Alef Logo
يوميات
              

شعب الله المحتار

دلور ميقري

خاص ألف

2012-04-03

لا سلفة ولا تكلفة:
عنوان مقالتي هذه، استلفتها من رسم لفنان الكاريكاتور الفلسطيني، الراحل، ناجي العلي؛ مع علمي، مؤكداً، بأنني لن أستطيع ردّ الدّين. على كلّ حال، فالمَعنيّ الذي يغني هنا مع أمّ كلثوم: " دليلي احتار "، هوَ الشعب الكردي السوري. ولا ضيرَ من مخاطبته بضمير المفرد، بما أنّ ثورتنا المباركة قد ألغت ولا شكّ أيّ تكليفٍ بين مواطنيها على اختلاف مللهم ونحلهم.
مَن حيّرَ مَن:
قلنا، أنّ هذا " الشعب " في حيرةٍ من أمره.. أو من دليله، بشكل أدق. تشديدنا فيما سبق، لكون الجَدَل ما يفتأ مُحتدماً بين معارضينا السوريين فيما يخصّ تعريفَ هؤلاء البشر، المنتمين لهذه الملة، المَوْسومة: أهُمُ شعبٌ، بصفة المذكّر المهيبة؛ أم أنهم أقليّة، بصفة المؤنث الذي لا يُعوّل عليه في اللغة العربية..؟
الأخوان، بما أنهم مسلمون وَرعون يخافون الله، اختاروا شخصاً بلون باهت، لكي يمثل الطيف الكرديّ في المجلس الوطني السوري. بكلمة أخرى، أرادوا ممثلاً أصم أبكم بدلاً عن آخر طويل اللسان، سينكّد رخاءَ إقامتهم الاسطمبولية بالحديث الدائب عن الحقوق الكردية.
عن الأسد والجحش:
يُقال، على ذمّة الراوي هذه المرة، أنّ مقطعاً كاملاً من مسرحية عادل إمام، " شاهد ما شفش حاجة "، قد حذفته الرقابة لدينا، بسبب تكرار كلمة " الأسد " فيه. من ناحية أخرى، فأخوتنا الأكراد يُعيّرون المتعاملين مع الأنظمة التي تضطهدهم بكلمة " الجحش ". وقد يتفهم المرءُ، إلى حدّ ما، مبررَ ظلم هذا الحيوان ( وأعني هنا، طبعاً، الجحشَ )، بما أنّ أخوتنا هؤلاء هم شعبٌ جبليّ، لا يستعملون هذا البهيمة في تنقلاتهم؛ وبالتالي، لا يهتمّون كثيراً أو قليلاً بمشاعره.
إلا " جحش " واحد، يراعي الكردُ السوريون خاطرَه كثيراً؛ بالرغم من أن تنكيله بهم، هوَ بإيعاز من " أسد " ترقى جرائمه إلى مستوى الإبادة الانسانية.
ما حدا أحسن من حدا:
رئيس المجلس الوطني الكردي، السابق، كان قد دعا من مكان اقامته في اربيل لانتفاضة شاملة تحرر شمالي سورية من رجس البعثيين. على ذلك، تمّ الترحيب به بحرارة في مؤتمر اسطمبول الأخير، التوحيدي. ألا تقول، أن صاحبنا سينسحب من المؤتمر بدعوى أن كلمته القومية، الشاملة، قد تمّ تأخيرها عمداً. قبل ذلك، كان " شيخ الحقوقيين السوريين " قد انسحب بدوره من المؤتمر، لأن طلبه بترؤس الجلسات، كونه الأكبر سناً، قد رفض.

من جمعة لجمعة:
عندنا نحن المسلمين، عموماً، يُسمّى المولودُ الجديد " جمعة "، فيما لو أنجبته أمه في هذا اليوم، المبارك. إلا أنّ لعنة، ولا ريب، قد أحاقت بكلّ من وُسِمَ بهذا الاسم، منذ الخامس عشر من آذار 2011.
" بدّك حرية، واسمك جمعة كمان؟؟ "، كذلك سيصرخ الشبيحُ، أو رجلُ الأمن، عند أيّ حاجز مُفترض، وهوَ يلوّح بيده البطاقة الشخصية للمعنيّ، المسكين، الواقف بمقابله.
يأكلُ الحصرمَ ورفيقه يَضرُس:
لأول مرة، منذ اشتعال الثورة السورية، جرى اعتمادُ اسمين ليوم الجمعة، الجاري. ففي حين اتفق السوريون على تسمية " جمعة خذلنا المسلمون والعرب "، إذا بالكرد أيضاً " يخذلون " مواطنيهم، حينما أصروا على تسمية أخرى؛ " جمعة الحقوق الكردية فوق كل المجالس ". ومن النافل التوضيح، بأنهم يقصدون تحديداً المجلسَ الوطني السوري. هذا المجلس، كان قد أثار غضب ممثلي القوى الكردية، خلال مؤتمر اسطمبول الأخير، حينما شملَ في ما أسميَ بوثيقة " العهد " كلّ المكونات الوطنية دونما مراعاة للخصوصية الكردية، العتيدة.
أولئك المجتمعون، من المؤتلفة قلوبهم غيرة ً، انسحبوا من المؤتمر إلى غرفهم بالاوتيل، أو ربما إلى البار، لكي يهدئوا أعصابهم بكأس من النبيذ. أما المجمّعون ( أيْ أولئك الذين اعتادوا على الاحتجاج في يوم الجمعة )، فإنهم قد ضرسوا؛ طالما أن العنب هوَ المادة الخام التي يُحضّر منها النبيذ.
خرافة عن الدليل:
يُقال، أنّ لقلقا صادف ضبعاً في الطريق. حَذِراً ومن مسافة مناسبة، خاطبَ الأولُ الثاني: " يا هذا، أصحيحٌ أنك تشخ على ضحيتك فتسحرها؛ فتتبعك إلى المغارة، كما لو كنتَ دليلاً، لكي تأكلها هناك ؟ "
" هه، هذه أغرب خرافة أسمعها "، أجابَ الضبعُ مكشراً عن ابتسامة ساخرة. بيْدَ أن ذلك لم يقنع اللقلق، على ما يبدو. إذ تفكّر قليلاً، وما عتمَ أن عاد ليتساءل: " ولكن ماذا عن عظام بعض جماعتي، التي تتكوّم ثمة قربَ مدخل كهفك؟ ". قبلَ أن يردّ على محدّثه، رفعَ الضبعُ رأسه نحوَ السماء الداكنة السحنة، فقدّرَ أن المساءَ يقتربُ حثيثا. عندئذٍ، راحَ يشرح للآخر بإسهاب طبيعة ملته، وأنهم لا يفترسون سوى الجيف حسب. حينما أبدى الطائرُ عجَبَه، فإنّ الوحشَ عقّبَ بنبرةٍ فيها ما فيها من استسلام ورضى بالمقدور: " هكذا نحن معشر الضباع، من بين جميع الوحوش المفترسة؛ نزهدُ باللحم الطري، الطازج، ونقبلُ بشراهة على بقايا الحيوانات الميتة ، المنتنة ". حينما كان الضبع يتكلم مع اللقلق، فإنّ هذا الأخير لم يكن لينتبه خلل العتمة المتسللة بأنّ المسافة بينهما تقصر باضطراد. بغتة، انقضّ الوحشُ على الطائر فأنشبَ مخالبه في جناحيه. بعدئذٍ، تركَ فريسته على الأرض تتلوى ألماً: " هيا، يا صديقي. ستتبعني إلى المغارة، كما لو كنتُ دليلاً لك "، قال للطائر المسكين ثمّ مشى إلى أمام بكلّ هدوء ودونما أن يلتفت خلفه.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

حكاية من كليلة ودمنة 8

04-آب-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 7

27-تموز-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 6

18-تموز-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 5

11-تموز-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 4

06-تموز-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow