أيّها الشاعر ماذا تفعل بكل هذه المدائح التي لديك؟
إن تأخّرتْ قيامتك فلا تعد إلى كفنكَ
نواقيس تقرع في رأسك ومارشات حرب قائمة
لا تنحسر وأنت تتحسّر مجروح القلب ومقيّد اللسان
ثمة حياة بكامل زحامها تنتظر في بقيّة الطريق
وموتى مازالوا يدّخرون شيئاً من الأنفاس
موتى ينوون القيامة حين تسنح فرصة أرواحهم
أنظرْ على بعد نزهة فوق الثلوج فرح يخلع الفؤاد
يقشّر ولد صباحك من سواده بضحكة
وتقهقه صبية وهي تركض بكل جمالها
تنتشي الأرض تحت أقدامها وتغار منها السماء.
لا تقف مكتوف القلب في القيامة ولا تبتئس
هيّئ حزمة جديدة من المدائح والمراثي
لبلادكِ تتمطّى وتنهض من دمارها وهي رميم
مديح وردة الصباح الاخيرة وهي تتنفسّ الشمس
رثاء خيول نزفت أقدامها من وعورة الطريق
وتجرّحت حناجرها من حرقة الصهيل.
كل صباح على أيّ حال كنتِ
في المدائح والمراثي صباح الخير
مع كل دمعة خفيفة أو غزيرة
مع الثلوج والعواصف في الطقس الهادئ
في الصحو وسطوة الغيوم صباح الخير
مع زخّات الرصاص والقذائف وزخّات الألم
مع ارتجاف البدن من البرد والخوف صباح الخير
مع القبلة والعناق وتلويحية الأيادي في الوداع
مع ماء المطر وماء الغدران والسواقي وماء القلوب
مع انكسار أعناق السنابل وبكاء الحقول
في فزز الخائفين وفزع الصغار صباح الخير
يا من انقطعت أنفاسها كالموتى
وجرى دمها كالماء صباح الخير
صباح الخير يا أمّ الثواكل واليتامى
تتفتّح من أجلكِ مدائح الكون كالزهور
وتتزاحم من أجل شهدائكِ المراثي على باب الخلود
يا من لا يليق بها غير الصباح بكل أحواله
صباح الخير كل صباح
إلى أن يحين صباحكِ يا بلادي.