Alef Logo
ابداعات
              

مسرحية ساخرة / أهلاً جحا ج2

أحمد اسماعيل اسماعيل

2008-05-15


اللوحة الثانية


هكذا :
لا يقين ،
لا جسارة ،
لا خزَّافين ،
لا قلبَ يُلقي بظلاله على الفكاهة،
لا هبوبٌ، بل نفخٌ من فم الظلام
سليم بركات


(ساحة عامة في المدينة نفسها، تقع خلفها حديقة بناء مهيب، يدخل الحمار وهو يضحك، بدخل بعده جحا وهو يلهث من شدة التعب، الوقت نهار)
جحا : (بغضب) أقسم أني سأضربك.
الحمار : (يضحك) ..
جحا : كفًّ عن هذا النهيق.
الحمار : لا تغضب يا أخي.
جحا : لا تقل يا أخي .
الحمار : اسمع يا صاحبي،إذا كنت تنوي العودة إلى زمنك فإني أنصحك بالعودة حالاً، أما إذا كنت قد قررت البقاء هنا؛ فينبغي عليك اتباع دورة تدريبية في إتقان فن النهيق.
جحا : فن ماذا ؟!
الحمار : النهيق، وسأكون أنا معلمك يا جحا.
جحا : (بحنق وسخرية) حسن يا معلمي.
الحمار : لنبدأ الآن درسنا الأول.
جحا : حاضر.
(يرفع العصا ويهم بضربه)
الحمار : (وهو يهرب) ماذا تفعل ؟!
جحا : سألقنك الدرس الذي نسيته.
الحمار : اهدأ يا صاحبي .
جحا : ..
الحمار : دعنا نتفاهم يا جحا.
جحا : لا تفاهم مع الحمير.
الحمار : الإنسان الديمقراطي يتفاهم حتى مع الحمير.
جحا : (بغضب)أنا قرباطي أيها الحمار ؟!
الحمار : ديمقراطي يا صديقي،من الديمقراطية وليست من القرباطية.
جحا : الديمقراطية ؟! لا شك أنها شتيمة من شتائم هذا الزمان .
الحمار : يا صاحبي.يا أخي.الديمقراطية ليست شتيمة،بل بالعكس،الديمقراطية هنا هي أن تقبل الآخر.
جحا : (بإعجاب) كلام جميل.
الحمار : وأن لا تقبل بغيره.
جحا : كلام غريب !
الحمار : وأن ترضى بحكمه.
جحا : ماذا ؟
الحمار : ولا ترضى بحكم غيره.
جحا : هكذا ؟
الحمار : وأن لا تقل له أف.
جحا : أف !!
الحمار : ولا تظهر له ألمك إذا جعت، وضيقك إذا ضُربت، وأن تدير له خدك الأيمن إذا صفعك على خدك الأيسر، و..
جحا : (يقاطعه) وأن أكتفي بالنهيق إذا حشر العصا في ..
الحمار : تماماً.
جحا : هل هذه هي الديمقراطية ؟
الحمار : نعم، ما رأيك ؟
جحا : اسمع يا حمار.اللعنة عليك،وعلى..
(يسمعان قرع على الطبل، وصوت مناد)
الصوت : أيها الناس اسمعوا وعوا، على جميع المواطنين الحضور إلى الساحة العامة حالاً (يدخل المنادي) أيها الناس، أيها الناس .. اسمعوا وعوا، الحاضر يعلم الغائب بعد قليل سيصل موكب حاكم بلادنا إلى هذا المكان، وسيكون برفقته حشد من الصحافيين الأجانب، وعلى الجميع إطلاق الهتافات بحياة سموه بصوت يشق عنان السماء، أيها الناس. أيها الناس .. (يخرج)
(يبدأ الحمار بالرقص والغناء)
جحا : (باستغراب) ماذا أصابك أيها الحمار ؟!
الحمار : (يرقص ويغني) ..
جحا : كفْ عن هذا أيها الحمار، أقسم إن القوم سيطردوننا من هنا.
الحمار : غن معي .
جحا : كف عن هذا النهيق، ستفضحنا.
الحمار : افعل مثلي ولن تندم.
جحا : احترم نفسك يا حمار.
(تمتلئ الساحة بالناس و الرايات. هرج ومرج)
رجل 1 : (بصوت مرتفع) صمتاً، صمتاً أيها الناس، إنَّ ولي نعمتكم قادم، سيد البلاد والعباد قادم نحونا، غنوا وارقصوا واهتفوا : عاش مولانا الحاكم ..
الجموع : عاش مولانا الحاكم..
(تنعقد حلقات الدبكة وسط الساحة، يشارك الحمار الناس الرقص و الغناء)
جحا : غريب !
الحمار : تعال يا جحا، تعال يا أخي.
(تدخل جماعة تحمل دمية كبيرة، تعلو الأصوات بالهتافات الحماسية)
الجموع : عاش مولانا حاكم البلاد..
_ عااااش ..
_ عاش. عاش …
(يتسمر جحا في مكانه وهو يحدق في الدمية باستغراب)
الحمار : (وهو يرقص) ارقص يا جحا، ارقص وغن.
رجل 1 : ما أروع جلالته!
رجل 2 : تاجه من ذهب.
رجل 3 : بل من جواهر.
جحا : غريب !!
الحمار :لماذا تقف هكذا كالصنم يا صاحبي ؟!
جحا : أين هو الحاكم ؟ إني لا أراه.
الحمار : (بسخرية) لا تراه ؟! ومن يكون ذاك الجالس على الكرسي إذاً ؟
جحا : الجالس على الكرسي هي دمية، فأين هو الحاكم ؟
الحمار : (يكم فم جحا، بصوت عال) عاش سيدنا ومولانا الحاكم .
الجموع : حااااش ..
جحا : لكن أين هو ؟!
الحمار : حاش مولانا وولي نعمتنا حفظه الله ورعاه .
الجموع : حااااش ..
الحمار : (لجحا بهمس وحذر) سيقتلونك يا جحا.
جحا : لكن ..
الحمار : اصمت .
(يصمت جحا بخوف، يرقص الحمار مع من يرقص ويغني، ينقل جحا نظره بين الناس والدمية والمصورين كالمأخوذ)
طفل : ماما.
الأم : ماذا تريد يا بني ؟
الطفل : أين هو مولانا ؟
جحا : (وهو ينصت إلى حديث الطفل وأمه، لنفسه) أحسنت يا بني، طفل آخر سيفضح اللعبة.
الأم : إنه هناك يا بني، إنه ذاك الجالس على الكرسي الذهبي، انظر إليه جيداً وستراه.
جحا : (لنفسه) انظر يا بني جيداً وستعرف.
الطفل : ماما.
الأم : ماذا يا بني ؟
الطفل : لماذا لا يتحرك مولانا ؟
جحا : (بهمس) لأنه دمية.
الأم : لأنه الحاكم يا بني.
الطفل : ماما.
الأم : ماذا يا بني ؟
جحا : (لنفسه) اسأل يا بني.
الحمار : بماذا تحدث نفسك يا جحا ؟
جحا : هس.
الطفل : لماذا مولانا صامت ولا يفتح فمه ؟
الأم : لأنه سيد وملك يا بني.
جحا : (لنفسه) لا، هذا ليس سيداً يا بني،بل دمية.
الطفل : ماما.
(يقترب جحا من الطفل حتى يكاد يلتصق به)
الحمار : ماذا دهاك يا جحا ؟!
جحا : صه ..سيتكلم الطفل.
الحمار : أي طفل ؟! أنا لا أرى هنا أطفالاً يا صاحبي ..
جحا : أعمى.
الطفل : ماما، أنا أحبه يا أمي.
جحا : (باستغراب) ماذا ؟!
الأم : تحب من يا بني ؟
الطفل : سيدنا ومولانا الحاكم.
جحا : (بضيق) لا ..
الأم : أحسنت يا بني.
جحا : إنه دمية يا بني، الحاكم دمية يا صغيري.
الطفل : دمية ؟
جحا : نعم يا بني، إنه دمية.
الأم : مجنون.
الحمار : اصمت يا جحا.
جحا : انظر إليه جيداً.
رجل : جاسوس.
فتاة : عدو.
عجوز : كافر.
جحا : إنه دمية يا بني، إنه ..
الطفل : كذاب.
جحا : لا، لست كاذباً ..
الحمار : حاش سيدنا الحاكم.
الجموع : حااااش ..
(ينطلق جحا نحو الدمية،يرفعها إلى أعلى،يعبث بها وهو يصيح بحماس)
جحا : إنها دمية، مجرد دمية، انظروا إليها يا ناس، انظروا إليها جيداً.
(يسود صمت مريب لبضع لحظات، تلتقي النظرات الهلعة باستغراب، وفجأة تندفع الجموع نحو جحا بغضب)
الجموع : _ أيها الخائن.
_ أيها الكافر.
_ عميل.
_ زنديق.
_ اقتلوا العميل.
_ خوزقوه
_ افصلوا رأسه عن جسده.
جحا : لست خائناً، أنا جحا ..
الجموع : خائن. كاذب. منافق .. (يضيقون الخناق عليه)
جحا : لا، لا ..
الحمار : إنه حمار.
(يصمت الجميع)
إنه حمار بري يا أخوتي وليس منافقاً أو عميلاً.
(ينظر الجميع إلى جحا بتفحص و استغراب)
الجموع : - غير معقول.
_ لا أصدق ذلك.
_ أعتقد أنه خائن.
_ بل كافر.
_ اذبحوه..
جحا : أنا جحا ..
الحمار : (يصطنع السخرية) في الحقيقة إن هذه المناسبة العظيمة أسكرته تماماً.
جحا : أنا لا ..
الحمار : كف عن هذا النهيق الشاذ ولإ..
(يتأمله الجميع بشيء من الريبة)
الجموع : _ ممكن.
_ غريب ؟!
_ ولم لا ؟
_ لكنه ..
_ لنعد إلى احتفالنا.
_ هذا أفضل.
(يعود الجميع إلى الاحتفال عدا جحا والحمار)
جحا : أنا أنهق نهيقاً شاذاً ؟!
الحمار : في المناسبات العظيمة فقط.
جحا : أنا ؟!
الحمار : (يضحك)..
جحا : أنت السبب.
الحمار : (يضحك) ..
جحا : تباً لك أيها الحمار اللعين.
الحمار : (يضحك) ..
جحا : حسن.
(يهم بضربه، يهرب الحمار، يخرجان)

























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

ولدي.. وغيث الأقدار!

31-آذار-2018

يسقط الكاتب ..يموت المسرح

03-تشرين الثاني-2008

مسرحية ساخرة / أهلاً جحا ج2

15-أيار-2008

مسرحية ساخرة / أهلاً جحا

03-أيار-2008

الأدب الشفاهي الكردي في كتاب

30-آذار-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow