Alef Logo
الغرفة 13
              

سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة

إيلي عبدو

خاص ألف

2010-03-30


لو تجاوزنا المعاني الروحية و العقائدية ، أي الفضاء الرمزي للأعياد الدينية و نحينا جانبا الطقوس و الشعائر و الصلوات التي تقام مرة أو أكثر في السنة . و تفحصنا بمجهرية أكثر دقة ،التشكلات الاجتماعية التي تكونها الأعياد و ما يستتبعها من ممارسات و أفعال و تفاصيل ليست فقط منفصلة عن معاني هذه الأعياد لا بل هي تعاكسها في إنتاج ما يناقضها . لدرجة أن المرء يخال هذه التجمعات متشابهة بالغاية و الوظائف مع أي تجمعات قد يصادفها في حياته ، مما يستدعي التعمق أكثر في جوفيتها و التنبه لعصبها الذي هو بالضرورة رث و قميء ، لا ينتج سوى الثرثرة و السطحية و التفاهة ، هذا إن لم تتحول إلى مسرح لإنتاج ظواهر أكثر حدة بفراغها من تلك التي نشاهدها عادة .


ولو أخذنا أحد الشعانين الذي تحتفل به الطوائف المسيحية و الذي يرمز إلى السلام و الفرح و النصر . لوجدنا أن هذ ا العيد يتم تصنيعه ببناء مشهدية واسعة تمتزج فيها أجمل موديلات الأزياء بشموع الأطفال و أحاديث الشلل المتجمهرة هنا وهناك، مما يعني أن التفكّر بمعناه و التأمل بعبّره أمر يكاد يكون شبه مستحيل في مناخ كهذا.

فالعيد إذا يقفز عن معناه نحو سيسيولوجيا تتشكل بالمصادفة تبعا لأهواء و نوازع الحاضرين . فالبعض يسعى للخروج بعلاقة عاطفية جديدة ، و آخر لرؤية صديق لم يره منذ زمن و آخرون للتجمع بقصد الذهاب في نزهة ما. مما يؤشر إلى طغيان الجانب الاجتماعي و ابتلاعه للجوانب الأخرى.


أما عيد الفصح الذي يأتي بعد أسبوع من الشعانين ، فثمة طقس يرتبط به يُعرف عاميا ( بالهجمة ) و عادة ما ينتظر الشبان هذا الطقس من اجل إطلاق الأعيرة النارية و المفرقعات لساعات طويلة محدثين جلبة و ضجيج رهيبين إضافة إلى إصابات قد تسقط نتيجة التهور و الطيش .

إذا فأن سيسيولوجيا الأعياد هذه لا تكتفي بتفريغ العيد من معناه ، إنما هي تنتج ظواهر تعمل بآلية ضدية تنتهك قيم هذه المعاني و غاياتها . و إلا فكيف يستقيم إطلاق أعيرة نارية مع لحظة سلام داخلي تتهيأ لقيامة المسيح، و كيف يتصاعد مناخ الاستعراض و التبجح بالملابس الفاخرة و الانشغال بتزيين شموع الأطفال و يتضاءل تأثير معاني الحدث المُراد عيشها.
لا شك أن الحالة تنتج نقيضها ليس بالمعنى الديالكتيكي و إنما بما يؤسس لخصومة مفاهيمية بين المعنى و ممارسته أو حتى تمثّله و يسهل لشرخ المسافة هذا أن يزداد و يترسخ .

و لعل هذه الإشكالية تأخذنا إلى تساؤل عميق يتعلّق بشكلانية الإيمان و جوهره و نحو أي من طرفي هذه المعادلة يميل الناس ؟
و لا شك أن المعني الأول بدراسة هذا السؤال هي المؤسسات الدينية التي تبدو كأنها تساهم بتغذية المنحى الشكلي للدين بتسويغ الكثير من الممارسات و الأفعال وتشجيعها و رعايتها. مما يجعل التعلق الشكلي بالدين دون فهم جوهره و غايته و تجسيده سلوك و فعلا ، يدفع الناس إلى تجسيد هذا التعلق بتشكيل سيسيولوجيا فارغة تكاد تضاهي بفراغها أي تجمهر لأناس يرغبون بلأستماع لفنان ما ، مع اختلاف الرمزيات ووظائفها .

بين المعنى و الاجتماع المعبّر عنه ، يمر العيد و لا نمر نحن به . يمر ألبسة و شموع و أحاديث و تسليات و لا نمر نحن بقيم نبيلة قد تدفعنا لتجميل الكثير من القباحات التي تشوه مجتمعاتنا ..


ايلي عبدو .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

آيا صوفيا إذ تعوّض سنّة المنطقة عن هزائمهم

18-تموز-2020

سيسيولوجيا التجمعات الدينية في أن إحياء الأعياد يصنع الرثاثة

30-آذار-2010

مشهدية المحلل و اكتمال حضوره

22-شباط-2010

أيهم خيربك في "أسطر مالت وانزلق ما أقول" اقتراف المعنى العبثي

17-شباط-2010

دراما الغليسات

03-شباط-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow