Alef Logo
الغرفة 13
              

مناقشة رد أدونيس على منتقديه

فارس البحرة

2009-05-09


لو كان العرب يسيرون حقاً نحو الإنقراض بالمعنى الحضاري للكلمة، و كان أدونيس يوصّف هذه الظاهرة المحكومة بقوانين الإجتماع الخلدونية لكان عليه أن يكون أكثر تماسكاً بالمعنى العاطفي، فيتخذ مثلاً موقف المواسي لأمة مبتلاة بظاهرة طبيعية لا راد لها. لكن إعراب أدونيس عن حزنه و ازدياد تشاؤمه في مقالته المعنونة بالزيارة و المنشورة بشكل متزامن في كل من الحياة و السفير بتاريخ 06.09,09 و التي يرد فيها على منتقديه لإستخدامه تعبير إنقراض الحضارة العربية يدل أنه لا يتنبأ بالإنقراض ذاك التنبؤ الموضوعي و إنما يهدّد به. كمن يقول: إن بقيتم على هذه الشاكلة ستنقرضون. مما يذكر بالموقف الغوغولي الذي نسبه الماغوط لنفسه يوماً في مقابلة نشرت في مجلة الناقد: الأب الذي يجلد أولاده كي يربيهم. فهل هذا الموقف التربوي التقليدي الفاشل على مستوى الأفراد موقف مجد من مجتمع بأسره؟ أدونيس الذي لا ينفك يشكو من العنف العربي ألم يجد أسلوباً أقل عنفاً من إستثارة المخاوف العدمية البدائية للتواصل العقلاني مع الإنسان العربي ؟ هل تفيد مثل هذه المقولات التي تذكر بإحدى أردأ قصائد نزار قباني: ( متى يعلنون وفاة العرب) إلا في زيادة مشاعر النقص تجاه الآخر التي يعاني منها المجتمع العربي بكثرة؟ إن كان أدونيس يقصد بهذا المصير الأنظمة و المؤسسات فلماذا لا يقول بإنقراضهما بالذات و يقول بدل ذلك بإنقراض حضارة العرب كمن يستمتع بإستخدام الألفاظ الرنانة؟ ربما تفهم مثل هذه النبرة المتشائمة في الشعر و لكن كيف يمكن قبولها كموقف فكري؟ و ما الفرق بين موقف أدونيس المنسلخ عن جماعته البشرية و الموقف المعروف لأي رئيس مخفر أو أب عنيف بمجرد أن يُنتقد سلوكه الشخصي تجده يلجأ إلى هجاء العرب ووصفهم بالجرب و الذين لا أمل يرتجى منهم؟ في كلام أدونيس عن العرب و كأنهم شعب الجيران مداعبة لنزعة رائجة في إشغال العين النقدية عن أورام الذات الفردية عبر هجاء الإطار الجماعي للهوية، نزعة قطيعية في لبوس فردي. أدونيس الذي يعترض على ما اعتبره لجوء الآخرين إلى المقابلة و التضاد يسوق الحجج بالطريقة التي ينتقدها، فكل من لا يقول مثله بإنقراض الحضارة العربية لا يرى الحال المزري الذي آل إليه المجتمع العربي. لا يريد أن يصدق أن هناك عرباً يرون الواقع كما هو و مع ذلك يأملون بتغييره فعلاً. هؤلاء لا مكان لهم في نظريته، يشملهم بالأنظمة و المؤسسات تحت تصنيف: عرب آيلة للإنقراض. لا يريد أن يرى أن إهمال تمايزات الأفراد و المجموعات البشرية و النظرة إلى الأمة كأنها فرد واحد نظرة ضيقة و ليست أكثر من إسقاط الجانب المكروه من الذات على شعب بأكمله. العرب بالنسبة له إما حكام و مؤسسات أو أدونيس و أصدقاؤه، إما عرب منقرضون أو متنبؤون بإنقراض العرب. ما يُغضب في كلام أدونيس و هو في رأيي ما يستثير لدى منتقديه الرغبة بتجريحه شخصياً: إنكاره حق الأمل. هو حر فيما يذهب إليه وفي إختيار المكان الذي يذهب إليه، لكننا -نحن العرب- تعبنا من شاعر يريد إعلان وفاتنا و آخر يريد أن يسوطنا و ثالث يتوعدنا بالإنقراض. من لا يتفق منّا مع أدونيس في فهمه لتحديث المجتمع لن يفهم ما الذي يريده هذا الرجل من تهديد شعبنا المشترك بالإنقراض إلا كعنف نخبوي غامض، و من يتفق معه لن تشكل له هذه النبوءة الفجائعية إلا غواية لممارسة غيبوبة يأس مشتركة مع إسم أدبي ذي شهرة عالمية. الحاضر العربي لا يدعو للتفاؤل على المدى القريب، فلماذا يغلق أدونيس الإحتمالات البعيدة أيضاً؟ لماذا يغلق أبواب المستقبل التي لا يحول دون إنقراضنا فيه شيء كتسريب ما ينفع أبنائه؟


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

سروال سوبرمان الداخلي

17-تشرين الثاني-2010

إسرائيل النسيان

30-آذار-2010

بعض الشمس يكفي ونصوص إيروتيكية أخرى

16-آذار-2010

عن جدنا الأكبر: بيتهوفن.

23-كانون الثاني-2010

الشرموطة

19-حزيران-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow