Alef Logo
ابداعات
              

صباح الخير .. يا وطن

هنادي كدو

2007-09-06

لا ..
لم يكن أوان الموت بعـد
ولكنّا شيّعْنا الكلمات كلَّها
سيّجنا الساحاتِ شوكاً ، والمضاجع ..
وقلنا للغة : نامـي
سنغادر عند الفجر إلى متاهاتنا البعيدة
سنموت قليلا
مسافة يوم .. يومين .. أعوام
ريثما يعبر المجنـزرون سدّة الخوف
ريثما يهدأ لهيب الحدائق
وتنسج العناكبُ بزَّتَنا الأخيرة ..
سنموت قليلا
*
مهلاً ..
تمهّلْ يا وطـن
خذ شكلَ القمم لتصعدَك الأسباب
وتمهّلي يا أرض
قبل أن تشهري السِياط
سيّئون .. نعم
رديئون .. نعم
وفارغون
لكن لا تلومي البحرَ لهشاشة الزَبد
ولا انفلات الشفق من وجه العاصفة
لا ..
ولا انتحار المطر في حضن غيمة
- أدّينا الجزية
- دفعنا الجزية كاملة
وإن انتظرنا نكون الوليمة
فاعذرينا .. سنموت قليـلا
ربّما تقرأ الأرض أحلامَنا أخيراً
فلنا حلمُنا الألق
لنا أن ننبتَ في الأرض كالعشب
ونفرد صوتَنا كجناحَي الريح
فمن سرق الغيمة ؟!
مَن كذّب اليمامة ؟!
مَن صلبنا ألفَ عام
ألفَ عامٍ وزوّرَ القيامـة ؟!
*
هروباً ..
هروباً ..
وبالتساوي
فلن يأخذ البحرُ أكثر من حصّته فينا
ولن تعبرَنا الجنازةُ مرّتين
مرّت الأسرابُ كلّها
وانفضّ الشعراء كالريش
فما الذي تنتظرينه بعد ؟!
وماذا تريدين ؟
من قصيدةٍ تموت بين جملتين
وعشبٍ ينبت بين حربين
نحن أَولى بالرحيل
نحن أَولى بالعويل
نحن أولاد الصهيل
قلنا كفى
ولْتبتعد كلّ العيون
ولْيحذر النخلُ الخجول
سنرمي عن كتف الأشجار أسماءَنا
ونعري الأجسادَ قُدّام الليل
ولْنرَ ..
أيّنا العاري
وأيّنا المستور !
*
لم نكن ندري أنّ الأرض
تسلخ عنّا أوتارَنا
وترمينا حطَباً ملتوياً
تسجرُه الفيافي
حتّى الخوابي من لسع الهواء تبوح
سلاماً .. يا روح
يا رعشة المذبوح
يا معبر التاريخ
يا مضيق مَن وقفوا على المآذن
ليشعّوا نخلةَ من ضيّعوا النوق وأناخوا
سلاماً يا روح
كم مرة قلنا للبحار
أنتِ البحار .. فتبرّجي
وارمي بزينتِكِ البهيّة
على أعوادنا الشاحبة
صفْرة .. وضياعاً
أَكلّما غادَرَتْنا الأشجار
فزّت الأمطار من بين الأصابع ؟
أكلّما ضاقت في الوطن حديقة
فتحنا للعصافير الصدور ؟
وإذا ما جُنّ الليل
ملأنا الصفحات دوائر
ونظلّ ندور ..
ندور
هل نرسم على الجدران بابـاً
ونقول مــدى ؟!
هل نرسم التراب
ونخترق السراب
ونقول خُطــا ؟!
هل نستأجر من الحكاية
وطناً .. ومدفأةً
وشالَ الجدّة العتيق ؟
لا ..
الآن يشتعل حطب الروح حريقْ
ولنا
كلّ ما لنا
أن نركض كالأسرى
ونصيح في البراري :
يا أللـه
النجدة يا أللـه
إننا نغادر
يا أللـه .. يا العالي
ما الذي جنَتْه السواحل ؟
كلاماً ..وأشياء غامضةً .. وزَبـدْ
أَما من ترابٍ آخـر
نطمر فيه أرواحَنا ؟
ولا نعود من آخر الليل
رحىً .. ودوائر .. وزَردْ
سبحانَ السؤال
كم طاف بنا
كم طال واتّسع
يا أيها القادم من تعبٍ ومن ضَعف
لا تحفظ عن الصحراء شيئاً .
بوسع المقابر أن تنهارَ على ساكنيها
وبوسع الحياة أن تحصي الخسائر
و ( على قَدْر أهل العزم )
تأتي الهـزائم
*
عَبثاً كنّا نغني
عبثاً كذّبنا الزنازين
وصدّقنا القصيــدة !
انتظرنا طويلاً
وانتظرنا .. طويلا
لعبور النهر .. دفّةَ سفّان
وزنْدَ فراتي
لعبور الحياة .. صرختَنا الأولى
لعبورِنا إلى الله .. دكّةً
ويدين مستسلمتين للرحيل
وأمام الوطن
أعني الأزرق .. الأزرق
كان هنالك ممرّ شاحبٌ وطويل
وكان الليل بارداً ، ومارداً
تكدَّسنا على بعض
وعلى بعضٍ كنّا نميل
- هل تكدَّس أحَدٌ مثلما تكدّسْنا ؟!
منذ قرون ونحن هنا
في ذات اللحظة
وذات الدمعة
وذات الصهيل
*
جاء الغزاة
رحل الغزاة
تركوا أمتعتَهم الثقيلة
عافوا أسرَّتَهم وأحذيتَهم لننامَ فيها
أيّ بلادٍ هذي ؟
تنسج الأثوابَ لعري سواقيها
وتصبغ بالحِنّاء أكفَّ سارقيها
جاء الغزاة
رحل الغزاة
وضيّعنا دربَ الله
بين السنّة والاجتهاد
بين الشورى والقياس
فيا حنابلةَ القرن العشرين
شدّوا الوثاق أكثر
فمازال هنالك طفلٌ يرتجف
وتبكي رائحة العنبر
وما تمّ الذبحُ على الشريعة تماماً
وإن ذبحتم فأحسِنوا الذبح
فبعض حجيج الله يحلقون قبل النحر
وبعض ضيوف الرحمن
يعتصمون بالكعبة سرّاً
ويا أغطية الغزاة لا تكترثي
فلم يبْقَ باق
على قدمٍ وساق
نُجَزُّ جيوشاً وفرادى
*
يا أرض كوني رملاً وغبارا
باسْم كلّ المعادن
غَزَوا ضحكاتنا
فتَّشوا الجيوب والجدران
فتّشوا أوردة القلوب والأعناق
نبشوا الأحلام والمقابر
فصبراً
صبراً
صبراً وبالتساوي
لنا أجرُنا يوم الدِّين
نحن الفقراء والغارمون
اليتامى والمساكين
لنا أجرنا يوم الدين
نخن أبناء السبيل
سيهبنا الله أشرعة وفضّة
يا للحياة الدنيا
يا للآخرة الأولى
آه ممّا ودّعنا فينا
وكم تركنا أشياءَنا موزّعةً بين القبائل
لنغفو بين إرث المماليك وأمّ المعارك
- طوبى للأنبياء الجدد
- طوبى .. ليالينا الحزينة
من هنا
من هذا الدرب .. من هنا
لكنّ المسافة بين الحياة وبيننا
أبعد من موجتين لا تلتقيان
وأقرب من خوفنا المتلاطم
على ساحلٍ ليس لنا
من هنا
من نقطة لا بعد لها
من صفر يعرّش فوق الذاكرة
من صمت يداري الصمت يحتكر البلاد
باسمي
باسمك
باسم ضلوعي الآسرة قلبي
نطعم هذه الجهات للنار
*
لم يعد هنالك متّسعٌ من الزمان
لنعيد صياغة السؤال
لم يعد هنالك متّسع من المكان
لنجد لنا مقعداً شاغراً في هذا الغبار
لا شيء يرفعنا
لنهدي الوقت سنديانَ قامتِنا
لا شيء يدفعنا
لنعود من النهاية مقفلي الحواس
*
كنّا نعدّ الكلمات رخاماً للملهاة
ونصوغ لأصابع الغد خواتمَ الوهم
حتّى ألِفنا الروح ترقص في المأساة
رقص الفراشات المعلّقات في المدى
حفاةً عبّدنا عتبات من رحلوا
وحفرنا الطرقات
لنسمع أنين وحشتِنا مليّا
كنّا
وما عدنا
هذي الكنانة
وهذا ما غنمنا
فاتركينا يا أرض
نستريح قليلاً أو نموت قليلا
أعدّي لنا المراثي
واستعيري ممّا خبّأنا فيك
من تراب المشاهد
قصّي علينا جدائلَك الطويلة
شقّي الثياب
دقّي يا حزينة على الصدر
خرّبي وشمَ النحر
وصيحي عند الفجر
يا الأوّلون
يا الأوّلون
يا الأولون .. يا الأولون .. يا الأولون
يا الأوّلــــون .
* * *

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

صباح الخير .. يا وطن

06-أيلول-2007

شعر / العوسج

17-آب-2007

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow