Alef Logo
ابداعات
              

شعر / العوسج

هنادي كدو

2007-08-17

ذاكم أنا
أجوب كالسرب
وذاكم أنا
من لا تجرؤ على الهبوط ..
القلب الهادئ
الوقت المسفوح على الصفحات البيضاء

ذاكم أنا . الياسمين
أسوارٌ وقِلاع ..
عصفور الوقت الباكر
أغنيةٌ للجثث
موجَزُ مدينةٍ والتفاصيلُ آتية
مسكونةٌ بالبلادة والعشق
مسكونةٌ بالصبر ..
فناموا قليلاً ..
ناموا ..
كي أرى جسدي
مغروساً في كلّ الأشياء
وغريباً عنها
*
ذاكم أنا
أنثى البوح بين الصبا والسوسنة
دوزنتُ القلبَ على رفّات الحمام
تعرّقت يداي وأنا أنسج السلّة
التي أخبئ فيها السؤال والخنجر
يا مدينة تطارد ظهريَ المكشوف
منذ قرون
وأنا أحمل عينيّ وأزرعهما خلفي
فأين أنـام ؟!
تحضرني الحرائق
أشتهي السماء فأبوح ..
التهمتُ نصفَ نفسي
والنصف الآخر لا يهدأ
ظلّ يُمازح الياسمين
*
ذاكم أنا ..
ورائحة النار تعلو ..
يطول الكلام .. ونقطةٌ فيّ
تبتلع كلَّ التفاصيل
يخبو الهائج مثل زمان تلاحقه السكين
مَن يسامحني الآن .. سوى قلبي
إنّها البلاد تخترع السوطَ والعَسس
وأنا أخترع الياسمين والهوى
إنّها البلاد تزفّ القحط إلى الصبّار
وأنا أزفّ النخلَ إلى الأنهار
وفرحَ اللون إلى الجوري
وهذا العشقَ إلى الأشعار
حافٍ عشقي فوق الساعات المسرعة
ولم يكُ يستر صدري
سوى الثوب والخطيئة
وللطرقات أومأتُ ..
هلمّي بيَ الآن
اغتصبي الروح
بيضاء هذي الروح
خضراء هذي اليمامة
*
إنهم يقتادونك سفرجلةً إثر صحراء
ثمّ يمرّون باللون
على جسدِك المفرغ من الأعشاش
لا شيء يعطي الريح بهجتَها
سوى الخراب
فاعصفي إذن
بالذي يؤخّر المساء
ثانيتين عن ملامسة الرائحة
وتتساوى الفصول
ذاكم أنا
لي من النار الرماد
ومن الحلم الأسى
لي من الشرائع الانصياع
ومن العيون المخارز ..
في وحدة الهدوء
تركت الدرعَ والنشيد
تركت القصيدة ممدّدة
معلّقةً في الليل
وحمّلت النهرَ شموعي
لعلّ الخِضْرَ مازال ينتظر النسوة
على بوّابة البحر البعيد
ويبني لخَزَف الأماني أعشاشَها
يحتضن أحلامَ نسوةٍ
ملّتْ مداسات الأرصفة
ويعلن في الوقت الصهيل
وحين فتحت نافذتي للذي قد يرسو
مال المدى على كتفي
وهمس في رئتي :
لم يبقَ الكثير
.. لم يبقَ الكثير
ونشاطر البحرَ الزبد
نُلقي على الحائط ظلَّنا ..
ونمضي
كم بنينا من الفخار قِلاعاً
وكم شتمنا الصبحَ ..
فانكسرْنا
*
تعلّقتُ بساق الوطن ذلاً
جررتُ ياقتَه البيضاء
أبحرتُ مع الغرقى أنادي الوطن
ها نحن ..
ها السماء ..
ها النشيد الأزرق ..
ها الدماء ..
فلِمَ لا تكتمل دورتُك الدمويّة
إيذاناً بالحياة ؟
فعدنا مهزومين
علّقنا خوذاتنا في الهواء
كاعتراف أخير
بأنّ الهزيمةَ تأتي من ستِّ جهات !
نحن الراسخون في الهواء
أين نروح ؟
اليومَ أين نذهب ؟
والساعةَ أيّ هاويةٍ نختار ؟
وأيّكم سيصاحبنا الآن ؟
أيّ الأقمار سيلقي بمرساة الضوء
على عتمة هاماتِنا المحنيّة ؟
وأيّ زبد سيطفو ؟
حين توحّدنا بالبحر
بدويّون..
لا نفقه بالمدّ .. ولا بالجَزْر
فرمانا الموج بعيداً
احتضنتنا الصحراء عميقاً
وفيها أسندنا الساعدَ لليباس
فنادانا الرمل ..
تعالوا ..
أطشّكم في العيون حديقة
*
ذاكم أنا .. لا أسلّم
ثانيةً .. لا أيأس
ثالثةً .. أقاوم
وأشاطر السلمون السبيل
ذاكم أنا لا أسلّم
لكنّ العيون تتفجّر دون انتباه
فهل من أحد
يستطيع الآن البكاء مثل البكاء ؟
من يخفي قلبَه بمحفظته
ويصرف كلّ الحلم مساء ؟
فلْتبتلعْني الشوارع كما تشتهي
ولْتلقِ شكل القلب على الجدار
تفّاحةً ..
وسهماً يخترقها
من الجنوب إلى الشمال
*
ذاكم أنا والبلاد
أمنيةُ النفَس الأخير
أبقى مرتحلةً فيها
ويبقى الآخرون شوقاً ومسافة
وأصواتهم تدمدم .. الخيبة ..
الخيبة يا سنديان
لا ورد للفَراش
لا طلْع للقاح
لا نشيد للغناء
ولا وراء كي أسند ظهري ..
لا جدار ..
هنا تعبت قدماي
وهنالك سجّلتُ عبور الريح إلى منفاها
وما بينهما كان انتحارُ الفرات بطيئاً
*
ذاكم أنا
تغمرني اللحظة المتيقّظة
يعبرني النهر إلى ضفّتي الأخرى
أسحب من كوخيَ الأبديّ الهَرِم
أعضائي المنقرضة
تشتعل حواسّيَ المُطفَأة دفعةً واحدة
فأضجّ على الرمل
على البلد المُلقى
كيف ..
كيف تحوّلتَ - يا قلبُ - إلى منفى ؟
هل كنت قتيلاً ؟
أم كنت ميتاً أكثر ممّا يجب ؟
ثمّة خيولٌ دعتْني للعدْوِ
وثمّة جدران تشهد على ارتطامي
تلاعبني المرايا
في فسحة المساء الوحيد .. وتنكسر
ألاعب شكل الأقحوان
المحفور في الأصوات وأنكسر
لم يبقَ فاصلٌ
بين حدود الأغنية واندثاري
وأنا لستُ إلاّ امرأة
احتارتْ ما بين هجوع الروح
وما رسّبتْ أواني الحقول
من هلع السواقي
أمضي بين وترين ونجم صبح
أدندن باقيتي على مقامٍ مكتوم النواح
يسلبني إيقاعٌ غجريّ القلب
وتُرجِعني ترنيمةُ يقظتي
لأستفيقَ على زقزقة المطارق
هل مرّ العشاقُ من هنا ؟!
هل ابتدؤوا من مضغة القلب الأكيدة ؟
أدقّ بيبان ذاكرتي
فينهمر العمرُ زخّةَ ليل
يحصدها الصمتُ وإرث المماليك
*
ذاكم أنا
كنتُ وحدي ..
حين عبرتْ عليّ المدينة ولياليها الموحشة
قفْراً .. وتكاثراً .. وصلاة
ولمّا أفلتتْ من بين أصابعي روحي
كنتُ أحلم
أنطق بالمدينة
بالتي تعتصر الخيرَ على شفة المساء
حين ذاك
كانت تهزّ القلبَ كناقوسٍ مفجوعٍ للتوّ
وناديتها : يا أمّ الغرباء ..
يا أمّ الغرباء
أوصيكِ خيراً بالقلب
وما تبقّى من الحلم
وآخر تخوم أوهامي
أوصيك بأيّ سراب
أشعلي نارَكِ ..
شوارعَك
دفاترَ عشقِك ..
تبغَك ..
ويُمطر العوســـج !
* * *


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

صباح الخير .. يا وطن

06-أيلول-2007

شعر / العوسج

17-آب-2007

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow