Alef Logo
يوميات
              

عن الثورة والثورة المضادة, بعيون سوريون في المهجر

هنادي الشوا

خاص ألف

2011-07-01

عن الثورة والثورة المضادة, بعيون سوريون في المهجر
أنت خاين .....أنا مندس؟ أنا بوق, وأنت عار,أنت لاتحترم الفكر التنويري,أنا مع العلمانية الأصولية, أنا عبثي يساري , لماذا كنت تصفق؟ لأني أؤمن بالتوحد ؟ عفواً قانون توحيد الأحزاب, أنت من؟ أنا عتيق في السياسة. أنا يسمونني طبل أنا من قائمة المُزامير القدماء وأنت؟ أنا سوري مستقل. أنا أريد أن أقول رأيي بحرية: لدي حساسية تجاه اللون الرمادي. أنا أريد أن يلغوا خدمة العلم للمعيدين ؟ أنا ُمعارض للثورة مع وسام العار. أنت: أنا مثلكم, أنا أريد إذاً أنا موجود.......بهذه التسميات الحقيقية للأدوات الموسيقية للثورة السورية أبداُ حديثي, وأوجهه إلى جميع السوريين, مراقبين ,محللين رجال علم, سياسة, و دين, وتحديداُ طلبة سوريا المُوفدين من أنصار الثورة والثورة المُضادة.
يحق لنا كسوريين أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة: ما لذي ينأى ببعض الطلبة السوريين في المهجر من الوقوف إلى جانب الثورة ؟ هل هو الخوف من توقف المنُحة؟ ما الذي يدفع بالمقابل أفراداً من فئة النخبة, ومنظمات فاعلة في المجتمع إلى تغيير خط سيرها وتبني فلسفات لاتُسمن من جوع؟ هل هو الخوف من غضب المتظاهرين ؟ لماذا يعتقد المتثورين ومن في حكمهم, أن باستطاعتهم كم أفواه الفئة المضادة للثورة بمجرد هتك أعراضهم؟ لماذا تُهمل أصوات أنصار الثورة المُضادة في المحافل وتغدو ثقيلة على ضمائر الناشطين الحقوقيين؟
حتى نستطيع الإجابة على هذه التساؤلات, لابد لنا من الوقوف للحظات مع أبرز إيديولوجيات الثورة السورية, ونبدأها بتسمية أنصار كل طرف. من أبرز ما يميز الثورة السورية في المهجر,هو جملة من الاصطلاحات والتسميات المُقيتة التي تطرب أسماعنا كل يوم : بوق , مزمار, فوفوزيلا, عار, طبل, ُمندس, وعلى صعيد الثورة المضادة :, بعثي عبثي, يساريون جدد, معارضين بلا حدود, خاين, بعثي منشق, وبين هذه الاثنين تقع مجموعة من الاصطلاحات الفرعية الُمنشقة بالضرورة, وتشمل ألقاب تنطبق على حالات فردية بعينها.
- يعتقد البعض من أنصار الثورة من المتثورين, أنهم خدموا الثورة السورية بمجرد الشتم وهتك الأعراض لزملائهم من أنصار الثورة المضادة, وهذا اعتقاد مأفون, حيث أدت سلوكياتهم اللا إنسانية والغير منضبطة إلى توحيد الشباب المغترب بمختلف طوائفه, فقد وحدت الآلام شمل هؤلاء الشباب وصارت معارضتهم مسألة حياة أو موت.
- يعيب أنصار الثورة من المُنشقين البعثيين وهم كُثر ,معظمهم ممن حققوا مكاسب عظيمة في زمن الربيع البعثي , يعيبون على أنصار الثورة المضادة تأييدهم للنظام, ويعتبرونهم حجر عثرة في طريق النهوض بسوريا كبلد ديمقراطي وحر, ومن هنا يتكلمون عن الفساد ,وعن الرشاوى وعن المادة الثامنة, وعن المتنفذين والعسس, ولم يفهموا في كل هذه المعمعة أن انشقاقهم, أو حتى حرق سجلاتهم لن يكفل بالضرورة تبييض صفحات عارهم. على العكس فنظراً لتمرسهم في المهنة نشط بعض منهم مؤخراً باختراع ما يسمى قوائم العار ليكس وهي نسخ معدلة وراثياً عن تقاريرهم العفنة أيام العز, حينما كان مُجرد التفكير بإلغاء المادة الثامنة من قبلنا نحن- الغير بعثيين- كفراً وتطاولاً.
- صيغة الخطابٍ في قائمة عار ليست بدائية طفلية, متجددة أصولاً ,لتتناغم مع خطابات الأصوليين التكفيريين غير المغضوب عليهم مؤخراً من قبل أميركا, كلماتهم تلامس وجدان الثكالى برفق لدرجة تحسب كل منهم ناشطاً في حقوق الطفل . وتبدأ مع تلك القوائم حملات الإلغاء عن طريق العنف ابتداءاً من الشتم والبُصاق وصولاً إلى التهديد غير المباشر بالتصفية مروراً بتواصيف ماجنة وعبثية تعبر عن سمو أخلاقهم ورفعتها.
- يكتفي أنصار الثورة المضادة إن أرادوا أن يجنبوا أنفسهم الغوص في مهاترات العبثيين, أن يرسلوا رسالة إلى مدير الصفحة ليُعربوا عن ندمهم وتحميل الشيطان أوزارهم, كما كان يفعل المجرمين في برنامج الشرطة في خدمة الشعب, وهذا الاعتذار والانشقاق كفيل بإصدار صكوك غفران باسم الثورة السورية في المهجر تبرئ ذمة المُعيد السوري من أنصار الثورة المُضادة, من تهمة العمالة و الانضمام إلى صفوف المطالبين بإلغاء المادة الثامنة. لتبدأ بعدها العطايا والمُنح والثناءات ابتداءاً بالوعد بنسف كل فروع الاستخبارات وحل الأجهزة الأمنية , انتهاءاً بمدينة أفلاطون السورية , مروراً بالحرية إن لزم الأمر.
أما من لم يعود إلى رشده, فليتبوأ مكانه بين الخونة , لتصدر بحقه فيما بعد مذكرة اعتقال أو ما يسمى التقرير ألاستخباراتي من الممثل الأمني لكوادر الثورة, وهو موقع متخصص بإصدار فرمان التصفية ويُبلغ المُتهم عن طريق أصدقائه وربما بالصدفة, ليجد نفسه محاطاً بالذئاب التي تنقض عليه بكل وحشية لا لشئ وإنما فقط لأنه مارس حريته .
فرمانات استخبارات الثورة السورية عادة ً تختتم بيانها على الشكل التالي: يرجى إخبار المعنيين من أهل الحي الذي يقطن فيه هذا .... واتخاذ ما يلزم أصولا . واستخبارات الثورة تعنى بالشؤون المخابراتية للثورة السورية, تعمل على غرار جميع فروع الأمن , وأجهزة المخابرات السورية مجتمعة , فبعد جمع المعلومات من عسس العبث , يتم نشر أسماء عناصر القاعدة الشعبية للثورة المضادة , و إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ ما يلزم بحقهم, في الوقت الذي يتغنى أنصار الثورة من المتثورين بإلغاء كل دور للأجهزة الأمنية القمعية وأجهزة المخابرات
تنتشر على الضفة المقابلة كمحاولة نوعية لكفكفة دموع أنصار الثورة المضادة, ما يسمى بقوائم الفخر السورية وإن كانت هي الأخرى لا تقل غباء عن ضرتها الأولى, فإنك تجد فيها من أشد المهووسين بالثورة ولا تسألني كيف لا أعلم ولا أحب نظرية المؤامرة هاهنا, وإنما على قولة البعض في سوريا, مين سمير؟
نعم فقط في سوريا, يتحول بعض الموفدين السوريين للأسف , إلى مُعارضين مُنكلين بمن يعارضهم, ينزلون التُهم ويطلقون الفتاوى التكفيرية ويضعوا أصابعهم في عيون زملائهم أنصار الثورة المضادة , ولكن تكمن مشكلة هؤلاء المتثورين اليساريين الجدد في أنهم لم يتعلموا أن قوائمهم عار سيلاحقهم فلو كان هذا الشباب الواعي والمنفتح سأل نفسه لوهلة عن سبب إحجام الكثير من طلبة الدكتوراه عن المشاركة أو التأييد لأي من فعاليات الثورة على الانترنت لاكتشف ببساطة أن مشكلتنا ليست في الخوف من توقف المُنحة, على العكس إن أحد أهم مشكلاتنا تكمن بوجودهم وهم من العسس القديم في حزب البعث ونعرفهم جيدا, أصبحوا اليوم عسس للثورة السورية أي كأنك يا زيد ما غزيت.....وجهاز استخبارات الثورة السورية أكبر دليل.
زملاءنا, أننا لم نجد في هذه الثورة بديلاً حقيقياً عما ناضلنا من أجله حينما كان الكثير منكم يغرقون بالعسل, حينما كانوا يقودون السيارات ويشفطون , حينما كانوا يتلذذون بخوفنا, بتصبب عرق البسطاتي , باحمرار وجنة الجدة التي لازالت تضع كرسيها أمام باب الدار تدخن الحمراء وتبيع الدخان المهرب.
للأسف نسي البعض من أنصار الثورة أنهم ليسوا سوى ذلك الماضي الأرعن الذي تنكروا اليوم له, قالت لي إحدى الناشطات المتثورات وهي منشقة عن حزب البعث بعد معاناة طويلة من التصفيق استمرت عشرين عاماً : إني أحسدك لأنك لست في حزب البعث , فيمكنك أن تقولي ما تشائي وتركبي الموجة التي تعلو أكثر فوق سطح استخبارات الثورة السورية, إني أؤمن بكلامك بأن الخطابات الببغائية جلبت لنا المزيد من الذل والاغتراب , فقلت لها: ليست المشكلة اليوم في انشقاقكم , المشكلة في أنكم تمارسون الدور ذاته ولكن من قبيل العبث هذه المرة .
أعكف هنا على كلام الدكتور قدري جميل حينما قال: حزب البعث لم يكن يحتاج إلى المادة الثامنة ليعمق وجودة ويزيد من قاعدته الشعبية بل على العكس لقد أدت هذه المادة إلى انغماسه بذاته, مما جعله هزيلاً وكهلاً لا يقوى على مواجهة أي جديد, وربما كان سبب نحوله اليوم تلك المادة . أقول نعم ولكن أضيف, للأسف يا سيدي إن المادة الثامنة أدت أيضاُ إلى وصول أمثال هؤلاء إلى صفوف الحزب , ولعل المضحك أن أكثر المطالبين بإلغاء المادة الثامنة هم أعضاء عاملون في حزب البعث, يخشون حتى الساعة انشقاقهم المُعلن خوفاً من تنفيذ أحكام خاصة بالانشقاق الحزبي لم تطبق أساساً بحق أحد . ولكن يقلق هؤلاء من مصيرهم أمامنا نحن الأحرار الحقيقيين , نحن من لم تقيدنا تلك التحزبات الضيقة, كنا ولازلنا بعيدين عن كل الأوهام التي يتلوها علينا المرشحين في الدوائر الانتخابية, نحن لم نبيع أصواتنا يوما رغم حاجتنا للمال خلال دراستنا الجامعية, نحن لم ننتخب يوماً ممثلاً لنا من أجل ألفي ليرة سورية, نحن لم نصفق وقت كان الحديث مبهماً, نحن حملنا بشرف مشروعاً حقيقياً للإصلاح , تربينا أصلاً على فكر الإصلاح والعمل, وحملناه في أعناقنا خبأناه بين كراساتنا كي لا يلاحقنا عسس الجامعة, ولكنهم أرهبونا بأقلامهم الخضراء والحمراء, ولازالوا ُيحاولون إرهابنا اليوم بقوائمهم الحمراء, ولازلتم تسألون لماذا نغيب؟
حينما صلينا نحن لسورية, لأطفالها, لفقرائها, صليتم أنتم لحزبكم ,أيها العبثيين القدماء سخرية أن تقودكم أقدراكم إلى نفس المصير فأنى حللتم لا تفقهون سوى نظم التقارير,أسفي على دماء المتطلعين إلى الإصلاح, اتركوهم فما شعرتم يوماً بهم, قلت لكم سيعييكم التصفيق,قلت لكم, أحزن على كل ليرة تخصص لبناء أبراجٍ لأذناب همها خنق تضورات الجياع,أضرمتم النار بها ظانين أن سجلاتكم ستمحى من ذاكرتنا ولكن لأني أقوى أشُهر اليوم كفري بشعاراتكم, بوصوليتكم البائسة.
صديقي السوري, ظننتُ أن ودك لي كان مُجردا ًمن الشعارات الببغائية التي قلت لك يوماً بأني لا أحترمها, قلتُ لي أنا أحترم كرهك للتصفيق, قلت لك ولكن لا يعُقل أن تحترم سخريتي من غوغائية الخطابات , قلت لي لا يهمني فأنا أعشق سورية وأحب وأحترم من يعشقها,فلماذا تريدني أن أكون عبداً لثورة غالبية عسسها من اغتال كلماتنا بتقاريره العفنة طيلة سنوات. نعم وألف نعم لإلغاء المادة الثامنة, وقد تعطلت لغة الكلام بيننا أعتزل اليوم ودي لك يا صديقي ولنكن فحسب رفاقا ً في حب الوطن.
هنادي الشوا
شرح المفردات
- المتثورين: هم مجموعة من الناس المتسلقين الذين امتطوا هموم ومطالب المتظاهرين الشرفاء, وافترشوا أشلاءهم في المحافل الدولية .
- تهمة الانضمام إلى صفوف المطالبين بإلغاء المادة الثامنة: تهمة جديدة انبجست من صميم التجربة المريرة للعبثيين المُنشقين, ومفادها أن من يطالب بإلغاء المادة الثامنة, يرحب ببقاء النظام ضمناً, وبالتالي تصبح المطالبة بإلغاء المادة الثامنة بمثابة تأييد مُبطن للرئيس السوري, يقتضي العقاب, ويقوم بتنظيم مذكرة الاتهام أشخاص ضليعين بالشؤون الحزبية.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عن الثورة والثورة المضادة, بعيون سوريون في المهجر

01-تموز-2011

آدم وحواء والسندريلا

19-كانون الأول-2008

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow