نص / أقصـى الألـم
2006-04-10
تألمـت كثيراً هذا الصباح، قبل أغنيـة نائحة في بطن المذيـاع المخنوق بحبال الرياء. المجدولة من أطياف التضليل. مع سبق الإصرار على الكذب بأذهان مفتوحة، وفنجان قهوة لا طعم له ولا لون، رغم إنسانية عامل الكافيتيريا، ومقال مهترئ، في وجه صحيفة صدئة رغم محاولات الصحفي اكتشاف ذاته . وأنا خلف طاولة مكتبي الضيق كزنزانة الحبس الانفرادي الذي لم أعرفه، ولذلك أتخيله. كل هذا الواقع من حولي، يغمرني إحساس العجز متوجاً بالإعاقة في كل أصداء جسدي المنهك بأحلام ليست وردية، كأنني ممحيّ في أحضان هذا الوقـت المهمل في صفحة الزمان الذي لا ينتظر مسرعا نحو اتجاه مخاتل نظنه الأمام.
تألمت كثيراً. وعرفت هذه اللحظة لماذا كنت أحزن بعد إنجاز كل عمل فني. وهاأنذا أقول ولا أعتقد أن الكلام استطاع في مرة أن يعبّر عما يريد كاتبه.
ولا أظن أنني أقدم فلسفة صباحية بمعنى اجترار المعنى بل لأنّ كل قول يحمل من المعنى ثلاثاً مجتمعة في معنى رابع :
أولها: المعنى الذي يريده القائل
وثانيها: المعنى الذي يضمره الكلام
وثالثها: المعنى الذي يفهمه المتلقي
ورابعها: اجتماع ما تقدم في معنى شامل .
في هذا الصباح المغسول بضوء العتمة مثل كل صباحاتي التي صافحتها وراقصتها وألقيت في أحضانها الكلام والتشكيل ونزف الألم. في غفلة مني رسمت توقيعي معلناً انتهاء العمل على أحد الأعمال التشكيلية التي ألفتها و حاورتها على مدى أوقات المساحات الزمنية التي قرأتها بصرياً وحسياً، وحملتها في كل وقت فلسفتي وآلامي بمعنى أحلامي الحزينة وحريتي المقتولة وعشقي المصلوب وحواري المقموع وأشعاري التي ألقي القبض عليها وأودعت صناديق محكمة الإتلاف، وهي التي اجتمعت وأصبحت عمري حتى هذا الوقت المكرر حد نزيف الرماد الباهت فوق الورق الأصفر لكثرة إحجام الضوء عنه .
جاء مولودٌ جديدٌ إلى عالم الرؤية والحوار البصري وأنا المسؤول عن ذلك، أعترف وأنا في قمة ألمي، أنني ألقيت حلماً فنياً بمعنى لوحة تشكيلية إلى ساحة الكلام في زمن الصامتين .
لوحة بمعنى أحلامي وأعصابي وخلايا دماغي وريح دمي، بحتُ بها تشكيلَ خطوطٍ تراقصُ
نقاطاً على جلد الورق وأصبحت في واقع المشاهدة في زمن العميان.
أتألم وأنا أكتب عن الذي أشعر به لأن الكتابة نوع آخر من القول وأنا أحبها لأنها نوع من أنواع التشكيل وربما كانت آخر مساحات الفهم الفلسفي المفتوح بمعنى حرية المعنى
وكانت الكتابة التصويرية هي آخر درجات الإبداع الإنساني قبل اختراع ما أسميه لغة
التجارة التي جلبت الكثير من محاكم القتل المعنوي للحلم وأصبحت تعتبر المعنى المجرد
رمزا يقف الزمان عند هالته الضيقة كثقب الإبرة، أتألم كاتباً كما تألمت رساماً لأنني
أكتب في زمن البكماء.
مذنبٌ لأنني أبحتُ بنصي البصري هذا .
مذنبٌ لأنني أبحتُ بنصي الكلامي أيضاً.
مذنبٌ في كل اتجاه وكل بعد في رحاب زمن الصامتين بعمى أبكم وبكل فخر .
لماذا هذا التعميم؟
وهل أنا محق في اتهام نفسي واتهام لوحتي واتهام كلماتي؟
وأريد أن أسأل:
هل أستطيع ارتكاب فعل الصمت؟
وهل أستطيع أن أمارس فن العمى؟
أم هل أنا أبكم عابر فوق أرصفة الطرشان؟
لست ذلك بكل حزم تقول اللوحة التي ترقد بين أصابعي النقية .
إذاً أنا متهم: أقول لها. ثم أدعوها إلى مشاركتي رقصة المذبوح فوق جحيم الوقت الذي
يأكلنا لنتحول إلى نفايات تقبع على أرصفة اللاوعي المولود من رحم الجهل في زمن الخراب الذي يتشكل على هيئة مشيمة تفضي إلى المبهم .
08-أيار-2021
23-كانون الثاني-2010 | |
18-أيلول-2007 | |
16-أيار-2007 | |
10-نيسان-2006 | |
10-نيسان-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |