Alef Logo
ابداعات
              

بلاى بوى

شريف الغرينى

2009-09-22


أعشق الساقطات وأكره نفسى ، ليس هناك فى حياتى ما هو أهم من مجلة البلاى بوى ، لو علِمتْ بطلات وموديلات هذا المصور أن إصدارته ستسقط فى يدى أنا ملك جمال العالم فى القبح و الدمامة ما تفننّ فى هذا الإغواء.
أسقط بين دفتى المجلة ، تتلقانى أجساد بمقاييس محسوبة بدقة ، أطارد بعينى هذا البروفيل الجانبى للنهود المحفوفة بضوء أبيض يتماهى مع شمع ذائب بين النور والجسد ، ألعق بقلبى الخصور والأرداف الأغريقية، أنفلت وأتمزق ليسكن بعضى فى الزوايا الكثيرة التى تصنعها السيقان النائمة والواقفة والمنبطحة والمضمومة والمتقاطعة وأهيم مع طرف لسان متدل واله من شفاة مصورة بالحجم الكبير فتبدو هوة مشتعلة أتمنى السقوط فيها دون أن أدرى هل ستطفىء أم ستزيد رغباتى اشتعالاً.
دمامتى نفّرتْ كل النساء وحالت بينى وبين حرارة أجسادهن ، لم تسمح لى أية أمرأة بالإقتراب فإكتفيت بالتصوير ، أصبحت أشعر بقداسة ما عندما أنظر ناحية أى امرأة ، لا لوم عليهن فى ما يبدين لى من نفور ، عندما أنظر فى المرآة أعذرهن جميعاً ، فأنا لا أطيق النظر إلى وجهى فى الدقائق التى أمشط فيها شعرى .
منذ دهر وأنا أختبىء وحدى خلف أكداس الورق فى أرشيف النيابة التابع لوزارة العدل ، أصادق التراب المتكاثف على الملفات والأضابير مفتخراً أنى المكتشف الأول وصاحب براءة إختراع الساعة الترابية ، عمرى و الأتربة يتسابقان فى التكاثف عليّّ وعلى الرفوف و أنا ما أزال قابعاً متوحداً مع الصور العارية التى أحياناً كنت ألفظها وأتململ و أضيق بها لكنى أعود فى لحظات وألملم وريقاتها داعيا أن تسكن الروح أى صورة من تلك الصور الكثيرة فى المجلة ، لكنى أعود مرة اخرى ناكصا متمنياً ألا يستجاب لى ، فمن يضمن أن لو سكنت الروح الصور أنها لن تنفر وتفر هاربة ، ثم لا يبقى لى من بعد ذلك شيئاً ، عدت ألملم وريقاتى وصورى وعشيقاتى وأنا جاث خلف المكتب ، وقعت عينى على أطراف أصابع أقدام تطل فى نافذة فضية من مقدمة حذاء رقيق ..أصابع أقدام أنثى ..أنثى حقيقة ، بدت لى بلحات رقيقة تتراص و تبرز منها أظافر كريستالية ، ارتفعت تدريجيا متكئا على المكتب حتى صرت أمامها ، كانت ترتدى بانتالون جينز ضيق وقميص أبيض ، ينساب شعرها الكستنائى على اكتافها ، بدت لى موديل بل أجمل من كل موديل فى المجلة، قالت أنها تبحث عن رئيس القسم وأنها متدربة وأنها مرسلة بخطاب رسمى لتعمل فى الأرشيف شهوراً قبل إعادة تدويرها على الاقسام الأخرى .
طول مدة تواجدها كنت أتابعها وأسير معها وخلفها بعينى وأنفى وحواسى المختبئة خلف قضبان الحرمان المخثر فى ورم النفس ، أسترق لمحة لأعلى صدرها المرمرى عندما تضطر للإنحناء ، ولقطة للأرداف عندما أسير وراءها ، اقترب منها مدعيا السذاجة ، أصطدم بها متغافلاً لأعبق روحى برائحة جسدها ، أدور حولها مثل الكلب الأعور الجرب وانا أتشمم يائساً أى شبق لديها ، أنستنى رقتها دمامتى لكنى عندما تنبهتُ وتذكرت من أنا ، تراجعتُ ثم ابتعدتُ وفى النهاية سكنتُ فى مقعدى خلف مكتبى ، لم أعد بعد ذلك مقبل على البلاى بوى ، أصبحت مهتماً فقط بإطلالة وصولها كل صباح و معها حلوى تضعها على مكتبى بصحبة وردات؛ مرة صفراء ومرة حمراء ومرة بيضاء وهى تضحك كطفلة وترفض أن يقال عنها أنها بريئة ، كل صباحاتها كانت ملونة مزهرية وخاصة هذا الصباح الذى أخرجتْ فيه من حقيبتها غطاء رأسها ، تعصبت به وتشمرت ثم لم تنتهى إلا بعد ان نّظّمت ونظفت وأزالت التراب تماماً ، شيعتُ رفيقى وانتظرت دورى ، جاءنى هاجس أنها ستلتفت إلىّ لتضعنى معه فى صندوق القمامة، انشغلتْ بترتيب الأوراق فى نسق جميل منمق ومرتب ، أضىء المكان وتلونت الأشياء بألوان النظافة و اكتسب الجو رونقاً و إشراقاً ، مزقت البلاى بوى ووضعتها فى كيس أسود وألقيتُ بها فى سلة القمامة ، لم أعد أختلس النظر لجسدها ، لم يعد يعنينى أى جسد ، استطاعت عينى أخيراً أن ترى الضوء الذى يحول بين النفس النزقة والعين الهجامة ، وأصبحت مستقبلاتى قادرة على تمييز عطور الروح.



تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

إلى قطتي

10-أيار-2010

مخاتلات القلوب

13-نيسان-2010

الحمَام مشترك

03-نيسان-2010

سرد / جدارية شبح

19-آذار-2010

بلاى بوى

22-أيلول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow