حب ب 17.50 $ لتشارلز بوكوفسكي ترجمة :
خاص ألف
2015-06-27
أول رغبة لروبرت – عندما بدأ يفكر بمثل هذه الأشياء – كانت التسلل إلى متحف شمع باحدى الليالي وممارسة الحب مع نساء مصنوعات من الشمع. على أي حال، هذا بدا خطيراً. لذا قام روبرت بتقليص رغبته هذه إلى ممارسة الحب مع التماثيل و المانيكانات في تخيلاته الجنسية بعالمه الخيالي.
في أحد الأيام عندما كان متوقفاً في الإشارة الحمراء في أحد الطرق نظر روبرت إلى واجهة أحد المحلات. كان المحل من ذلك النوع من المحلات الذي يبيع كل شيء: اسطوانات، أرائك، كتب، تفاهات، وخردة. رآها تقف هناك في ثوب أحمر طويل ترتدي نظارة دون زجاجات. جسدها كان مكتملاً، جليلا و مثيرا مثل ما كنا في السابق. امرأة راقية حقيقية. عندها أضاءت الإشارة فكان عليه أن يستمر في السير.
روبرت أوقف سيارته في الحي التالي وسار نحو المحل. وقف مقابل كشك الجرائد و نظر إليها. حتى من عينيها بدتا حقيقيتين، وفمها بدا مغريا جداً، بارزا بعض الشيء.
دخل روبرت المحل و نظر إلى كومة الاسطوانات. كان بذلك أقرب إليها ليسرق بعض النظرات. لا، لم يعودوا يصنعونهن بهذه الطريقة على الإطلاق. حتى أنها كانت ترتدي كعب عالي.
الفتاة في المحل سارت نحو روبرت. "هل يمكنني مساعدتك يا سيد؟"
"أنا أنظر فحسب يا أنسة."
"لو كان يوجد أي شيء تريده، أعلمني."
"بالتأكيد."
روبرت تحرك نحو المانيكان. لا توجد بطاقة سعر. تسائل روبرت لو كانت للبيع. سار نحو كومة الاسطوانات، وأخذ اسطوانة رخيصة الثمن و اشتراها من الفتاة.
المرة الثانية الذي زار فيها المحل، المانيكان مازالت هناك. روبرت تفحص المحل قليلاً، اشترى منفضة سجائر منحوتة لتحاكي أفعى ملتوية، ثم خرج.
المرة الثالثة التي كان فيها في المحل قام بسؤال الفتاة: "هل المانيكان للبيع؟"
"المانيكان؟"
"أجل، المانيكان."
"تريد أن تشتريها؟"
"أجل، أنتم تبيعون الأشياء أليس كذلك؟ هل المانيكان للبيع؟"
"لحظة من فضلك يا سيد."
ذهبت الفتاة إلى الغرفة الخلفية للمحل. فُتحت الستارة وخرج رجل يهودي مسن. الزِران في نهاية قميصه كانا مفقودين وكان يمكنك رؤية بطنه المشعرة. إلا أن مظهره كان يبدو لطيفاً.
"تريد المانيكان يا سيد؟"
"أجل، هل هي للبيع؟"
"حسناً، لا حقيقةً. أترى، إنها قطعة للعرض، مجرد مزحة."
"أريد أن أشتريها."
"حسناً، دعني أرى. . ." المسن اليهودي سار نحو المونيكان وبدأ يلمسها، لمس الثوب، الذراعين. "دعني أرى . . . أعتقد أنني يمكنني أن أدعك تأخذ هذا . . . الشيء . . . ب 17.50 $"
"سآخذها." أخرج روبرت ورقة عشرين. صاحب المحل عدّ الباقي. "سأفتقدها" قال، "في بعض الأحيان، تبدو تقريباً حقيقية، هل اُغلفها لك؟"
"لا، سآخذها كما هي."
رفع روبرت المانيكان وحملها إلى سيارته. وضعها في الكرسي الخلفي. بعدها صعد إلى السيارة وسار إلى منزله. عندما وصل هناك، لِحظه، لم يكن يوجد أي أحد، فاستطاع أن يُدخلها عبر الباب الأمامي دون أن يُرى. أوقفها في وسط الغرفة وظل ينظر إليها.
"ستيلا،" قال، "ستيلا، يا عاهرة!"
سار نحوها وصفعها على وجهها. ثم أمسك برأسها وقبلها. كانت قبلة جيدة. قضيبه بدأ يتصلب عندما رنّ الهاتف. "مرحباً،" أجاب.
"روبرت؟"
"أجل، طبعاً."
"أنا هاري."
"كيف حالك هاري؟"
"لا بأس، كيف حالك أنت؟"
"لا شيء."
"فكرت أنه يمكنني المجيء عندك. وجلب بعض البيرة."
"لا بأس."
أقفل روبرت الخط، حمل المانيكان ووضعها في الخزانة. قام بدفعها إلى زاوية الخزانة وأغلق الباب.
هاري لم يكن يملك الكثير ليقوله. جلس هناك مع علبة بيرته. "كيف حال لاورا؟" سأل.
"أوه،" قال روبرت، "كل شيء انتهى بيني وبين لاورا."
"ماذا حدث؟"
"غاوية الرجال الأبدية. دائماً في تلك المرحلة. عنيدة. إنها تُثار من أجل الرجال في كل مكان – في محل البقالة، في الشارع، في المقاهي، في كل مكان ولأي أحد. لا يهم من يكون طالما أنه يكون رجلاً. إنها حتى اُثارت ذات مرة على رجل طلب الرقم الخطأ. لم أستطع الاستمرار معها أكثر من ذلك."
"أنت وحيد الآن؟"
"كلا، لدي امرأة آخرى. بريندا. أنت قابلتها."
"أوه، أجل، بريندا. إنها جيدة."
جلس هاري يشرب بيرته. هاري لم يحظ أبدا بامرأة لكنه كان دائما يتكلم عنهن. هناك شيء ما مرضي عند هاري. لم يشجع هاري على الاستمرار في المحادثة، و فغادر بعد ذلك بقليل. ذهب روبرت إلى الخزانة وأخرج ستيلا.
"أيتها العاهرة اللعينة!" قال، "كنت تخونيني، أليس كذلك؟" لم تجب ستيلا. وقفت هناك باديةً أنيقة وهادئة. صفعها صفعة جيدة. سيكون يوما طويلا تحت الشمس قبل أن تقوم أي امرأة بخيانة بوب ويلكنسون. صفعها صفعة جيدة أخرى.
"حقيرة! ستضاجعين طفل عمره أربع سنوات إن استطاع أن يرفع قضيبه، أليس كذلك؟"
صفعها مجددا، ثم أمسك بها وقبلها. قبلها مرة ثانية و ثانية. ثم وضع يديه تحت فستانها. كان جسدها متكامل، متكامل جداً. ستيلا ذكرته بمعلمة الجبر التي درسته في المدرسة الثانوية. ستيلا لم تكن ترتدي أي سروال داخلي.
"عاهرة" قال، "من أخذ سروالك الداخلي؟"
عندها كان قضيبه يضغط على جسدها. لم توجد أي فتحة. لكن روبرت كان في حالة عاطفية متهيجة. فوضعه ما بين فخذيها. كان ذلك ملساً وضيقاً. بدأ يفعلها. للحظة شعر بغباء هائل،و لكن بعدها تولت عاطفته السيطرة عليه، وبدأ يقبلها على طول رقبتها بينما كان يفعلها.
روبرت غسل ستيلا بقطعة قماش غسل الأواني، وضعها في الخزانة بجانب المعطف، أغلق الباب و استطاع اللحاق بالربع الأخير من مبارة الديتريوت ليونز و لوس أنجلس رامز على التلفاز.
كان الأمر رائعاً لروبرت بينما مضت الأيام. قام بعدة تعديلات. اشترى لستيلا عدة أزواج من الملابس الداخلية، رباط جورب نسائي داخلي، جوارب نسائية طويلة، ورباط كاحل.
اشترى لها الأقراط أيضاً، وصُدم كثيراً عندما علم أن حبيبته لا تملك أذنين. تحت كل ذلك الشعر، الآذان كانت مفقودة. وضع لها الأقراط على أي حال باستخدام الشريط اللاصق. لكن كان هناك مزايا– لم يكن يجب عليه أن يأخذها للعشاء، إلى الحفلات، إلى الأفلام المملة؛ كل هذه الأشياء الدنيوية التي تعني الكثير للمرأة العادية. وكانت هناك المجادلات، حتى مع مانيكان. لم تكن كثيرة الكلام، لكنه متأكد أنها ذات مرة أخبرته، "أنت أفضل حبيب بينهم كلهم. اليهودي المسن كان حبيباً مملاً. أنت تحب برُوحك، روبرت."
أجل، كان هناك مزايا. لم تكن مثل كل النساء اللواتي عرفهن. لم تكن تريد ممارسة الحب في لحظات غير مناسبة. يمكنه أن يختار الوقت الذي يريد. لم تكن تصاب بالطمث. وكان يفعلها بشده معها. قام بقطع بعض الشعر من رأسها و ألصقه بين فخذيها.
العلاقة كانت جنسية منذ البداية لكنه تدريجيا بدأ يقع في حبها، شعر أن ذلك كان يحدث. فكّر أن يذهب إلى طبيب نفساني، بعدها قرر ألا يذهب.
بأي حال، هل من الضروري أن تُحب إنسانا حقيقيا؟ أبداً، ما دام ذلك طويلاً. توجد العديد من الاختلافات بين الأنواع، وما بدأ كحب ينتهي أغلب الأحيان كحرب.
ثم أيضاً، لم يكن يحتاج أن ينام مع ستيلا على نفس السرير، وسماعها تتكلم حول أحبائها السابقين. كيف كان كارل يملك قضيبا طويلاً، لكنه لم يفعلها بتلك الشدة. وكيف كان ليوي يرقص جيداً حقاً،كان يمكنه أن ينجح في الباليه بدلا من بيع التأمين. وكيف كان مارتي يُقبل جيداً. كانت لديه طريقة في العمل بلسانه. وهكذا... إلى ما لا نهاية، بهراء مثل هذا. بالطبع، ستيلا لم تذكر اليهودي المسن. فقط تلك المرة الواحدة.
روبرت كان مع ستيلا لمدة أسبوعين، عندما اتصلت بريندا.
"أجل، بريندا؟" أجاب.
"روبرت، إنك لم تهاتفني."
"كنت مشغولاً جداً، بريندا. لقد تمت ترقيتي إلى مدير قسم وكان يجب عليّ إعادة ترتيب الأشياء في المكتب."
"هل هذا هو الأمر؟"
"أجل."
"روبرت، هناك خطب ما . . ."
"ماذا تقصدين؟"
"يمكنني أن أشعر بذلك من صوتك. هناك خطب ما. ما الذي يحدث بحق الجحيم يا روبرت؟ هل هناك امرأة أخرى؟"
"ليس تماماً."
"ماذا تقصد؟ ليس تماماً؟"
"أوه، يا إلهي!"
"ما الأمر؟ ما الأمر؟ روبرت، هناك خطب ما. أنا آتية لرؤيتك."
"لا يوجد أي خطب يا بريندا."
"يا ابن العاهرة، أنت تتحفظ عن إخباري! هناك شيء ما يحدث معك. أنا آتية لرؤيتك! فورا!"
بريندا أقفلت الخط، و روبرت سار نحو ستيلا، حملها ووضعها داخل الخزانة، في احدى الزوايا. أخذ المعطف من على العلاق و علقه على ستيلا. ثم عاد، جلس وانتظر.
بريندا فتحت الباب وأسرعت في الدخول. "حسناً إذاً، ما الذي يحدث بحق الجحيم؟ ما الأمر؟"
"اسمعي يا صغيرة،" قال، "إن كل شيء على ما يرام، اهدئي."
بريندا كانت تملك جسداً رائعا. ثدياها متدليان قليلاً، لكنها تملك ساقين جذابتين و مؤخرة جميلة. عيناها كانتا دائماً تملكان نظرة اليأس و الاهتياج. لم يستطع أبداً أن يعالج عينيها من ذلك. في بعض الأحيان بعد ممارسة الحب، هدوء مؤقت يملأ عيناها، لكن ذلك لم يدم أبداً.
"أنت حتى لم تقبلني بعد!"
نهض روبرت من على كرسيه وقبّل بريندا.
"يا إلهي، هذه لم تكن قبلة! ما الأمر؟" سألت "ما الخطب!"
"لا شيء، لا شيء على الإطلاق. . ."
"إن لم تقل لي، سأقوم بالصراخ!"
"أنا أقول لك، لا يوجد أي خطب."
صرخت بريندا. مشت إلى النافذة وصرخت. يمكنك سماعها في كل أرجاء الحي. بعدها توقفت.
"يا الله، بريندا، لا تفعلي ذلك مرة ثانية! أرجوك، أرجوك!"
"سأفعلها مرة ثانية! سأفعلها مرة ثانية! أخبرني ما الخطب يا روبرت، وإلا سأقوم بالصراخ مرة ثانية!"
ذهب روبرت للخزانة، نزع المعطف من على ستيلا وقادها خارج الخزانة.
"ما هذا؟" سألت بريندا "ما هذا؟"
"مانيكان."
"مانيكان؟ أتقصد؟ . . ."
"أقصد أنني واقع في حبها."
"أوه، يا إلهي ، تقصد ذاك الشيء؟ ذاك الشيء؟"
"أجل."
"أنت تحب ذاك الشيء أكثر مني؟ كتلة السيليلويد، أو من أي هراء صُنعت منه؟ أنت تقصد أنك تحب ذاك الشيء أكثر مني؟"
"أجل."
"أفترض أنك تحمل هذا الشيء معك إلى السرير؟ أفترض أنك تقوم بفعل أشياء ل. . . مع ذاك الشيء؟"
"أجل."
"أوه . . . "
بعدها صرخت بريندا حقاً. لقد وقفت هناك فحسب وصرخت. ظن روبرت أنها لن تتوقف أبداً. ثم قفزت على المانيكان و بدأت تقوم بخدشها وضربها. المانيكان تداعت وسقطت على الحائط. بريندا ركضت خارجا، صعدت سيارتها وقادتها بجموح. اصطدمت بجانب سيارة مركونة، ألقت نظرة سريعة، ثم قادت سيارتها بعيداً.
روبرت سار إلى ستيلا. تحطم الرأس وسقط وتدحرج تحت كرسي. كانت توجد لطخات من مادة طباشيرية على الأرضية. احدى الأذرع تدلت بحرية، مكسورة، وسلكان يبرزان منها. روبرت جلس على الكرسي. جلس هناك فحسب. بعدها نهض و ذهب إلى الحمام، وقف هناك لدقيقة، وبعدها خرج. وقف في الممر وكان بإمكانه رؤية الرأس تحت الكرسي. بدأ يبكي. كان الأمر رهيباً. لم يكن يعرف ماذا عليه أن يفعل. تذكر كيف دفن أمه وأبيه. لكن هذا كان مختلفاً. هذا كان أمرا مختلفاً. وقف في الممر فحسب، يبكي و ينتظر. كلتا عيني ستيلا كانتا مفتوحتين و هادئتين وجميليتين. حدقتا إليه.
قصة قصيرة من كتاب : جنوب بلا شمال، قصص الحياة المدفونة
08-أيار-2021
23-كانون الثاني-2016 | |
01-كانون الثاني-2016 | |
27-حزيران-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |