Alef Logo
الغرفة 13
              

الحرية الاجتماعية

إيلي عبدو

2009-08-11


أن ُتقدم إدارات المعاهد الخاصة المختصة بتدريس طلاب و طالبات المرحلة الثانوية (البكالوريا) على تركيب كاميرات مراقبة في الغرف الدراسية لمراقبة الطلاب و الطالبات و منع أي اختلاط بينهم تحت طائلة التنبيه ،

و الطرد .فهذا إجراء و إن كان يرمي إلى المحافظة على سمعة المعهد ( مع العلم أن هذه المعاهد سمعتها التعليمية في الحضيض ) فهو بدون شك اعتداء على الحرية الشخصية للطلاب و امتهان لكرامتهم بوضعهم جميعا تحت شبهة القيام بعمل لاأخلاقي . ومن المعلوم أن المدارس الحكومية يختلط طلابها و طالباتها ومن دون وضع كاميرات مراقبة ،فكيف تسمح لنفسها هذه المعاهد بإتباع هذا النظام الطالباني .

و من المؤكد أن القضية لا تنحصر بمجموعة طلاب و طالبات يتم مراقبتهم و منعهم من الاختلاط ، بل إنها قضية نمط اجتماعي متزمت بدا يظهر بشدة في المجتمع السوري و يطغى على الأنماط الأخرى .

ففي البناء الذي أقيم فيه ، يسكن شاب جامعي تزوره زميلته بشكل متواتر ، مما دفع احد ساكني البناء إلى استدعاء شرطة الآداب ، و توريط الشاب بقضية شائكة .

كل ذلك يستدعي طرح سؤال الحريات الشخصية التي من حق أي إنسان أن يتمتع بها طالما انه لا يوذي احد ،

أما أن يعتقد كل إنسان أن ممارسة الآخر لحريته هي ايذاء له ، طالما أنها لا تتوافق مع طريقته في الحياة ،فهذا أمر خطير . و هو يشبه موقف رجال الدين الذين يعتقدون أن الحرية يجب أن تمارس وفق منظورهم الذي هو في الجوهر نفي للحرية و تفريغ لمعانيها .

و تقول المعادلة الحضارية أن المجتمع الذي ينقرض فيه الراغبين في عيش نمط حياة حر ، يصبح مجتمع منمط ، متكلس عاجز عن إنتاج آفاق اجتماعية مغايرة . و تغدو الحياة فيه مضجرة و مملة ، و من هنا ترتبط حداثة المجتمعات بالحرية المتاحة لخلق أنماط عيش مختلفة عن السائد .

فالمساكنة كنمط للحياة ، ليست خارجة عن سياقها بل إنها نتيجة لجملة تحولات إصابة المجتمعات الغربية ، بحيث ارتبطت بالحرية الاجتماعية كمصطلح فلسفي كان احد إرهاصات عصر التنوير الأوروبي .

و بالقياس فأن القبائلية كهيكلية اجتماعية في المجتمعات العربية ، لا تسمح للشاب أن يسكن بمعزل عن أبويه ،

فكيف ستسمح له أن يسكن مع فتاة يحبها خارج مؤسسة الزواج الغبية .

هذا التلازم بين نمط العيش و الحالة الحضارية للمجتمع ، يصبح إشكاليا حين نجد قوالب حداثية بمضمون رجعي

و المثال هذه المعاهد التي هدفها تعليم الطلاب ، تعليم يبقى تقنيا ، لا يرقى لحالة عقلية تجعل هؤلاء الطلاب يبتكرون أنماط جديدة لعيشهم

على العكس هي تسجنهم في أنماط تقليدية .

ليس المطلوب من المجتمع أن يتسامح أو يغض النظر عن حالات اجتماعية لا تتوافق مع قناعاته ،

و إنما أن يقبل هذه المقترحات الحياتية من زاوية المساواة و حرية أي شخص في عيش نمط الحياة التي يرغب ،

فحريتنا تتوقف عند حرية الآخرين لا عند قناعاتهم المنغلقة .

لا بد من الإشارة ختاما أن الشخص الذي استدعى شرطة الآداب للشاب الجامعي كان قد تم توقيفه بتهمة فساد

قبل سنة .



ايلي عبدو

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

آيا صوفيا إذ تعوّض سنّة المنطقة عن هزائمهم

18-تموز-2020

سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة

30-آذار-2010

مشهدية المحلل و اكتمال حضوره

22-شباط-2010

أيهم خيربك في "أسطر مالت وانزلق ما أقول" اقتراف المعنى العبثي

17-شباط-2010

دراما الغليسات

03-شباط-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow