Alef Logo
يوميات
              

قنابل مسيّلة للوطن

سوزان إبراهيم

خاص ألف

2011-08-17

أصل حمص ظهيرة يوم أربعاء, يتهافت أصحاب سيارات الأجرة: تكسي يا مدام؟
أستقل إحداها, وعيناي تراقبان السائق, وهو ما لم أكن أفعله قبل كل حكايات الخطف والقتل والتمثيل التي صارت زاداً دسماً للمخيلة الشعبية تفعل بها ما تريد. ألمح صليباً معلقاً في المرآة التي تتوسط سقف السيارة عند الزجاج الأمامي. حين أشير إلى وجهتي, واسم الحي, (يتفرفد) السائق ويقول: سنسلك طريق السوق- وليس الطريق الذي يخترق شارع القاهرة وحي باب تدمر وباب الدريب, وهذه بطبيعة الحال أحياء ذات لون طائفي واحد مختلف - هذا أفضل للسلامة. ثم يضيف: لو كنتِ محجبَة لسلكت الطريق الآخر!
وسط استغرابي, لم أفهم من ذلك سوى تمترس خلف خوف تمتد جذوره في ضمائر الجميع.
في يوم آخر, أخرج من شارع الدبلان الحمصي الشهير, أرى سيارة أجرة تتوقف وينظر سائقها باتجاهي, حين صعدت السيارة, قال: شعرت بأنك تريدين إيقاف سيارة.
تستطلع عيناي بحثاً عن عداد الأجرة, لكن السائق يفاجئني بجملة تطمينية:
لا تخافي أختي أنا من نفس الحي الذي تذهبين إليه.. ودون أن يتوقف, يردف: الحق معك, الحذر واجب, في مثل هذه الظروف التي يمر بها البلد.
كنت أبحث عن العداد, فظن أنني أتفقد وجود شيء غريب قد يفزعني ويجعلني أنزل, فسارع ليطمئنني بأنه ينتمي لنفس الطائفة التي أنتمي إليها.. ثم يسرد لي حكاية الشاب الذي اختطف ثم وجد جثة هامدة في شارع الخراب.
أتذكر الحملة الشرسة للعودة إلى الحجاب عند النساء, وتكاثر الحلقات التعليمية الدينية, ( وقد رأى بعضهم أنها جاءت رداً على إقدام صبايا مظليات رفعت الأسد على خلفية أحداث الثمانينيات على خلع حجاب بعض السيدات في دمشق) – وهنا لابد أن أسجل رفضاً قاطعاً لذلك التصرف الغبي المتعجرف- ثم سأتذكر ما لفت انتباهي ذات يوم وأنا أرى سيفاً ذا رأسين يزين صدور شباب وصبايا من طائفة لم أعرف لها قبل ذلك رمزاً كهذا...
إنه البحث عن هوية, وإثبات الوجود ولكن ليس عبر الفعل في الحاضر, بل عبر التمسك برموز دينية ماضوية لطالما أثارت البغضاء والتكفير.
في كل مرة أستعرض فيها مثل هذه الحكايات الصغيرة, والتي راحت تتكاثر وتنتشر كنار في هشيم, أشعر بأن لدى الجميع قنابل مسيلة للوطن, إن استمر مقتنوها على رميها, قد نغدو بعد مدة خارج حدوده لنعود إلى عصور ما قبل الدولة والقانون والمدنية.
سوزان ابراهيم- خاص ألف

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

قنابل مسيّلة للوطن

17-آب-2011

لقطات سريعة

10-آب-2011

وما زال الموت مستمراً

03-آب-2011

لماذا الأشهر الحرام؟

27-تموز-2011

اللعب بالنار وأصابع الوطن

20-تموز-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow