Alef Logo
ابداعات
              

غمامٌ على القلب

سميح محسن

2008-08-01


(1)

بأيِّ العيونِ أُجَمِّلُ زهرَ البنفسجِ
أو زهرةَ البيلسانْ
بغيرِ بهاءِ عيونكِ ؟!!
يا شعلةَ النارِ
تلكَ التي أوقدتْ شمعةً في الطريقْ
أضاءت مجاهلَ روحي؛
سَقَتْ وردةً في الجوارحِ
ذبَّلَتها السنينُ اليبابْ
أزاحَتْ عن القلبِ ذاكَ الغبارَ الذي كوَمتهُ السنينُ الطويلةُ
فاضَتْ عليَّ بنهرِ الحنينِ
إلى زهرةِ العمرِ
رَجفةِ الشعر
همَّتْ؛
على عجلٍ
تودعني للرحيلْ..

(2)

لِمَاذا التَعَجُّلُ
في وصفِ هذا التحوّلِ
يا امرأةً كونتها البراءةُ ياقوتةً في انحسارِ البداوةِ
تتقنُ فنَّ البساطةِ
في اللفظِ، واللغةِ البِكْرِ
تعطي لكلِ المعاني معانٍ جديدةْ
تُغَسِّلُها بالندى
زهرةِ اللوزِ
والأقحوانِ
وتكسرُ وحدتِيَّ القاتلةْ
لِمَاذا التَعَجُّلُ
في وصفِ هذا التحوّلِ
يا امرأةً لا تجيدُ البلاغةَ في الوصفْ؛
تصحّرَت الروحُ
أدخلُ في الرملِ دونَ اتجاهٍ
وأمشي بغيرِ دليلْ...

(3)

غريبٌ يُصافحُ وسطَ الصحارى البعيدةِ ظلّ الغَريبةْ
ويقتربانِ من الموجِ والنارِ
والموجُ عالٍ
يلامسُ سطحَ الفضاءِ
ويكسو الجبالَ بثوبِ البياضْ
للبياضِ دلالتُهُ في المعاني
أنذهبُ نحوَ البدايةِ
نقطعُ هذي المسافةَ
ندخلُ في عتمةِ الليلِ
والليلُ يُدْخِلُنا في الزحامْ
الشوارعُ أرحبُ من خطواتِ غريبينِ
أوسعُ من حدودِ المباني
المتاجِرِ
ثرثرةِ العابرينَ
المقاهي
الضجيجِ
السكونِ
الأغاني
البلاغةِ في الوصفْ
وأضيقُ من خطوات حبيبينْ
يسيران تحت ضياءِ القناديل...

(4)

غمامٌ على القلبِ كالليلِ في شهرِ كانونْ
وعيناكِ نهرٌ من الدمعِ
بلّلَ آخرَ حرفٍ حواهُ الكتابُ المقدسْ
لنا في الكتابِ نشيدُ الأناشيدِ
للآخرينَ الأماني
المواعظَ
ما يشتهونَ من الكلماتْ
ولكنَّ قلبَكِ،
هذا الفَتِيُّ،
لماذا يغالِبُهُ الحزنُ
يعبثُ فيه الجنونْ
وهذي العيونْ
لِماذا يُذَبِّلها الدمعُ
يخطفُ منها البريقَ
بهاءَ البراءةِ
يمضي إلى بَطنِ وادٍ تَظَلَّلَ بالعُشبِ
لونِ السفرجلِ
يجري
بدمعِ العيونِ يسيلْ..

(5)

سوادٌ على القلبِ يا صاحبِي
وفي القلبِ جرحٌ قديمٌ
مساءٌ ثقيلُ
وقلبٌ عليلُ
وليلٌ طويلُ
ودمعٌ يسيلْ
جبالٌ من الثلجِ تسكنُ روحي
وهذا اليبابْ
يطيرُ الحمامُ بعيداً
بعيداً، بعيداً عن العينِ
والأصدقاءُ يمرون مثلَ سحابةِ صيفٍ
توارى الحمامُ وراءَ الغمامْ
توارت بلادٌ وراءَ الغيابْ
سرابْ
ولا شيءَ آخرَ غيرَ السرابْ
يموجُ على سعفتيِّ نخيل..

(6)

أقولُ: أحبكِ يا زهرةَ اللوزْ
تقولينَ: شأنكَ
قل ما تشاءُ منَ الوصفِ
والحزنُ يرسُمُ ألوانَهُ بابتهاجٍ غَريبٍ
على وجهِ طفلٍ يُشِعُ بنار البراءةِ
أنتِ التي تُسْلِمينَ له الروحَ
يعبثُ ـ كيفَ يشاءُ ـ بتكوينها
يحطَّمُها فوقَ ألواحِ الزجاجِ
رذاذٌ على القلبِ
وأنتِ تلمّين في أولِ العمرِ منهُ الشظايا
تصيرُ الشظايا مرايا
القلوبُ مرايا مُحَطَّمَةٌ كالشظايا
والمرايا الشظايا
خزائنُ هذا الزمان الثقيلْ...

(7)

سماءٌ معلقةٌ في فضاءٍ بعيدْ
غيومٌ تغطي سماءَ المدينةِ
هذا المساءُ الشتائيُّ أبردُ من كرةِ الثلجِ
نجومٌ تدلتْ على وجنتيكِ
أضاءتْ عيونُكِ تلكَ النجوم
النجومُ تضيء الطريقَ عليّ
تمرينَ تحت ضياءِ القناديلْ
شتاءٌ يباغتُ سربَ الحساسين تحتَ الشبابيكِ
تحجبُ عنها الستائرُ دفءَ المكانِ
وأنتِ اليمام
تمرينِ وحدكِ مثلَ الغريبة
هذي المدينةُ ليستْ لنا
شتاءٌ ثقيلُ
طريقٌ تطولُ
سريرٌ مغطى
بنارِ البراءةِ والذكرياتِ الأليمةْ
بهذا الغيابِ المفاجئِ للأصدقاءْ
وقد رحلوا فجأةً
والحقائبِ
إذْ أصبحتْ ظلَّّنا في البلادْ
شوارعُ أضيقُ من خطوتي عاشقينْ
سماءٌ؛ نجومٌ؛ غمامْ
شتاءٌ؛ يَمامٌ، سلامْ
سلامٌ عليكِ من القلبِ يا وهجَ الروحِ
دفءٌ؛ سلامْ
حروفٌ تُذَوِّبُ عنكِ البرودةَ في الليلِ
تبعثُ في الجسدِ المتعبِ الدفءَ
وتسألُ:
نذهبُ نحوَ الحكايةِ
أم نمتطي صهوةَ الريحِ
دربٌ طويل...

(8)

لِمَاذا التَعَجُّلُ بالأمرِ
والأرضُ أصغرُ من حدقةِ العينِ
حينَ نَشاءُ
وأرحبُ من موجِ بحرٍ
حدودِ السماءِ
الفضاءِ
خيالِ الرعاةُ
النساءِ اللواتي يفضْنَ بنارِ الأنوثةِ
وحينَ نشاءُ تموجُ البحارُ
تحاولُ أنْ تُفْلِتَ الروحَ منها
وتودِعَ أسرارَها في تعاريجِ القلوبِ الجريحةِ
تعلو وتهبطُ
تمنحُ هذا الخيالَ الشقيَّ الجنوحَ
إلى آخرِ رعشةِ عشقٍ
ورشفةِ حزنٍ
وترسو على شاطئِ الزمن المستحيل ...

(9)

رصيفٌ يضيقُ بنا
يضيقُ المكانُ
الزمانُ
المدينةُ
(هذي المدينةُ ليستْ لنا)
تضيقُ البلادُ
تضيقُ بنا الأرضُ
تَهربُ نحوَ الرصيفِ
وأذهبُ نحوَ الرصيفِ المقابِلِ
نمضي بدون مواعيد
ندخلُ وسطَ الزحامْ
الضجيجِ
الغيابْ
أغيبُ
تغيبُ
وأسألُ:
هل نلتقي في صباحٍ جميل ؟!!

(10)
سأصعَدُ وحدي الجبلْ
أطلُّ
على صخرةٍ شكّلتْها الرياحُ وأحفر ظلَّ
الغزالةْ،
وحكمةَ راعٍ تَدَثَّرَ بالثلجِ
أدفأ ظلّهْ،
أرسمُ سهماً وقلبينِ
اسميّ حبيبينِ
حرفَيّ عطفٍ وعلّة
وأبعثُ في الحرفِ قولَه
وأدخلُ بابَ المغارةِ
علّي أصيرُ نبيّاً
لأمشي على الجمرِ وحدي
بغيرِ أدلّةْ
وأمضي سواءَ السبيل..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر فلسطيني مقيم في رام الله

[email protected]

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

على هذه الأرض

11-أيار-2009

في تفسير سورة الرعد

08-أيار-2009

غمامٌ على القلب

01-آب-2008

يَمامٌ يَحُطُّ على ظهرِ جُمّيِزَةٍ

14-تموز-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow