في حمأة الضجة التي أثيرت حول زيارة أدونيس وتصريحاته في كردستان ،وسلسلة الردود المتبادلة بين الأطراف ،لا بد من نظرة توصيفية للحال الثقافي التعس و المرتدي هذه البردة من تلك الأحكام القيمية المطلقة التي تبنى على موقف أو تصريح أو رأي .

الجمالية المفقودة في هذه الحالة كمثال تتجلى في عدم تحويلها إلى ما أسميه ـ جمالية الفضيحة ـ إذ ليس أجمل من أن تفضح شاعرا ً ـ و كيف إذا كان شاعرا ً كأدونيس ـ وقع في شراك التناقض والتناقض صفة الشعراء الكبرى ،فكيف لشاعر أن لا يكون ملاكا ً وشيطانا ً في الوقت نفسه .

لكن الحالة هنا لم تصل إلى درجة التناقض فالرجل ـ أدونيس ـ قال هذا منذ زمن وأكثر من مرة ،و أنا سمعته منه في مقابلة مع أحمد الزين ،الجديد أنه قاله من كردستان ،طيب كردستان ليست إسرائيل ،الثقافة الكردية ـ سواء نقلت بالكردية أو بالعربية ـ جزء أساسي في الثقافة العربية ،وما أقصده بالعربية هو التوصيف اللغوي البعيد عن التفاهات العرقية والقومية ،وحازم العظمة ـ في رده الثاني ـ قال :الكردي عربي آخر بقدر ما أن العربي كردي آخر ، طيب هل المشكلة برمتها حالة سياسية أو عرقية تافهة لا أكثر ولا أقل ؟

فالخلاف الأساسي ـ الفكري ـ يتلخص في هذين الرأيين :

حازم العظمة يرى أن ما يجب أن ينقرض هو النظم السياسية .

أدونيس يرى أن الحضارة العربية برمتها آخذة بالانقراض وغير موجودة وفاعلة ضمن النسيج الحضاري العالمي .

أدونيس قدم شرحه المفصل ـ الذي أتفق معه ـ عن ما يعنيه بقوله ،لذا يجب على حازم العظمة أن يفهمنا أكثر كيف أن الثقافة العربية تنهض ؟

ولعل هذين الرأيين ينقلان بصدق ـ غير مقصود ـ الخلاف الثقافي الكبير ـ المفروض أن يكون جميلا ً ـ حول النظرة إلى الثقافة العربية وعلاقتها مع الثقافة الغربية على تنوع الأخيرة وعدم تجانسها .

أما بالنسبة لاتهامات أدونيس لمن نقده بالسلفية ـ فما حدا يزعل ـ لأن أدونيس سلفي أيضا ً ولكن سلفيته أجمل ،أليس هو المحتفي بأولئك الشعراء القدماء المتحولين عن ثبات الثقافة العربية ،التي يبدو أن هذه الصفة ـ الثبات ـ تنازع الموصوف على مكانه منذ القديم وإلى اليوم وربما إلى الغد ،وهذا أوجع ما في الأمر .





حسن أبو الشملات