أخضر الحلم أخضر
خاص ألف
2013-07-08
أبحث عن صفحة بيضاء في جسدها المضرّج بالشهداء والأمل المدمّى، كي أكتب: الحلم أخضر. عبثاً، أبحث عن خضرة الاعشاب والشجر والحقول، أبحث عن ما تبقى من خضرة في قلوب وأرواح النساء والصبايا والاطفال والعجائز والشيوخ، خضرة لم تطلها الحرائق والقذائف وخداع الدول الكبرى والصغرى! الأفكار والسّاسة الشياطين، الغيلان، الأشباح، أبحث ولا أجد غير خطوط الدم متدليّة من أطراف الأطفال وأطراف المدن وقلوب الأمّهات! هل يجفّ حلمنا الأخضر بعد كلّ هذا الدم! بعد أن غسلناه بينابيع الحريّة المباركة؟ هذا هو السؤال الذي ليس له إلّا إجابة واحدة: لن يجفّ الحلم بعد أن سقى دم السوريين أعمق الجذور، رغم كلّ مواقف العالم المتخاذلة، فحين أفرع غصن الثورة، رغم كلّ قحط وجفاف السنين التي لم تبقّ شيئاً قابلاً للحياة، كما تصوّر الدكتاتور المغتصب الصغير. ولكن ما أن تساقطت حبّات المطر الأولى، حتى بدأت الحياة بالحياة.
**
سورية خضراء وحمص فرعها الأجمل.
تلملم سورية المدن الجريحة، تلملم الشهداء، الحارات، البيوت، الشرفات وأنجمها الهاربة، تلمّ عنواين مجهولة من أعين الراحلين حين يسرق الموت خطاهم من الطرقات، تلمّ الحنين من قلوب الصبايا الدامية، تلمّ الدفء المتساقط من صدور الأمّهات حين يتكاثر النشيج، تلملم حتى تدمى يداها وتفرّ من أحداقها الصور. العالم يغلق عينيه وأذنيه وقلبه، وحمص تصرخ تحت الحصار، وأيّ حصار؟ حصار صارت فيه السماء ثقباً جهنميّاً لآلاف القذائف العمياء والصواريخ المُبصرة، المدينة صامدة رغم كلّ هذا الجحيم الخرافيّ المحيق: الموت تحت أنقاض البيوت المتهاوية، أحد أشكال الموت، الموت جوعاً، وجه من الوجوه الكثيرة التي يباركها الحصار، الموت من تقرّح الجروح ونقص الأدوية ورفيف الطيور، الموت من الموت الذي لا يموت! حمص تحت الحصار، صامدة بمعجزة الإنسان السوري إلى الآن! قلبي لا يحتمل كلّ هذا الوجع، يبكي ولا يفعل شيئاً وحمص تغنّي كما تغني بقيّة المدن السوريّة، أغنية خالدة لن ينساها الزمان.
أيّام بلا شعر ولا رسائل ولا قبل
الكلام جاف وعتيق على فمي
تختنق الصرخة ويتراكم الغضب
وحمص تحب الشعر طازجاً
وتكره الصمت والكيمياء!
**
مصر إلى أين؟
الثورة، أيّة ثورة بالمطلق، ثورة الشعب بكلّ مكوّناته، لا يستطيع تيّار أو فكر أن يحصرها في قمقمه الضّيّق، إلّا اختنقت وفرّخت أمراضاً ستدفعها بالضرورة إلى شكل من الدكتاتوريّة، دكتاتوريّة ستحاول أن تصبغ الثورة بلون واحد، وهذا ما يتنافى مع طبيعتها كثورة مجتمعيّة تمثّل جميع مكوّناته وشرائحه صاحبة المصلحة الحقيقيّة بالثورة. وما يحدث في مصر الآن، ليس بعيداً عن هذا، ولكن السؤال، إلى أيّ حدّ ستبقى الحريّة عنوان ثورتها الدائم، الحريّة التي لا تقصي أحداً، الحريّة الصافية كدماء الشهداء، الحريّة التي تجمع كل المصريين، والتي لن يستطيع أن يحتكر اسمها أحد، حتى لو لمعت على أكتافه كل النياشين والنجوم!
**
يا أمّ الدنيا
يا أمّ الفقراء والمساكين
يا نسيس روحنا الخضراء
انتظرناكِ
انتظرنا يفيض النيل
لننقذ العرائس والعرسان
هذه الزفّة لكِ
الدفوف ورقصة الدراويش
لتستقيمي على الأرض التي تدور
زيّناك بحليّ أفراحنا
وأشعلنا شموع الحسين
لنضيء عقلك الباطن
ونهشُّ عنكِ الخرافة
لتفتتن قناديلكِ بالحارات.
هذه القلوع لكِ والمراكب
الطيور ونوارس البحر
حوريّات المتوسط ودلافينه
البيارق والفرسان
أصوات الباعة
الخبز والبرسيم وطقطقة أحناك الرواة.
**
ها أنا أعيركِ ثوب عيدي يا "بهيّة"
وأنتظر أن يأتي الحمام بالبشائر
وأنتظر أن يطيّر المتوسط سرب نوارسه البيض
ليس للسماوات أقفال ولا للأغاني
هي الأعياد تتأخّر عادة
حين تشتدّ العواصف ليلاّ
وتضيع طريق فجرها الطيور.
08-أيار-2021
01-شباط-2015 | |
12-كانون الثاني-2015 | |
03-كانون الثاني-2015 | |
29-تشرين الثاني-2014 | |
09-تموز-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |