Alef Logo
الغرفة 13
              

أيها الممثلون .. دعوا الكبار نائمين بهدوء في قبورهم !!

محمود الحاج محمّد

خاص ألف

2010-12-19

المقال لا يمثل وجهة نظر الموقع، ولكن ما أثاره خبر أداء فراس إبراهيم من جدل حتى تاريخه يدفعنا لنشر هذه المقالة لتكون شبه استفتاء حول هذا الأمر فمحمود درويش ليس شخصية عادية، وتحتاج إلى الكثير من التأني لنقدم له كعربون حب عملا دراميا يليق به

ألف.

رأينا ، ربما جميعنا ، ما قدّمته أسرة عمل مسلسل نزار قباني ، الذي لاقى نجاحاً باهراً وصدى جماهيرياً كبيراً ، حسب ما يقول البعض ، وفشلاً ذريعاً ، بإحياء تلك الشخصية النادرة ، من جديد ، حسب البعض الآخر . إلا أننا لم نجد انقساماً متوازناً وعادلاً بين الطرفين النقيضين ، كعادة شارعنا العربي .
و حين يقول قائل ما : " رأينا ، ربما جميعنا " ، فإنه يقصد ، بهاتين الكلمتين ، إستثائية نزار قباني ، بالنسبة للعرب . إذ أن قباني فعل ما لم يفعله سواه ( بعيداً عن حساسية وإختلاف تجربته ، ورأي النقاد والشعراء بها ، ولكن قريباً من الجمهور ) فكتبه ، حتى الآن ، وبعد وفاته منذ أكثر ما يزيد على عقد من الزمن ، لا تزال تتصدر قائمة الأعلى مبيعاً ، بدهياً ، ودون الرجوع إلى تصنيفات مبيعات الكتب العربية ، لأن أغلبها كاذب .
ثمَّ إن عملاً مثل مسلسل نزار قباني ، من الطبيعي أن يلقى نجاحاً ، أو أن تُـرجح كفة نجاحه على كفة فشله ، وكفة محبيه على كفة مبغضيه ، آخذين بالاعتبار جمهورَ هذا الشاعر الذي يعدُّه الكثيرون من المراهقين ، والفئة الأقل ثقافةً واطلاعاً . والأدلة كثيرة على هذا ؛ فإن سألتَ أمياً ، بائع خبز ، ماسح أحذية ، جزَّار ، أو طالباً ... عن نزار قباني ؛ فإنهم – جميعهم – سيعطونك الإجابة ذاتها : " نعم أعرفه ! .. إنه شاعري المفضل " ، لكنك حين تسأل هؤلاء ، عن أنسي الحاج وأدونيس والماغوط ونزيه أبو عفش وقاسم حداد وغيرهم .. فستراهم يجيبونك برفع أكتافهم ، مع احتمال بسيط ، في أن يعرفهم أحد ما ، أو يكون سمع باسم أحدهم يوما ما !


ولسنا بصدد تقييم مسلسل نزار قباني ، وخاصة بعد عدّة سنوات على إنتاجه ، وتناوله من قبل كافة وسائل الإعلام ، إيجاباً أو سلباً ؛ لكن ما يجدر القول به ، أن ممثلاً بحجم " تيم حسن " ، استطاع الوصول ، بتمثيل هذه الشخصية الشعرية المهمة ، إلى برّ الأمان ، بل وأكثر .. كما أن كاتبة سيناريو العمل أجادت .. بعيداً عن المبالغات التي ربما ، برأينا ، لم تكن صادرة عن الكاتبة فقط ، بل عن الكثير من تلك الأيادي التي ساهمت في هذا العمل . وكما تعوّدنا ، فإن هذا المشاهد ، وذاك القارئ – الذَين تناولناهما في مثالنا السابق – يحبان مثل هذه الدونكشوتية ، والمبالغة ، وخاصة مع رائد الدونكشوتية العربية المعاصرة ؛ نزار قباني .
لكننا ، حين نقف أمام هؤلاء الذين يحاولون طرح مسلسل ، بحجم شخصية محمود درويش ، فإننا سنحاول ترتيب أسئلتنا ، تلك التي ستكثر . وخاصة أن من سينفذ دور البطولة هو ممثل عادي ، وربما أقلّ !
.
فـ " فراس إبراهيم " الذي يبرِّر استحواذه وسرقته لهذا العمل ، بحبه لدرويش ، وشبهه به ( ! ) ، وإلقائه قصيدة له ، في امتحان قبوله في المعهد العالي للفنون المسرحية ( !! ) ؛ لن يشفع لنفسه بتمثيله هذا الدور ، ولن يستيطع ، بكل المناديل التي سيجلبها ، أن يدافع عن نفسه أمام صرخات الغضب التي ستكال ضده.
الأمر الذي يدعو للدهشة أكثر ، هو قبول الكاتب الكبير " حسن م يوسف " الإشراف على كتابة سيناريو العمل . وإن كنا لنجزم بقدرة " يوسف " على النجاح في هذا الأمر ، ونشيد بتجربته في مجال السيناريو ، إلا أننا لن نستطيع ، ولعدد من الدقائق ، أن نسمح لـ " فراس إبراهيم " أن يجزَّ ويُحرقَ ما تركه لنا درويش من عشبٍ أخضر طريّ في مخيلتنا ، بمقصّ فشله المتوقّع .
الكاتب " حسن م يوسف " صرَّح ، في ندوة سابقة له ، أن السيناريو سيعتمد على الـ " فلاش باك " ، حيث سيبدأ العمل من نهاية حياة الشاعر ، ويعود تدريجياً إلى البداية . وإن كانت هذه التقنية السردية ليستْ جديدةً ( إذ استخدمها الأدباء والروائيون منذ عدة قرون ، كما كانت ، هذه التقنية ، الثيمةَ الرئيسة لسيناريو مسلسل " بعد السقوط " الذي رأيناه العام الماضي ) إلا أن " يوسف " سيوفق لكسر الملل الذي يعترينا ، في سيناريوهات مثل هذه المسلسلات التي تتناول تجربة شخصياتٍ كبيرة ، ثم إنه - أي الكاتب – قام بزيارت متكررة إلى مسقط رأس درويش ( قرية البروة ، الجليل ) ، واستقرَّ لمدةٍ هناك ، حيث استطاع استخلاص الحياة اليومية لهذه القرية ، واصطياد جزئيات بسيطة ، ليدعم بها هذا العمل .


وليسَ بعيداً ، فإننا لا نشكّ بقدرة المخرج " نجدتْ أنزور " على جعل هذا المسلسل ذا قيمةٍ ، وخاصة أنه كُرِّس كمخرجٍ نخبوي ، بعد عمله " ذاكرة الجسد " الذي عُرض ، رمضانَ الفائت ، مستخلَصاً من روايةٍ بذات الإسم ، للكاتبة الجزائرية " أحلام مستغانمي " ؛ إلا أننا ، كما الكثير من المتابعين ، نرفض بشدة مشروع " فراس إبراهيم " لسرقة هذا العمل ، وأخذ بطولته .
و لن نشير إلى غرابة موقف الفنان الكبير " مارسيل خليفة " ، في الدخول إلى هذا العمل ، وإشرافه على موسيقى الشارة ، و ألحان قصائد درويش التي سيغنيها ، بتوزيعاتٍ جديدة ، في المسلسل ؛ إلا أننا سنحزن كثيراً ، لأنه ، بهذه الحالة ، سيخسر الكثير ممن أحبوه ، وحسبوه لوناً أساسياً ، لا يمكن لأي رسام الإستغناء عنه ، في حال أراد رسمَ لوحةٍ تمثل تجربة درويش ، وليس مسلسلاً يودي بها إلى الهاوية ! .
الموقف الرافض ، والذي نمثله نحن أيضاً ، لم يكن جديداً ؛ إذ انطلق مع تصريحات " إبراهيم " حول حتمية هيمنته على العمل ، وذلك بعد وفاة درويش قبل عامين تقريباً ، وكأنه كان ينتظر موته . فتعدّدت أماكن انتشار هذا الموقف ، لترى المثقفين يناقشونه في المقاهي ، و في مقالاتهم الصحافية ، وحتى على الشبكة العنكبوتية ، في مختلف المنتديات والمواقع ، حيث يحتضن موقع " facebook " الكثير من المجموعات والصفحات التي تمثل هذا التيار ، بتعدد عناوينها النابذة ، بالشكل الأكبر ، لتواجد " فراس إبراهيم " ضمن هذا العمل .

وليس غريباً على فنانينَ كُثر ، عُـرفوا بتجاربهم الناجحة ، أن يندِّدوا باستحواذ " إبراهيم " على العمل ، فهم يجزمون بفشله ، منذ الآن ، قبل ما يقارب العام من عرضه على شاشات التلفزة . وهم ، على أي حال ، يعتبرون حادث السير الذي تعرض لهُ " فرس إبراهيم " و " مارسيل خليفة " ، استجابة من الله لدعواهم الكثيرة ، لفشل ، وعدم إتمام هذا العمل .

وفي نهاية الحديث عن مسلسل محمود درويش ، لا بدَّ من نصيحة يوجهها الكثيرون لـ " فراس إبراهيم " ، يقولون فيها : " ألا تخجل من نفسك ، حين تصرُّ على ما أنتَ فاعل ؟ . كيف ستقلّد ، ، قول درويش ( أعدِّي لي الأرض كي أستريح فإني أحبك حتى التعب ) ؟ ، وكيف ستحاول تقليد صدقه ، قائلاً ( أحن إلى خبزِ أمي ، وقهوة أمي ، ولمسة أمي ) ؟؟ .. ليتكَ تحنُّ إلى خبز ضميرك ، وتتركنا نحافظ على صورة درويش ، رائعةً ، في ذاكرتنا .. ابتعدْ عن هذا العمل ، واترك درويش يرقدْ بسلام في فردوسه ! "

و بعد هذا ، فإننا نخشى ، حقاً ، أن يظهر أحد هؤلاء الفنانين - إن صحّ التعبير - ليمثل لنا دور الماغوط ( نعم ، الماغوط !! ) ، وهو يحاول ، بكل كذبه وسذاجته ، أن يصوّر لنا التسكّع المقدّس لهذه الشخصية الاستثنائية ، حيث يستلقي على رصيف ويلتحف السماء ، ويعيش في غرفةٍ ، من فرط مساحتها ، أضحت بسقف لا يفوق المتر ، وجدران لا تكاد إحداها تستطيع مقاومة الرطوبة . نخاف في يوم من الأيام ، أن يأتي أحد هؤلاء ، ليمثل دور سليم بركات ، أو أدونيس ، أو غيرهم من كبار الأدباء السوريين .. لكننا نحمد الله أنهما - بركات وأدونيس - لا يزالان على قيد الحياة ، فهما بالطبع ، لن يسمحا لمثل هؤلاء المتسلقين ، بتدنيس تجربتهما . كما لو أن درويش ، ما زال حياً ، لما سمح بهذا .. فهو أكبر من أن يصبح سلماً ، ليتسلق عليه الآخرون .








تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

تمام تلاوي : أنا إيروتيكي بطبعي، وهذا الأمر يعني لي الكثير

31-كانون الثاني-2011

أيها الممثلون .. دعوا الكبار نائمين بهدوء في قبورهم !!

19-كانون الأول-2010

صورة خريفيّـة

01-أيلول-2009

النــِّـهاية

11-آب-2009

موت أوّل

05-تموز-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow