Alef Logo
كشاف الوراقين
              

الأشياء في لحظات انكسارها

ابراهيم حسو

2009-11-25

( لا تش ِ بي لسكان النوافذ ) للشاعرة السورية لينا شدود 1966 الفائزة بجائزة الديوان الأول 2009 التي أعلنتها ( دار التكوين ) تجربة تبحث في التقاط قصيدة نثرية معاصرة قادرة على إثبات حضورها الإبداعي و مبتعدة عن ما هو سائد و ما هو مساق ,


تجربة أولى في حقول جديدة للكلام الشعري و فضاء أخر أكثر أنكماشاً للغة المدللة و عوالم شاسعة للمخيلة المتسائلة دائماً عن شبهاتها , حيث الكلمات المتقرحة و الحياة الشخصية العابرة و الأمكنة الخفية المظلمة و الأزمنة الخانقة التي بلا صدى تتحول إلى مصنع هائل لاستخراج القصيدة من ظلالها الخدرة و تشييد جسور عائمة بين الرؤى الجمالية المكتشفة للتو و بين الحياة الراكضة بعنف في تراب اللغة المطمورة بإهمال لا مثيل له , نصوص تقرع نوافذ مغلقة لسكان الأرض الطارئين , لأمكنة تتبعثر و تنفجر بقاطنيها حيث الموت أجمل و أوفر حظاً من لحظات العمر المختصرة بتبادل الشوق و الألم والسأم :‏

و نحن ندور و ندور‏

و ما عدنا نعرف إن غادرنا أو مازلنا في نفس المكان‏

ننتحب و نبتهل و نستعذب‏

موتاً من أجل اللحظة التي فيها كل العمر يختصر‏

فتبادلنا الشوق و الألم‏

إلى ذلك المكان المسافر فينا .‏

يتحّول الشعر هنا إلى خلاص حتمّي لمشاعر امرأة تريد ( البوح ) و( الاعتراف) كنوع ٍمن اختزال للتجربة الشخصية اليومية , تريد إن تقنع القارئ ببساطة فكرها الإنساني ( العميق ) بأناقة إيحاءاتها الدلالية ( المتعددة الطبقات ) :‏

غابات كثيرة تنمو داخلي فأزداد غربة .‏

ثملة أنا‏

أتلذذ بغيبوبة‏

ستلد الكثير من البساتين .‏

لقد خرجت الكثير من نصوص شدود إلى عراء الإيقاعات النثرية المتقطعة التي تعمل على نسف الموسيقا الداخلية للكلمات و أدخلت أيضاً الكثير من المقاطع ذات الجمل القصيرة الواحدة إلى بؤرة تواترات نفسية ( شعورية ) تركت خلفها حزمة من انفعالات أنهكت البناء اللغوي و هزت الكيان الدرامي للنص :‏

أحتاجك حرفاً‏

يرمم قافيتي‏

لانسكب شلالاً من عبير .‏

هي فكرة تدربت‏

على لذة البوح‏

وأبت إلا أن ترف على حدود اللهفة .‏

نلمح أيضاً في ( لا تش بي لسكان النوافذ) التماعات تصويرية لحياة شاعرة تعيش تجربة قاسية مع الزمن و الصمت و الجنون, اضاءات تحمل الكثير من البساطة و الغرابة معاً في تسمية الأشياء بمسمياتها , لذلك تجد أكثر من مستويات دلالية و معرفية تختزنها الذاكرة المحتشدة بالصور التوليدية المتهافتة نحو تشكيل النص و تلوينه حيث تلعب المفردة الشعرية هنا دور اللون و الصوت و الإيقاع الداخلي و الخيال المستسلم بدوره للسياقات الشعرية السريعة لتبقى اللغة تتفرج من بعيد مصائر المعنى و هي ُتساق صوب حتفها الأبدي و الكلمات المُصابة بالشّك العظيم تشتبك ببعضها البعض في عراك نقيّ تلهب البياض أنتعاظته و خذلانه معاً .‏

لينا شدود - ( لاتشِ ِ بيّ لسكان النوافذ ) شعر - جائزة الديوان الأول لدار التكوين دمشق 2009‏

المصدر جريدة الثورة صفحة كتب























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عندما كنتُ مع نفسي

10-تشرين الأول-2020

( سلطانات الرمل ) للروائية السورية لينا الهويان الحسن .. الراوية في تبصرها الباذخ

28-آب-2010

(على مسافة قبلة) لمعاذ اللّحام رحلة الأنا المؤلمة

25-تموز-2010

جوان تتر في ( هواء ثقيل ) ظلال الشعر المستأنسة

03-تموز-2010

الأشياء في لحظات انكسارها

25-تشرين الثاني-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow