عذراً أيها الحب...!
خاص ألف
2011-01-23
لطالما كنت في جدال دائم مع الحب، فمنذ أن كنت طفلة كان السؤال يطرح عليّ: من تحبين أكثر والدك أم والدتك؟! جدتك أم جدك؟ معلمة اللغة العربية أم الرياضيات؟ تحبين لعبتك الشقراء أكثر أم السمراء؟!
كان الحب مرهوناً في طفولتي بميزان قاتل, كالاختيار بين عيني اليمنى أو اليسرى ! لم أفهم أي غرور سأرضي إن فضلت أحداً على آخر؟! لذلك كنت أفضل إجابة حفظتها عن ظهر قلب ( أحب الاثنين) حتى لو كان السؤال عن تفضيلي للَّبن أبيضَ أم أسود كنت أجيب ببراءة طبعاً الاثنين معاً !
و مشى عمري حافياً على أرض الحياة القاسية، و كم من مرة وقعت متعثرة بحجر وضعه الحب تحت أقدامي العارية... أحياناً أتحسس قلبي فأجد بعضاً من قطرات الدم التي ذرفها أيام الطعنة الأولى... الطعنة التي لم ينأى الحب عن إتباعها بطعنات أدمت قلبي الغض, تاركاً عقلي مستمتعاً بالضحك على سذاجته.. لطالما دخل هذان الاثنان في صراعات دامية و خاضا حروباً دامية في جسدي و كل منهما أعند من الآخر و بين جدلياتهما و فرضياتهما و نزاعاتهما و توسلات رأسي لإيقافهما كنت أعالج عنادهما بحبة مهدئ و أنام , لأصحو بجدال جديد في اليوم التالي...!
الحب و على صغر حرفيه يمتلك مفعولاً كبيراً ... فبسببه نفتعل المشاكل و من أجله ننهي تلك المشاكل ..
كم مرة آنس الحب وحدتنا و أرخينا يدنا على الشباك مسافرين بأحلام لم نصح منها إلا بعد صراخ من والدينا..؟! و كم مرة استعمله آباؤنا حجة لتصرفات و خوف لم نفهمه إلا بعد أن صرنا آباء؟! كم مرة استعملناه نحن حجة لرسوبنا في مادة قلنا أننا لا نحبها أو ببساطة أستاذها لا يحبنا لذلك لم ننجح بها؟! كم مرة علّقنا على الحب هزائمنا و ضعفنا؟!, كم مرة أخفينا في خزائنه دموعنا و ذكرياتنا و أقفلنا الباب و أضعنا مفتاحه؟!...
للحب طغيان غريب لم أفهمه , كيف تتلألأ حتى في أحلك الليالي عيوننا لمجرد رؤية من نحب أو حتى ذكره؟! كيف تسرق البسمة طريقها إلى ثغر يحمله أحزن الوجوه لمجرد أنه عاشق؟!... كيف يشرق الحب شاباً يانعاً في وجهي عجوزين عاشوه حياة؟! .... كيف نمتلك القدرة على تغيير كل ما عشناه من حياة من أجل شخص أحببناه فصار هو الحياة ؟! ... كيف تستطيع أم أن تر النور في صورة طفل بعد لم ير النور بعد ؟! ... كيف رغم كل الشجارات يتشاجر الأشقاء على محبة بعضهم؟! كيف و نحن على أبواب أن نغادره يترك الحب في أعيننا دمعة و حسرة على وطن أحبنا أكثر مما أحببناه؟!
لم أفهم سر الحب و لا أريد فهمه أبداً فجمال الحب في سره , لكن... عذراً أيها الحب ...!
عذراً أيها الحب ...فقد حولناك إلى حبر نملأ به أوراقنا لا قلوبنا ..!
عذراً أيها الحب ... فقد صرت أغانٍ يشدو بها من هب و دب كلها تبدأ بحبيبي و تنتهي بها و ما بينهما (حدّث و لا حرج)... !
عذراً أيها الحب... فقد تحول مكانك من قلوبنا إلى جيوبنا و صرنا نكتبك بالأخضر بدل الأحمر...!
عذراً أيها الحب ... فلم يعد لدينا الوقت لنحلم من أجلك ,لنضحي من أجلك, أو لنصلي من أجلك, فقد بت غطاء نغطي به نوايانا ...(الحسنة)...!
عذراً أيها الحب... فقد خنّا مبادئنا و هذه المرة هزمناك شر هزيمة...!
عذراً أيها الحب فالأشقاء و الأحباب نسوك أمام سطوة مصالحهم, وحجر الألماس كلما كان كبيراً كان مقدارك كثيراً مهما كان قلب من يهديه صغيراً...!
عذراً أيها الحب... فحتى الله الذي عبدناه محبة به و بما زرعه فينا من حب, تحولت علاقتنا معه إلى مقايضة يعطينا فنعطيه هذا إن فكرنا بإعطائه !
عذراً أيها الحب ...فقد حولناك إلى صفحة ممزقة من كتاب قديم ..!
عذراً أيها الحب ...فأنا أعلم أني قد أبكيتك, ربما كنت أسترد بعضاً من الدموع التي ذرفتها بسببك ...
عذراً أيها الحب ... فلم أخبرك أنهم مهما حاولوا طمسك, مهما حاولوا تشويهك لازال هناك يذكرك و يعيد تشكيلك ...
عذراُ أيها الحب ... فلو أن كثيراً منا قد شفي منك لازال هناك أصيب بك و لا يريد الشفاء منك أبداً..
عذراً أيها الحب... فهناك من لازال يرى فيك إنسانيتنا المفقودة ..
عذراً أيها الحب... فلازال هناك من اختار ألا يكبر معك...
عذراً أيها الحب .... فلازال هناك من يصدق أنك لا تعرف المستحيل ...
للمرة الأولى لم يؤرقني جدال قلبي و عقلي و استغربت و أنا أسمعهما أخيراً يقولان نفس الكلام لكني ابتسمت و أومأت رأسي موافقة... لأقول عن نفسي :
( عذراً أيها الحب... فقد وجدت ما هو أجمل و أكبر و أروع منك...!)
للمرة الأولى و دائماً: نورة بيطار سوبورغ
حمص في 22-1-2011
08-أيار-2021
23-كانون الثاني-2011 | |
20-تموز-2010 | |
21-نيسان-2010 | |
13-أيلول-2009 | |
08-أيلول-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |