Alef Logo
يوميات
              

بلاد الشعر والورد والبلبل / آداب أفغانستان المنسية خلف الشادور والطالبان

سوزان إبراهيم

2009-10-07


حين نرى نساء أفغانستان المتسربلات بالشادور, و ذلك العنف المتجدد في تلك البلد, هل سيخطر ببال أحدنا مرة, أن لهذه البلاد اسماً متخاصماً تماماً مع ما نرى: بلاد الشعر والورد والبلبل! هل يصدق أحدنا أن لتلك القابعات في ظلمة الشادور أخوات متحررات يهاجمن التخلف والتطرف ويطالبن بحقوق المرأة؟ سيصدمك حقاً أن تعرف أن هناك الكثيرات منهن, إلى جانب رجال تشهد لهم ساحات الأدب العالمي بالتفوق. في تتبع فضولي سأعثر على كثير من الأسماء الأدبية المشهورة ذات الأصول الأفغانية, لكنها مهجّرة في المنافي المترامية الأطراف.
تكاد المكتبة العربية تخلو من دراسات أو ترجمات لذلك الأدب, ما يدفع للتساؤل لماذا كل هذا الجهل بالأدب الأفغاني؟ سؤال كثر من واجهوا أنفسهم به, وتأتي الإجابات عديدة ومتباينة: إن السبب فى ذلك هو حداثة الدولة الأفغانية,. إن أدبها المكتوب موزع بين أكثر من لغة, هناك آداب أفغانية, لكنها مكتوبة بالفارسية مثلاً, وقد تعامل كثير من المؤرخين مع تراث البلد الفكري باعتباره جزءاً من التراث الفارسي، أو جزءاً من تراث شبه القارة الهندية.
تأسست هذه الدولة على يد أحمد خان الأبيرالى "أحمد شاه بايا" سنة 1747 أي أن عمرها الآن لم يتجاوز 250 عاماً, وهذه سنوات قليلة في عمر الشعوب. إن الأجناس التى تؤلف سكان أفغانستان أربعة: الأفغان. الفرس. الترك. والمغل. للدولة الأفغانية حدود مع ست دول: إيران وتركمانستان وطاجكستان وأوزوبكستان والصين وباكستان. رغم قصر عمر الدولة فقد تعرضت لغزوتين: الأولى إنكليزية 1840 والثانية سوفيتية 1979 ـ 1989، وكان الفشل نصيب كل منهما. فقد ذهب الغزاة وبقيت أفغانستان.
تؤكد عفاف زيدان العميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر: إن الأدب الأفغاني الذي يكتب باللغة الفارسية يمجد قيما إنسانية كالحرية, ولهذا تأتي كثير من القصص على لسان الطير والحيوان والشجر، وأوضحت أن في أفغانستان التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة, 12 جامعة, فقد أنشئت جامعة كابل في نفس توقيت إنشاء جامعة القاهرة عام 1924, كما يجري تدريس اللغة العربية بجميع مراحل التعليم, ولا تزال الفارسية تكتب بحروف عربية, وقالت: إن أفغانستان مركز لصراع القوى العسكرية منذ الإسكندر الأكبر وجنكيز خان وهولاكو حيث يعتبرها المؤرخون بوابة آسيا.
حجر الصبر
بعد روايتين باللغة الفارسية كتب عتيق رحيمي لأول مرة باللغة الفرنسية رواية "حجر الصبر" التي حازت عام 2008 على جائزة "غونكور" الفرنسية المرموقة. ولد عتيق رحيمي في كابول عام 1962، درس اللغة الفرنسية في مدارس خاصة، غير أنه فر من بلاده عام 1984، أثناء الاحتلال الروسي لأفغانستان، والحرب الطاحنة التي عمت البلاد. تلقي الرواية الضوء على أوضاع البلاد التي تشبه الحرب الأهلية تحت حكم طالبان – تحكي بتحفظ عن مصير المرأة الأفغانية وكيف أنها تعاني من اليأس والقهر. وإلى جانب شخصيات "الرجال" السلبية في الرواية يوجد بعض المتحالفين مع المرأة. عبرصور تتداعى وغموض يلف فصول الرواية استطاع رحيمي في أحدث رواياته "حجر الصبر" أن ينقل للقارئ الأوضاع المفزعة والمزرية لأفغانستان، لاسيما أوضاع المرأة التي قرر الانتصار لها في هذه الرواية، ليجعلها تخرج عن صمتها الأزلي تجاه سجون معاملة الرجال والمجتمع لها.
ألف شمس ساطعة
لاقت روايات الكاتب الأميركي من أصل أفغاني خالد حسيني رواجاً كبيراً في نسخها الألمانية. وذكرت دار نشر بلومبيري في برلين التي تضطلع بنشر روايات حسيني في ألمانيا, أن روايات الكاتب " التحليق مع الطائرات الورقية" و" ألف شمس ساطعة " بيعت بأعداد كبيرة في الأسواق الألمانية حيث تم بيع 2،5 مليون نسخة منها. وتحكي رواية «ألف شمس ساطعة» قصة امرأتين أفغانيتين عاشتا في ظل حكم جماعة طالبان وتصور ما كابدته المرأتان من معاناة. تمكن الكاتب الأفغاني خالد حسيني، برأي العديد من النقاد، وربما بمفرده، من وضع بلده أفغانستان على خارطة الأدب العالمي من خلال قصته " صاحب الطائرة الورقية "
الهجرة من أفغانستان
يقول الدكتور محمد حرب مترجم رواية "الهجرة من أفغانستان" للكاتبة مرال معروف: ولدت فى كابول عاصمة أفغانستان عام 1960، تخرجت فى مدرسة مستور الغوري الثانوية للبنات فى ولاية لاغمان الأفغانية "وهى الولاية التى تجرى فيها أحداث روايتيها". في عام 1978 قبض النظام الشيوعى فى أفغانستان على والدها، وألقى به فى السجن. اضطرت مرال للعمل فى تدريس اللغة الإنكليزية للبنات, وكانت من جانب آخر تستعد خفية مع أسرتها للهجرة. كانت هجرة مرال معروف مع والدتها وأختها فى 1980 إلى بيشاور, وهذه الهجرة تشكل التجربة الأولى التى خرجت منها الرواية. الهجرة من أفغانستان ثلاثية. الجزء الأول منها عنوانه: هجرتي. والثاني: الفرار من بخارى. والثالث: هجرة منور.
سبوجماي زرياب
عندما كانت سبوجماي زرياب في العاشرة من عمرها, ألغي الارتداء الإلزامي للبرقع في أفغانستان عام 1959. بعد استيلاء الطالبان على السلطة, لجأت إلى فرنسا مع ابنتيها عام 1990. في مقالة بعنوان: تسألونني عن المنفى, كتبت:
قبل أعوام مضت، قرأت في مكان هادئ في كابول ترجمة باللغة الفارسية لقصة "رجل من كابول" للروائي رابندرانات طاغور, لقد أثرت فيّ هذه القصة، لكنني كنت صغيرة السن حين قرأتها ولم أكن أعرف ماذا يعني الفقر. ساهيةً عن رواية رجل من كابول وعذاب المنفى. أنا التي كنت في مأمن من البؤس، والتي عرفت الحرب في الكتب فقط، كنت أرى نفسي بمأمن من المنفى أيضاً... حتى آخر أيام حياتي. واهاً! كنت أجهل آنذاك أن يد التاريخ الجائرة ستجعل يوماً من كل أفغاني ذاك الرجل الآتي من كابول في قصة طاغور, وأن جنون التاريخ سيقسّم أمة بأسرها، ويشتت الأفغانيين في أقاصي الأرض! بماذا يمكنني أن أفكر عندما أرى أن الديانة والفلسفة والأدب والفن والعلوم والتكنولوجيات كلها لم تكن قادرة، طوال قرون من الزمن، على إشباع الجوع في جوف الأرض وإيجاد علاج للجنون الذي يُسمى بالحرب؟
الشعر النسائي الأفغاني
في موقع الامبراطور الالكتروني ثمة ملف عن قصائد ممزقة لشاعرات موؤدات في الأدب الأفغاني, ويضم نماذج لقصائد عدد منهن, جمع مع هذه المقاطع من مصادرها سيد بهاء الدين مجروح وترجمها إلى الفرنسية بمساعدة أندره فيلتير، مقاطع كشفت عن حضور المرأة الأفغانية وعن حسها الإنساني كمبدعة تحايلت على الظروف. تكثر أسماء الشاعرات ومنهن: شيماء كلباسي, نيشا, لايديا براكت اسم مستعار لشاعرة أفغانية, بروين بجواك, نادية أنجومان, فاطمة أختر, ليلا صراحت روشني.. وهناك أيضاً خالدة فروغ, هما طرزي, ساجدة ميلاد....
يدهشك هذا الكم من الأسماء, وهذه الحساسية العالية للأدب الأفغاني, ولأن المجال هنا لا يسمح بأكثر من هذا, أحيل القارئ العزيز للبحث والاطلاع على هذا الأدب الجميل لبلاد الشعر والورد والبلبل.
سوزان ابراهيم

النشر الورقي جريدة الثورة


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

قنابل مسيّلة للوطن

17-آب-2011

لقطات سريعة

10-آب-2011

وما زال الموت مستمراً

03-آب-2011

لماذا الأشهر الحرام؟

27-تموز-2011

اللعب بالنار وأصابع الوطن

20-تموز-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow