الوحيد من الدرجة الرابعة للسلامة البيولوجية في الصين، هو الأعلى من نوعه للمختبرات التي تجري دراسات على أخطر الفيروسات، يقع على خارج مدينة ووهان بعد 32 كيلومترا. وكان افتتاحه في عام 2017 وتحدث عنه مقال في دورية الطبيعة حذر من المخاطر على السلامة التي يشكلها المكان. لكن تم تفنيد نظرية المؤامرة من قبل علماء توصلوا بعد دراسة بنية الف يروس بالتفصيل إلى أن كورونا المستجد هو تطور لفيروس آخر ولم يتم تحريره من قبل البشر أو الآلات. ولذلك قد يكون دين كونتز، مؤلف "عيون الظلام" الذي كتبها عام 1981، أول من تنبأ بفيروس كورونا فقط، ولعل من أهم مهام الروائي استشراف المستقبل.
كما أن المصادفة هي مصادفة محضة لا يمكن تحميلها أكثر مما تحتمل لأن ذلك قد يقود إلى السقوط في فخ التهويل والتهوين في آن معاً.
الإغلاق التام
وسردت رواية "الإغلاق التام " (lockdown)، الكاتب الاسكتلندي بيتر ماي، التي مُنع نشرها قبل خمسة عشر عاماً، بحجة عدم وللاقعيتها في تصوير وباء قاتل، وقائع جائحة قاتلة تسبب الخراب في جميع أنحاء العالم، ويتخيل كاتبها، لندن كمركز تفشٍ عالمي. وتمحورت أحداثها حول أحد محققي الشرطة الذين يتقصون حادثة مقتل طفل بعد اكتشاف عظامه في موقع مستشفى مؤقت. ولم تكن القصة مبنية بالكامل على خيال المؤلف، إذ استند إلى وثائق التأهب للجائحة البريطانية والأميركية من عام 2002، لجعلها واقعية قدر الإمكان، ورغم الاختلاف الكلي بين إنفلونزا الطيور والفيروسات التاجية، فإن سينا� �يو الإغلاق بالرواية يقترب مما يحدث حالياً، إذ يعزل ملايين الأشخاص أنفسهم، لمنع الفيروس من الانتشار.
وقال الكاتب بيتر ماي، في حديثه لشبكة "سي إن إن" الأميركية، بأنه عندما كتب الرواية، كانت توقعات العلماء تشير إلى أن إنفلونزا الطيور قد تكون الوباء العالمي المقبل. وتابع، "لقد كان شيئاً مخيفاً للغاية، واحتمالاً حقيقياً، لذلك أجريت الكثير من البحوث، وخرجت بفكرة؛ ماذا لو بدأ هذا الوباء في لندن؟ ماذا يمكن أن يحدث لو أغلقت مدينة مثل هذه بشكل كامل؟".
وتحدث كولسون وايتهيد في رواية "المنطقة الأولى" Zone One عن فيروس أهلك سكان العالم، وحول الضحايا إلى نوعين: وحوش أنموذجية تأكل اللحم، و"المتشردون". ويمكن القول أيضًا إن هذه الرواية تتميز بروح الدعابة القاتمة.
واستكشفت رواية " I Contain Multities " 2016 لإيد يونغ العلاقة المعقدة بين الميكروبات وبقية العالم الطبيعي، باستخدام عناصر العلم والتاريخ لشرح عجائب جسم الإنسان. وعن طريق استخدام الفكاهة والفكر يشجع يونغ قراءه على تحدي الطبيعة وكيف نعيش في العالم ليس كأفراد بل كمجموعات ذات علاقات مترابطة. وفي السياق نفسه، كانت رواية "حرب الفيروسات" للكاتب المصري نبيل فاروق.
والأمر المثير هو أن كبار الأدباء في العالم كانوا الأطباء، لكنهم لم يكونوا صناع أدب الأوبئة، ومنهم: أنطون تشيخوف، أحد أهم أعمدة الأدب الروسي، وآرتور شنيتسلر الألماني، وفرديناند سيلين الفرنسي، والاسكوتلندي آرثر كونان دويل صاحب شرلوك هولمز، والسويدي بير أولوف إينكويست و الفرنسي المولد إنجليزي الجنسية وليام سومرست موم ويوسف إدريس ومصطفى محمود و محمد المخزنجي وأحمد خالد توفيق وعلاء الاسواني وعبدالسلام العجيلي وهيفاء بيطار و رجاء الصانع و منذر القباني و عبدالله مناع.
ويُستخلص من هذه الجولة السريعة نسبياً في أروقة مكتبة أدب الجوائح والأوبئة والأمراض والكوارث الطبيعية، وجود تعددية في اتجاهات كتاب روايات هذا الأدب. والتي تتراوح بين الواقع والخيال، وبين قرع أجراس الخطر والتبشير بمستقبل أفضل للبشرية، وبين التصوير الدقيق لمآسي ضحايا الأوبئة وتخيل علاقات تضامن بين الشعوب والأمم.
المصادر:
1. عبده حقي قراءة مقتضبة في 9 كتب أدبية أرخت لأخطر الأوبئة والأمراض، موقع بانيت وصحيفة بانوراما 17/3/ 2020 . https://panet.co.i
2. محمود قدرى أدب الوباء يواصل الظهور مجددا 17 /3/ 2020 https://elbashayer.com/25
3. سامي خليفة، لورنس رايت: ما أردت أن تكون "نهاية أكتوبر" نبوءة لتفشي كورونا"إيلاف عن " نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط:
4. https://www.nytimes.com/2020/03/12/books/review/lawrence-wright-end-of-october-pandemic-novel-essay.html
5. عماد بابكر، الطاعون والأوبئة في الروايات الأدبية.. من سيكتب حكاية كورونا؟، الجزيرة نت 5/3/2020.
6. https://www.goodreads.com
7. صحيفة اندبندت عربية 6 /4/ 2020.
8. https://ar.wikipedia.org
9. https://www.amazon.co.
10. مراجعة الروايات التالية: رواية "الأيام" لطه حسين، "الحب في زمن الكوليرا"، غابرييل غارسيا ماركيز،"العمى" للكاتب البرتغالي جوزي ساراماغو، "عيون الظلام" The Eyes of Darkness للكاتب الأميركي دين كونتز،"الطاعون" لألبير كامو، رواية "الوباء" 1981، هاني الراهب و"الرجل الأخير (The Last Man) لماري شيلي.
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

صيدلية اللقاحات الروائية في زمن الحجر الكوروني

11-تموز-2020

تعرف على مصائر حكام إسرائيل

22-شباط-2020

تهويد المكان الفلسطيني المهمة المستحيلة

05-تشرين الأول-2019

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow