Alef Logo
يوميات
              

رأي في الجسد

مـهـــا حسـن

2009-01-19


كنت أقلّب بالصدفة محطات التلفزيون، فوقعت على برنامج ثقافي يستضيف كاتبة كويتية، ومن الطبيعي أن أتابع البرنامج.
كان الحديث قد بدأ من قبل بين الضيفة والمضيفة، ولكني وصلت في وقت تتعرض به السيدتان لظاهرة الأدب الإباحي، وإن لم تطلقا اللفظة ذاتها.
كانت الأديبة مستاءة من كثرة وانتشار الكتابة النسوية الجنسية، وانتقدت بشدة ظاهرة الكاتبات السعوديات المرتكزات على الجنس في الكتابة، وراحت تتساءل بعنجهية وتعالٍ: «كما لو أن العالم العربي قد خلا من المشاكل، ولم يعد أمامنا من هم سوى الهم الجنسي!».
استفزتني كلمات الأديبة، واستفزّني أكثر موقف المحطات التلفزيونية التي تأخذ جانب الكتابة «المنافقة»، ولا تسلط الضوء على هذه التجارب المهمة، والتي تؤكد سرعة انتشارها، وتداولها، أهمية العامل الجنسي، وأن العرب، وكل الشعوب، ما لم يحلوا المشكلة الجنسية، فلن يتمكنوا من حل المشاكل الأخرى.
لا أعرف إذا كانت السيدة أعلاه، على اطلاع على تجربة «الليببدو»، وعلى أهمية العامل الجنسي... إلخ. ولكنها دون شك تعرف أن معظم زبائن المواخير والمواقع الإباحية هم من رجالنا، نحن أبناء ثقافة «النعامة»، إذ نفعل كل شيء في الخفاء، طالما لم يرنا أحد.لقد انفجرت بالضحك، وأنا أمرُّ مع صديقي الفرنسي، من الحي الأحمر في أمستردام، حين وقعت عين الزبون في عيني، كما لو أنني من أبناء
عائلته، شعر بالارتباك وهو يغادر الصبية الحسناء، بعد أوقات حمراء أنسته حليب أمه، وما أن عبرت أمامه في اللحظة التي فتح فيها الباب وخرج، وبغتة ارتطمت نظراتنا، وأنا لا أنوي بالتأكيد لومه، فهو حر بما يفعل، غير أنه ارتبك أمام بشرتي المشرقية «ربما كنت أشبه أمه أو أخته، أو ربما زوجته».
هذا الرجل المرتبك، سوف يثرثر مع العائلة عن أهمية الشرف وتفاهة الجنس، مواصلا ثقافة «النعامة»، والأمثلة كثيرة،
إذ إن حوادث تكررت لي، ولكاتبات أخريات، أترك لهن التحدث عن التحرشات التي يتعرضن لها بعد نشر نصوصهن، أنا شخصيا تلقيت عرضا مغريا، يخيرني بين الزواج أو الدعارة المبطنة، من قارئ «يحترم» جرأتي في الكتابة، ناهيك عن «التحارشات» التي تتدفق على «إيميلي» إثر نشر أي نص لي، يتعرض لمسائل تتعلق بالقضايا الجسدية، كما لو أن المرأة التي تكتب عن الجنس تدعو إليه، ولم تنضج العقلية العربية بعد، لفصل النص عن صاحبه، أو صاحبته. وقد سبق لميرال الطحاوي أن تحدثت عن تلصص القارئ على الكاتبة، للإلمام بتفاصيل شخصية عنها في كتبها، وأنا أظن أن ثمة موجات الآن، يسعى فيها الرجال إلى اصطياد الكاتبات المنفتحات..
لكل هذه الأسباب، فإنني أعتبر أن ما تقوم به جمانة حداد هو مواجهة حقيقية، لثقافة النفاق، وأعتقد أنها تستحق، فنيا وفكريا، الاهتمام بمشروع «جسد»، وأظن أن مجلتها هي الأولى من نوعها في العالم العربي، الذي تطلقه امرأة.. امرأة غير منحازة للمرأة وقضاياها، إذ إن جمانة تعترف بأنها لا تكتب من أجل شعارات وقضايا، بل بدافع الشغف.
تتصدى جمانة وبجسارة لمواجهة كل اللوم العلني، والاشتراك السري في المجلة، وهي ستضحك بخبث ليليت التي تكتشف أسرار الثقافة الازدواجية، ممارسة شغفها وشغبها، كقطة ماكرة ولطيفة في الوقت ذاته، عارفة ما يجول في عمق المشهد العربي، الذي يدخر الهم الجنسي، ويشتغل عليه بصمت، ويتأرق أمامه بتكتم.
إن «جسد» جمانة حداد، لهو دعوة للخروج من الثقافة التطهرية المنافقة، وتسمية الأشياء بمسمياتها، لنمشي في دروب الفن والحياة، دون اتهام أو وجل.
ليست الطهارة في الابتعاد عن الجنس، بل الطهارة الحقيقية أن يكون أحدنا ما هو عليه، والدنس الكبير، ليس أن يكون أحدنا على ما ليس عليه فقط، بل أن يجبر الآخرين ويبعثهم على ألا يكونوا على ما هم عليه.
إن مجلة «جسد» خطوة نحو معرفة الذات، نحو ثقافة العلانية، ومغادرة ثقافة النفاق.
العرب القطرية
بالاتفاق مع الكاتبة

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

«تابو البكارة» في معرض القاهرة للكتاب

13-شباط-2009

رأي في الجسد

19-كانون الثاني-2009

لقد جاءت حنيفة

25-آب-2008

فتى القطار

21-أيار-2008

إضاءات جنسيّة

12-نيسان-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow