أظنُّ أننى أسعد الناس باقتراح السيد الرئيس باستخدام الدراجات فى المشاوير القصيرة. ليس فقط لأننى «مجنونة عجل»، وأنجز مشاويرى القصيرة بالدراجة، بل كذلك لأننى أؤمن أن الدراجة أحد أنجز الحلول لمواجهة كارثة المرور، ونذير نفاد الطاقة الذى يدقّ ناقوسه فى أُذن مصر كل نهار.
بتاريخ ٣١ أكتوبر ٢٠٠٨، كتبتُ بجريدة «اليوم السابع» مقالا عنوانه: «تعالوا نركب عجل». وسألنى «معتز الدمرداش» على الهواء: «يتحرشون بحواء سائرةً على قدميها، فماذا لو ركبت دراجة؟!»، فأجبته بأن كل سلوك إنسانىّ ثقافةٌ تراكمية. الإيجابىّ منه والسلبىّ. نعم، سيسخرُ الناسُ من فكرة الدرّاجات أول الأمر، لكنْ لو تبناها البعضُ بإصرار ودون خجل ستصبحُ ظاهرةً، وبعد برهة تغدو ثقافةً وعادة. منذ سنوات أتسوّق وأتجوّل حول بيتى بالدراجة. فى البدء كانت نظراتُ استهجان، امتصصتُها ببرود. ومع الوقت غدا الأمرُ اعتيادًا. حتى أصبحت ثقافة شائعةً وطبيعية.
وعلينا ألا ننسى أن فتيات مصر الأنيقة بالستينيات والخمسينيات كنّ يركبن العجل للذهاب إلى الجامعة، ليس فى العاصمة وحسب، بل فى جنوب مصر بجامعة أسيوط وغيرها.
من العيب أن نجعل من «غير المعيب» عيبًا. ونقبل العيبَ ونشرعنه حتى يصبح عاديًّا. العيبُ هو التكدس فى الباص على نحو غير آدمى، فتذهب قداسة أجسادنا وتختفى إنسانيتنا، ثم ننظر إلى ركوب الدراجة بوصفه عيبًا! من العيب أن نجعل القاهرة من أكثر مدن العالم تلوّثًا، ليس بجبال القمامة وحسب، بل أيضًا سماؤها النظيفة حوّلناها إلى سُحب سوداء من عوادم السيارات والحافلات، مثلما لوّثنا روح أرضها بالتحرش والبذاءات. ذاك هو العيب عينُه. العيبُ هو العيب. هو السرقة والكذب والإهمال والكسل والغش والفساد والتحرش والبذاءة. قيل إن حريةَ التلويح فى الهواء تقف عند أنوف الآخرين. لكننا نتواطأ مع ذاك «الآخر» على أنفسنا، ونستعير عيونه لتحكم على سلوكاتنا النظيفة بالعيب، بينما لا نحترم هذا «الآخر» فلا نعطيه حقه كما أمرنا الله. نشتغل «نُص نُص»، ونستمتع بالحياة نُص نُص، ونعيش نُص نُص. لذلك نتأخر، ويتقدم الغربُ لأنهم يفعلون عكس ذلك. يعملون بجد، ويعيشون بجد. فقط لأنهم يدركون جيدا حقوق «الآخر» وواجبه.
ننتظر أن يستمر الرئيس فى التفكير «خارج الصندوق»، وينشئ لنا حارات وردية للدراجات، كما فى هولندا وسائر دول الغرب والشرق الأقصى، وكذلك أماكن بارك نستأجر منها الدراجة ونتركها فى بارك آخر لقاء مبلغ رمزى. ويتبقى أن أشكر المشير عبدالفتاح السيسى لزيارته ضحية الجهل والغوغائية فى أولى زياراته الميدانية منذ تقلّده رئاسة مصر. أشعر أن الغدَ مشرقٌ وأنيقٌ بإذن الله.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...