سقوط الآلهة/ صعود الإنسان
2006-07-26
تحية بحجم التقدير لأسرة ألف المتميزة:
في ظل الهجوم العدواني المفتوح على البلد الشقيق لبنان وقبله على فلسطين المحتلة وتعالقا مع ما يحدث ببلاد الرافدين أعلن تضامني المطلق واللامشروط مع هذه الشعوب الشقيقة الرازحة تحت وطأة التقتيل والتطهير
أرجو أن تكون هذه القصيدة صرخة احتجاج وشجب لثقافة التواطؤات التي أصبحت تحكمنا في زمن غدت فيه الحرب طبقا آخر على موائدنا وطفلا آخر في بيتنا وامرأة أخرى على أسرّتنا..
فهل سنستمر طويلا في معرض الفرجة؟
سامي دقاقي/ شاعر وكاتب مغربي
سقوط الآلهة/ صعود الإنسان
لا بدّ أن أخوّض وجهي في الماء
وأسحبَ السّماء إلى قدميّ
كي أسألها:
ماذا فعلتْ بطيور الأمس
التي كانت تطرز ماهيتها؟
السماءُ ذاتُها
مقلوبة اليومَ
تفتح أمطار النّار
على أرصفة مهمّشة
مهيضة الجناح..
غيوم حبلى بالرصاص
تحصي المدن
موتا
موتا..
سارقا، أريد أن أكون اليومَ
أخطف بسمات الملائكة المتوارية
خلف الأفق الذي ينكرنا
( لا أفق إلاّ ما ينتمي إلينا)
وأزرعها في بطن الأرض
من أجل الحفاة/ العراة
المكظومين/ المغدورين..
فيوما ما..
ستطلع حكاية بعد النوم
كي تصنع العالم في القلب تماما
( لا عالم إلاّ ما يحضننا)
النقطة ذاتها التي درنا حولها
بالأمس..
تدور علينا اليوم..
إلهُ السّوق العالميّة يعرض صواعقه
بالعملة الصعبة..
ونبتاع وجوبا..
نبتاع الإنسان في أقسى ضعفه
نثقل الأيدي والقلوب
بالهدايا والحقائب
والعجائب والغرائب
نكدّس الفرح في الغرف المصفّحة
في ما نرمي عود ثقاب
على أحزان الشارع..
إلهُ الحدود يسحبنا إلى نقطة
دائما تعود إلى الوراء
فنتساقط
صوتا
صوتا
كما في حروب بيزنطيّة شعواء
( الشيطان لم يعد يحرّض على الشرّ فقط، لقد أصبح يفسّر الأحلام أيضا)
الجدار العالميّ الأخير
حديديّ جدّا
حتّى أنّه أقنعنا بابتسامته الاصطناعيّة
فرحنا نبحث عن ذريعة، أو ربما أكثر
كي نتّكئ عليها في سقوطنا المتواصل
نحو " اللاإنسان"..
( نحن نبكي كي لا نضحك
نحن نضحك كي نبكي كثيرا)
إلهَنَا..
إلى هنا أوصلتنا آلهة تنافسك
تزاحمك..
تلغيك..
كي تستأثر بالعقاب
المختوم بدانتيلا القرارات الدوليّة
وشرعيّة المفاوضات الأمميّة
إلهنا..
إلى هنا أوصلتنا الآلهة الجدد
إلى الموت المجزوء
الموت المتطامن
الموت العميق الموتِ..
إلهنا..
إلاّ هنا..
نعم، إلاّ القلب..
اتركه لنا
اتركنا له
نحميه من قسوة الخشب
والإسمنت والحديد والحجر..
وقبل ذلك من قسوة هذا
اللاإنسان..
إلهنا..
أنا هنا..
أنا هنا أشهدُ السقوط الأخير
لطروادة: وجهك الجميل
" هكتور" واحد لا يكفي إلهنا
ولا حتّى مئة من الهكتورات..
ونحن..
تبّا لنا نحن..
لم نصدّق الكاهنة الملكيّة
قذفناها بالجنون..
ورحنا ننظّم الألعاب الوطنيّة والدّوليّة والكونيّة
حتّى صحّ الجنون
وسقط العقل..
إلهنا..
أنا هنا..
مارقا أريد أن أكون اليوم
كي أسقط التهمة عن " أغاممنون"
وكلّ المحاربين الإغريق
نحن المسؤولون عن سقوط طروادة
نحن المسؤولون عن إحراق مدننا
فدمنا.. قد سقط
قبل مجيء الإغريق
وقبل أن تولد " هيلين"
كانت أكثر من " هيلين"
ترقص على أسوار خجلنا
عارية مثل إلهة بضّة
تزرع ببراءتها
أسباب الغواية
وبدايات السقوط..
إلهنا..
يا إله السقوط القديم
أنا هنا..
ناقما.. عاريا مثل حقيقة
تأتي من اللامنتظر
أريد أن أكون اليومَ..
أنا لا أمثّل أحدا
ولا حتّى نفسي
أنا أشكّك في التاريخ
من أجل التاريخ..
لا حقيقة إلاّ..
هذا الدم المغدور
وتلك الجثث التي تحاول الكلام
عاليا
عاليا..
أنا أشكّك في نفسي..
ألعنها حين وثقتُ بكتب
تفوح بالأعشاب السّامة
وتحيّي الآلهة كلّ صباح
بشمس صفراء
كضحكة تثقب الوجه
إلهنا..
إله السماء المجروحة الوضوح
اصفعنا قليلا
اصفعنا كثيرا
نحن لسنا نائمين
ولا مستيقظين أيضا..
نحن لسنا أحياء
ولسنا أمواتا أيضا
نحن لسنا اليمين أو أقصاه
ولا اليسار أو أقصاه
ولسنا الوسط أيضا..
نحن لسنا نحن
ولسنا الآخرين أيضا
نحن الحالة اللامفهومة
واللامعقولة
نحن ندمُك عنّا يا إلهنا
إله اللامفهومين
واللاموجودين
نحن يا إلهنا..
اللاحالة
واللافعل
واللاإنسان..
فهل دنونا من الشيطان؟؟
أجل..
أنا وأنتم..
دنونا من الشيطان
أخرجناه عن طوره
سرقنا أسلحته
وطردناه خارج العالم
لا في الأرض ولا في السّماء..
أنا وأنتم..
أذرع مفتوحة لاحتضان التواطؤ
لسان للصمت الممعن في جوهره
أنما وأنتم..
ورثة الشيطان المسكين..
إلهنا
يا إله الضحايا الأضنّاء
تبرّأ منّا
أبِدْنا..
نحن قتلة آبائنا
وقتلة أبنائنا..
نحن نصف كلّ شيء
وبقايا الدّم المائت
يطّل من نافذة على الجدار الممشوق
كخوف يمسكنا من ضعفنا
بخفة البهلوان.. إلهنا
نحن..
نعم أنا.. وأنتم
أفكار فارغة
لكنّها حادّة..
أنا وأنتم..
نقتل أكثر من الموت..
يا للعجب..
أنا وأنتم..
صرنا موتا بدل الموت
أنا وأنتم..
حرفتنا صناعة الكلام
ويوم نفعل.. نقتل..
هذي حقيقتنا
مرتفعة للأسف
لا نراها
غير أنّها موجودة
وعقولنا المنخفضة جدّا
هي من ينفيها مغالبة..
إلهنا..
يا إله الاهتزازات العطشى
والإشارات العجلى
لحقول الموت..
أحببناك..
ليس كما تبغي
ولكن كما نبغي..
وقبل حبّنا لك إلهنا
كان قد رفع عنّا القلم
ورفع عنّا العقل
ورفع عنّا الإنسان..
فأحببناك بما بقي فينا..
ولم يبق فينا إلاّ الشيطان
المأمور منّا إلهنا..
لذلك أنا اليوم هنا..
ولن أبرح هذي "الهنا"
حتّى أكون جديرا باسمي
وأكون قادرا
على قتل كلّ الكائنات الصامتة داخلي..
فأنا قاب جريمة أو أدنى
منّا..
يا نحن..
يا المتواطئون
كتابة
وقراءة
و سمعا
وبصرا
وفؤادا...
08-أيار-2021
16-أيار-2007 | |
24-نيسان-2007 | |
26-تموز-2006 | |
24-حزيران-2006 | |
14-حزيران-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |