Alef Logo
الغرفة 13
              

منذر مصري وشركاه أم حظيرة شعراء بريّة!؟

علي حميشة

2010-01-11

-1-

لا أدري لمَ خطر لي بعد قراءتي للحوار مع الشاعر منذر مصري في جريدة النهار،العدد 13ديسمبر 2009،فيلم (حظيرة الخنازير البريّة) للمخرج الإيطالي الشهير بازوليني ،والذي يعرض لنا في إحدى مشاهده، قصة رمزيّة عن رجل يتحرش بالخنازير، فتأكله الخنازير في النهاية_إن لم تخذلني الذاكرة_ ولا يبقى منه إلا فردة من حذائه،كشاهدٍ وحيد على ما اقترفت يداه.

ما يقارب الثمانين شاعراً بريّاً (وليس جُويّاً) لاحظ الفرق، والمكان : حظيرة واسعة اسمها "000" والزمان : حدّث ولا حرج ..أو لا تحدّث أبداً!

-2-

أن يبتدئ منذر مصري مشروعه الأنطولوجي (غير الرسمي)بعنوان (منذر مصري وشركاه)هذا يعني حرفياً عناوين أخرى ستصطدم بها مباشرة وأنت تتسوّق في سوق الهال ، ولن تُخرج رأسك منها بسهولةٍ أبداً..مثل : (الحاج محمد مصري وشركاه)و(الحاج حسن بغدادي وأولاده)و (الحاج محمد لاذقاني وشركاه) و و الخ.جميعها أسماء حقيقية في سوق الهال في محافظة اللاذقية لمن لا يعلم.

إذاً منذ البداية النهاية، العنوان يحمل (ماركة تجاريّة مسجلة) أسمها ماركة (منذر مصري)،مهما تنصّلَ المؤلف أو الشاعر،وبكافة تبريراته المُقنعة أو المقنّعة، المشروعة أو غيرها.

ولأن العناوين عادةً هي بحدّ ذاتها شيفرة نص كما يقال، أو (كشيفرة دافنشي) لا زيادة ولا نقصان،فلا حاجة لنا بعلمِ (القبالة) أو (الكابالا)كما يلفظها الأوربيون، كي نفكّ هذه الرموز والدلالات المستترة في عنوان (منذر مصري وشركاه) طالما هو يقدمها لنا على طبق من فضّة وباسمه شخصيّاً، دون أيّة استعارة غامضة ولو قليلاً.

وأعتقد أن كافة التبريرات التي ستكون متماسكة، ومتينة بالتأكيد، من شاعر أو مؤلف اتسمت لغته-خارج شعره الذي نحبه- بدوغمائية شديدة، والتي سترد في نص لم يُنشر بعد، إنما يُروّج له بطريقة أو بأخرى،لن تكون كافية حتماً،مهما كانت ذكيّة،وذات نبرة احترافيّة عالية، لردم الهوّة بينه وبين نفسه، في محاكاة أقرب إلى صورة شاعر سكران في مرآته،يتغير وجهه ويستطيل،كلما أبعد المرآة عن وجهه،أو قرّبها أكثر من الحدّ المطلوب، لكن أن يتنطّع شاعر مثل منذر(في لحظة هلوسة مفاجأة وغير معتادة) بأن يتحول إلى طائر رخّ أسطوري قادم من ألف ليلة وليلة، ويحمل ما يقارب الثمانين شاعراً بريّاً على ظهره، ذلك، كمثل سيزيف –اسخريوطي آخر ، أقل لُبساً، ولم تذكره لنا، لا التواريخ، ولا البشر،ولا الأمكنة.

-3-

أجد نفسي بقليل من الإدّعاء، وبكثير من المعرفة أو ما تحتها، ولضرورة هذا السياق، مضطرّاً لشرح فكرة عن طبيعة هذا الكتاب الذي لم يقرأه أحد على الغالب غير مؤلفه وناشره، وبما أني اطلعت على بعض القصائد القليلة جداً منه، ومنها قصيدة لي، أو ما بقي منها، وبناءً على ما ورد من المؤلف، من هنا وهناك، - وعلى مسؤوليتي هذا الكلام مهما كانت النتائج غير متوقعة - الفكرة واضحة وباختصار شديد :نص لشاعرٍ، إن كان منشوراً أو غير منشور،يأتي شاعر آخر، يُفكّكه إلى جمل ومفردات، ثم يعيد ترتيبها في سياقٍ آخر، ويضع اسمهُ عليه، رأساً على ذيل، أو ذيلاً على رأس، مع اسم الشاعر صاحب النص الأصلي !.

وإذا أردنا أن نتحدث بلغة الأساطير اليوميّة، نقول: نصوصٌ من لحم ودم، يتم سِفاحُها بداعي(الأخويّة الشعرية)من قبل شاعر يصطلح على نفسه اسم منذريوس، أو أي اسم آخر من رأسه.

الفكرة حقاً مغرية، بسيطة ونفعيّة، وذاتُ طابعٍ احترافي، خرافي، فنتازي، إن قُرنت بقليل فقط من الإدّعاء بالنوايا الطيّبة لشاعر يحترفُها، فهلوي، ويجد نفسه من الغيورين جداً على القصيدة السورية دون أية رحمة، وعلى جيل الثمانيٌات وما بعده بالضبط!.

- 4 -

عذراً منذر مصري...حَمْلِي ثقيلٌ جداً عليك(كما يقول أحدهم عن نفسه ضاحكاً) وأتابع أنا الآن :صحيح أن وزني لا يزيد عن الاثنين وستين كيلو غراماً، لكني شاعر لقيط، -وفي طفولتي – أُقسم لك –أني رضعت من ثدي العنزة مباشرة، ولم أعرف قطّ لا ثديَ أمي ولا الببرونة. وبما أن جدّتي هي التي ربّتني في طفولتي، سأذكر لك شيئاً بهذه المناسبة كتبته منذ عشرين عاماً عن نهود الجدّات، أولئك اللواتي كنّ يضعنَ الحبقَ وبعض الزهور البريّة في(شقبانهنّ) أي (ما تحت صدورهنّ)،(وهذا شيء لن يتسنّى لك أن تفهمهُ أبداً):

(مازال الحبقُ تحت نهد الجدةِ

وأنت تتشمّمُ رائحة الأنوثة التي تعتّقت

فأفاضت معدناً دافئاً لا يصدأ).

هذا ما أنا عليه إذن، شاعر معدني، ولئيم، وليس لدي الرغبة مطلقاً في قيادة عصابة (كوبوي) تُغير على القطارات وأشعار الآخرين..وبما أنه مازال هناك شيئاً عالقاً في روحي من ثدي العنزة، فلا تدعني أخاطبك بلغة التيوس مرةً آخرى..أنتَ الأرقّ من أن يخاطب بهذه الطريقة، والأكثر تهذيباً، والأكبر من أن تردّ على من تعتبره شريكاً لك في قصيدة، أنت خرّبتها لهُ، ولم يستطع أن يفعل شيئاً.

لذلك أنزلني أرجوك..اسحب قصيدتي أو اسمي من كتابك أو صورتي من على غلافك..استبدلني بشاعر آخر أخفّ أو أثقل وزناً لا فرق عندي !.


علي حميشة

























تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

فراس سليمان في مجموعته " نسيان"مصداقية التجربة وهاجس التجريد

14-شباط-2010

فراس سليمان في مجموعته " نسيان" مصداقية التجربة وهاجس التجريد

07-شباط-2010

كعمود ناتئ خشبي

22-كانون الثاني-2010

ملحق نص " منذر مصري وشركاه أم حظيرة شعراء برية ".

17-كانون الثاني-2010

منذر مصري وشركاه أم حظيرة شعراء بريّة!؟

11-كانون الثاني-2010

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow