Alef Logo
يوميات
              

الثورة المنسيّة

دلور ميقري

خاص ألف

2013-02-20

لم يعد جديداً التأكيد، بأن الغرب يتمنى ويسعى لديمومة الصراع في سورية؛ هوَ من كان ينعق مثل بوم الخراب حول احتمال نشوب حرب أهليّة، منذ الأشهر الأولى من اشتعال ثورة الحرية والكرامة. ولكن الملاحظ مؤخراً، أنه ليس فقط الإعلام الغربيّ من بات يتبنى بشكل فظ رواية النظام عن المتطرفين السلفيين؛ بل وأيضاً أصحابُ القرار في الهيئات الدوليّة. وقد تجلى ذلك في العديد من تقارير منظمة العفو واللجنة الخاصة بجرائم الحرب وغيرها، ممن راحت تزعم بأن الجيش الحر يرتكبُ الفظاعات بحق المدنيين وبشكل مساو لما يفعله الجيش النظاميّ. ثمّ جاء قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس، بخصوص عدم تسليح الثوار السوريين بـ "عتاد قاتل "، لكي يضافر من قناعتنا بتحيّز هذا الغرب إلى جانب النظام الأسديّ، النازيّ.
هكذا انتقلَ بشار الأسد، وفقاً لتواطأ الغرب الفاضح، من استعمال بندقية القنص لصيد المتظاهرين السلميين قبل حوالي العامين، إلى قصف ما تبقى من ركام مدنهم بصواريخ سكود مؤخراً. لقد استنكف هذا الطاغية عن زج طيرانه ببراميل الموت في معركته ضد شعبنا، بالنظر لقوّة دفاعات الثوار الأرضيّة، علاوة على أن سلاح الدفاع الجويّ لديه أضحى في حكم المنتهي عملياً بعدما تم تدمير عدداً ضخماً من كتائبه وسراياه في طول البلاد وعرضها: هذه الحقيقة وحدها، تكفي لتكذيب ادعاءَ خبراء البنتاغون والأطلسي حول صعوبة توجيه ضربات جويّة للنظام بسبب قوّة طيرانه ودفاعه الجويّ. أما الهزليّ في تصريحات صحافتهم، فهوَ التحذيرُ من اتساع مخاطر النزاع بعدما أنذر الجيش الحر يومَ أمس حزب الله باستهداف معاقله داخل الأراضي اللبنانية نفسها، فيما اذا استمرّ بتدخله المسلح في سورية.
" ابحث عن اسرائيل "؛ هذا ما اعتدنا على قوله بخصوص خفايا الموقف الغربيّ من الثورة السورية. إن إحالة الأمر، والحالة كذلك، إلى فقر بلادنا بالنفط كسبب أساس لعدم رغبة الغرب بالتدخل؛ لهوَ غير مقنع بحال. فالموقع الاستراتيجيّ لسورية، كان من المفترض أن يكون لوحده دافعاً وحيداً للتدخل في سبيل ايقاف الزحف الايرانيّ على منطقة الهلال الخصيب. إلا أنّ الخطاب المسوّق إعلامياً والمعاكس لوجهة السياسة الفعلية، يبدو أنه ليس حكراً على ما عهدناه في النظام الأسديّ: إن مساومة الغرب لايران على مواقع النفوذ في المنطقة، كانت قد بدأت عملياً منذ التدخل الأمريكيّ في أفغانستان لإسقاط نظام طالبان. فما مضى عامان، حتى كانت بغداد تسقط أيضاً بأيدي الجيش الأمريكيّ، لتسلّم لاحقاً إلى الجارة اللدودة إيران. ومع تأكيدنا على نفاق نظام صدّام، البائد، بخصوص ما كان يدعيه من تهديد لاسرائيل بحرقها كيماوياً؛ بيْدَ أن الغرب استغل هذا الخطابَ الديماغوغيّ لكي يتدخل في العراق عسكرياً. ايران من جهتها، ما لبثت هيَ بدورها أن أخذت تلوّح بإبادة اسرائيل، منذ تسلّم أحمقي نجاد لمنصب الرئاسة. فماذا فعل الغرب طوال هذه السنوات، رداً على التهديد الايرانيّ..؟
في واقع الحال، فإن أيّ مراقب موضوعيّ لطبيعة النظام الإيرانيّ فإنه يدرك بسهولة أن تهديده لاسرائيل ما هوَ سوى فقاعة إعلامية يطلقها بين حين وآخر كي يحظى بالشعبيّة في العالم العربيّ والاسلاميّ تمويهاً لمخططاته المكشوفة في السيطرة عليه. ليست فضيحة " ايرات غيت "، في نهاية الثمانينات، هيَ ما يفضح نفاق حكومة طهران حسب؛ وإنما أيضاً مجمل سياستها منذ استلامها للسلطة وحتى اليوم. إذ لم تقم ايران، عملياً، إلا بخدمة اسرائيل من خلال نظرية " تصدير الثورة الاسلامية "، والتي أدت إلى نشوب الحرب مع النظام العراقيّ السابق واستمرارها بشكل دمويّ مجنون لسنوات ثمان. وهي الحرب، التي اسميت بتشفٍ ولؤم وخبث في الإعلام الغربيّ بـ " الحرب المنسية "، طالما أن أحداً من الدول العظمى لم يحاول ايقافها جدياً؛ لما كانت تدرّه من ربح على الدول المصدرة للسلاح، فضلاً عن خدمتها لاسرائيل. ذيول تلك الحرب، امتدت بعد انتهائها بعامين إلى مأساة احتلال الكويت، والمختتمة بتدمير منهجيّ للعراق ذاته من خلال الحصار الدوليّ الطويل، الجائر: أليسَ هذا هوَ ما يحصل في سوريّة اليوم، بشكل أو بآخر؛ من خلال تواطأ اسرائيل مع ايران على تدمير " محافظتها رقم 35 " وبيد المحافظ الأسديّ نفسه وحلفائه من حزب الله، في ظل حصار دوليّ جديد للشعب السوريّ وثورته..؟

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

حكاية من كليلة ودمنة 8

04-آب-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 7

27-تموز-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 6

18-تموز-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 5

11-تموز-2013

حكاية من " كليلة ودمنة " 4

06-تموز-2013

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow