إيروتيك / قصتان وقصيدة للكاتبة الأمريكية المعاصرة دونا ليفي-ت صالح
خاص ألف
2006-09-19
دونا ليفي : و منطق الأحكام المضمرة
تبدو لك أقاصيص دونا ليفي و كـأنها منهمكة مع الاستاطيقا ، ليس بالمقاييس الواقعية ، و لكن بالعودة إلى مفهومنا في فجر البشرية ، أقصد عصر النهضة.
* تشريح عدو المرأة
• المصدر :
• The Anatomy Of Mysogyny, poem by : Donna M. Levy. Salome Magazine. 22 May 2006 .
ثورة الرزوق
حين تقاسم أول زوجين ثمرة المعرفة ،
وضعوا البشرية في عالم من الأقطاب ،
و دفعوا الحياة إلى التوازن على صراط بين الأضداد.
موجب و سالب
طيب و شرير
حرب و سلام
مفترس و فريسة
ذكر و أنثى
عدو للمرأة و ــــــــــــــــــــــــــــــ ؟
ماذا ؟ أليس هناك اسم ضد لعدو المرأة ؟ كيف يمكن له أن يغيب ؟
لا توجد قطعة نقود من وجه واحد في هذا الكون . اسأل نيوتون.
من طرف واحد ، نحن لدينا :
قدم مقيدة ،
مانع للجنس ،
خصاء نسوي ،
زوجات محطمات ،
و اغتصاب ،
ــــ و من طرف آخر ، هل من شيء ؟
حينما لا تجد كلمة لترمز بها إلى فكرة ،
من الصعب أن تتكون لديك فكرة.
في كل يوم ، تمر ليلة.
و بعد كل هنا تجد هناك.
ما نفع الشيء من غير ضده ؟
أو ، بنفس السياق ، ما العين .. من غير عين تقابلها ؟
غياب الأضداد يلغي العدالة ، هنا لن تجد أداة تصحيح ،
و لا حتى أي احتمال بالهدنة.
لذا ، تعالوا ، أيها الأحبة ،إما أن تمهدوا الطريق لشيء ، أو تعدموا شيئا .
إن اهتمامها بالمقاييس المادية لما هو جميل ( بالمعنى الإغريقي للكلمة ) ، يكاد يرتد إلى الثقافة البصرية ، ثقافة أفراد تعلموا أن يناوشوا العالم و هو في مرحلة التكوين ، تحديدا المرحلة الكلاسيكية التي قال عنها هيغل إنها تمتاز بعدم الانحياز إلى أي طرف من الثنائية : لا الصورة و لا الروح.فالتطابق هنا جوهري. و لكن هذا ليس هو منطقها في كتابة القصة ، إنها تقترب من الدائرة السوداء ، المنصة المقدسة لما ليس في الشعور ، أو إلى النمطي الذي تتكون منه النوايا.
لقد تلقنت دونا الدرس في كتابة القصة من همنغواي و أخلاطه، ممن نبذوا المغامرة العقلية الأولى ، و فضلوا أن يعيشوا الحياة كما هي ، و أن يعيدوا سردها وفق قوانينها الصغيرة و الملحمية و المقلقة.
دونا ليفي هي الضمير البورجوازي الصغير لطبقة متوسطة تهرم ، و لديها رغبة بتجديد شبابها. و على هذا الأساس إن مخططها بما يخص العالم ينطلق أولا من الضمير النسوي بكل أطرافه : الفانتازي ، و الروحي ، و الجدلي ، إلخ.....
القصتان أدناه من المصدر التالي :
* The Longivity Of Desire, by : Donna M. Kenworthy Levy, Salome Magazine, 7 August 2006.
* Lunch At Marlton Grille, by : Donna M. Kenworthy Levy, Salome Magazine, 10 July 2006.
صالح الرزوق
* إلحاح الرغبة
بمقدور آيريس أن تنصت إلى صخب الاحتفال في الصالة . كانت القهقهات و الروح المعنوية المرتفعة ، على أية حال ، في الأسفل لا تلهيها عن متابعة المشهد الجذاب الذي تراه من وراء نافذتها. لقد فتحت الستائر السويسرية التي لها لون مسحوق أزرق منقط لتفوز بنظرة أقرب من الحديقة الخلفية لبيت الجيران.
من حق الجمال عليك أن تحترمه مهما كان ، لقد أصابت الدهشة آيريس في الصميم ، لعدة أسباب ، بدءا من تناسق و تنوع الطبيعة المثلج للصدر و حتى تلك التعابير الأصيلة للروح البشرية كما تبدو في اللوحات و المنحوتات و الموسيقا.
حينما بدأت تفكر بما أدخل البهجة إلى حياتها ، خطر لها على الفور كل أنماط الجمال التي رأت أو سمعت بها. في الحقيقة ، هي تعتبر نفسها خبيرة بما هو نفيس و متألق بين الأشياء. و لكن الذي لفت انتباهها في هذا اليوم الحزيراني ليس طيور أبو زريق الناعمة ، و لا تلك الزهور المخملية الغزيرة التي لها ألوان قرمزية أو فيروزية خافتة ، و لا شجيرات الغاردينيا الخضراء التي حملت براعم معطرة.
لقد لفت انتباهها في الواقع شيء في غاية الذوق الفني. كان أشبه بتمثال دافيد لمايكل أنجلو ، بعد أن دبت فيه الحياة. بل كان راقدا على الكنبة الواسعة كأنه أدونيس يغط في النوم . ابتهجت آيريس بهذه الرؤية ، و استحوذت عليها كل هذه التفاصيل المرئية المؤثرة : طريقة تهدل خصلات شعره الأجعد التي صنعت إطارا مربعا لوجهه المدهش ، كيف غطى بالرداء ساقه المتينة التي تدلت من طرف المقعد. كان لوجهه صفاء منحوتة رخامية ، و لكنها مسكونة بأنفاس و دفء رجل على قيد الحياة.
نظرت إليه و هو يعب الهواء بصدره. و دفعتها حركات الشهيق و الزفير إلى دائرة من أحلام نهارية. ثم شعرت كما لو أنها على وشك أن تهوي من النافذة لتقفز نحو هذا الإله الراقد. و هي تسقط إليه ببطء ، كانت جدائل شعرها الأشقر الطويل تطير وراءها ، على شكل أجنحة الملائكة.
من جميع النواحي ، كان دافيد الحجري منسوخا في هذا الرجل الفاني . ركزت آيريس على اكتماله المتعري ثم ضغطت شفتيها على فمه المكتنز. كم كانتا دافئتين و رخيمتين كوسادة في الملامسة. ثم بدأت تهيم به و بعطره ... أولا الذي يتصاعد من أنفه ، ثم قوس رقبته ، و أخيرا حتى وسط صدره المغطى بالشعر حيث أخذت أنفاسا عميقة من المنطقة المحرمة . هناك دائما يفوح من الرجال شذا الذكورة. و هنا استيقظت حواسها.تراخت آيريس كأنها ماء في ساقية و انهالت على دافيد النائم. و ركزت بكل جوارحها لترى ، لتسمع ، لتتذوق، و لتتلامس مع الجمال الذي كان تحتها.
لقد شعرت بموجة من البهجة و الرغبة الحسية. و تفاقمت تلك الأحاسيس في داخلها.
بعد أن تعمقت في جوهره و احتوته في وجودها ، تغلبت عليها الرغبة بالاتحاد مع كيانه المنسق. لقد كانت تحن إلى أن تصبح معه في قالب واحد.
باستخدام قواها الفكرية ، اقتحمت عالم أحلامه، حيث وقف هو بانتظارها. أخذها بين ذراعيه ، و همس لها : " و الآن اسمحي لي بالتعرف عليك ". و بمجرد سماع كلماته غابت آيريس عن رشدها. كانت العاصفة قد تمكنت منه ، و هكذا رفعها آيريس و حملها حتى كنبة خفيفة و طويلة و ذات غطاء من الساتان . و وضع كلتا يديه على صدرها الناضج ثم ...
سألت آليس و هي تهز منكب آيريس :" جدتي ! جدتي . هل تسمعينني ؟".
" أجل يا عزيزتي . أسمعك جيدا ..."
" يبدو كما لو أنك قادمة من حالة كارثية !".
" لا بد أنني شاهدت أحلام يقظة ".
قالت لها : " الجميع بانتظار أن يتمنوا لك عيد ميلاد سعيدا. تعال معي حالا. سأساعدك في الهبوط على السلالم ".
أخذت آيريس نظرة سريعة من الخارج لتملأ عينيها من الجمال هناك قبل أن تغادر مقعدها المفضل الموجود قرب النافذة.
" يا إلهي ، هل تصدقين يا جدتي أنك اليوم أصبحت في الخامسة و الثمانين ؟ ".
" كلا . ليس تماما . هذا يبدو لي غير حقيقي ".
( هذه القصة مهداة إلى جدتي بالعماد بيرتا، ذات الذكرى العطرة. حينما بلغت الخامسة و الثمانين ، أخبرتني كيف أنها لم تكن مسنة نفسيا . كل صباح حينما تستيقظ و تقف أمام المرآة ، كانت تنتابها صدمة و هي تنظر إلى وجهها الهرم ، و لكنها أصرت أنها من الأعماق ، لا تزال تشعر كما لو أنها بنت 16 عاما ... من كل النواحي ).
* غداء في استراحة مارلتون
قابلت الشهر الماضي البنات خلال الغداء في استراحة مارلتون. و ذلك في الصالة المفضلة لدينا من المجمع الجديد. كان هذا المطعم اختيارا موفقا . بطريقة ما تناول الطعام هناك جعل شهيتي من غير حدود ، و كنت نصف الوقت أتناول من المأكولات ، ثم أيضا أفكر بكل ذلك المقدار من الثياب المعروضة التي لفتت انتباهي أثناء الصعود إلى فوق بواسطة المصعد ، بالأخص تلك التنورة الخفيفة ذات اللون الأحمر الداكن و لكن العاطفي و الدافئ. بعد أن أصبحت بين صديقاتي ، لم يكن بوسعي أن أغض البصر عن التألق الذي كان في تمام الانسجام مظهريا مع أعمارهن. طبعا ، هذا رهط من النساء ، بغاية الأناقة و المعاصرة. حتى لو لم يكن لدى المرء إلمام شخصي بهن ، إن مظهرهن الخارجي وحده يخبرك أن لهن نصيبا في كل شيء. ثم عادت لي ذكرى أخرى. لقد كن جميعا ممن خضعن لعمليات تجميل في الوجه. و بينما كنت أتأمل بإعجاب كيف أن الجروح تشفى من أذني كاتي ، قالت على سبيل تعليق عابر " أنت من عليه الدور ! لقد خضعنا جميعا لحد السكين ، ما عداك ".
كنت على دراية أن كل واحدة من بين أعضاء حلقة الصديقات هذه ( هناك حلقة أخرى لها اهتمامات شخصية مختلفة ) تتوقع مني أن أطلب موعدا مع الدكتور فرانكيل. كنت أعتقد أنني على وشك أن أحمل سماعة الهاتف و أطلب رقمه ، و ذلك في موعد قريب. و لكن مجرد التفكير بالملاقط و إبر الخياطة كان يطمرني بالذعر. و ما زالت ذكرى الغيبوبة من جراء استئصال اللوزات حية في الذهن ، لقد حصل ذلك في الماضي حينما كنت في حوالي الرابعة من العمر.
بعد الاستماع إلى تعليق كاثي ، أضافت مارج : " آه ، سريعا ما سوف أكرر ذلك ، الخضوع لتجميل في الوجه هو أفضل قرار أزمعت عليه ".
على ما أعتقد لم أكن أنا بالذات جاهزة بعد . ليس ذاك لأنني لا أود أن أبدو في العين شابة . لقد كنت ، في أية حال ، أفضّل حقا أن أظهر بهيئة أخرى ، لنقل لانا تورنير و هي في ريعان شبابها.
قالت جوديث : " لا تزهقي الوقت في التفكير ". و أضافت : " احزمي أمرك. و إلا اقتصر الأمر على ثرثرة مجانية عن نوايا مضمرة. صدقيني ، العمليات التجميلية هي خبز أية امرأة في الستين ".
و حينما كانت النادلة مشغولة معنا و تصب لنا القهوة في الأكواب ، استرقت السمع إلى حوارنا. لقد كانت لديها خطط خاصة من هذا القبيل. لذلك قالت : " بلغ مسامعي أن تبديل ملامح الوجه صرعة في هذا العصر ، أقله لدى السيدات الفرنسيات. أعتقد من ناحية عملية هذا يدخل في نطاق زرع الأعضاء . طبعا ، أنا لا أرغب أن يأتي أقارب و أصدقاء ذلك الشخص الفقيد الذي اندثر ، ليتحروا ماذا طرأ عليه. و من كل بد هم ينتظرون أن أتابع الحياة بنفس الطريقة حين كان ذاك الوجه معي. يجب فعلا التفكير بأشياء لها هذا الاتجاه ...".
ردت كاثي و جوديث في نفس واحد : " شكرا للاهتمام ".
في نفس الأثناء بدأت أشعر بالمغص. ربما لم يكن حريا بي أن أطلب وجبة ساخنة من سمك التيلابيا مع السلطة.
أصبحت ملامح مارج عويصة و جادة تماما و هي تحاول سرد قصة فرانسين أولسين. قالت : " ادخر زوجها قدرا من المال في حساب خاص فقط من أجل عملية للوجه. حسنا. أزمعت فرانسين أخيرا أن لا تحمل وجها صناعيا و لو كان شابا. كانت تعتقد أن من غير الملائم أن تغش الطبيعة بهذه الطريقة. و لكن ما علاقة ذلك بهذه الأفكار. إع ، حقا ، من يعلم. كانت تحبذ أن تكون هرمة كما يقتضي المنطق . حتى أنها سمحت لشعرها بالمشيب. و هكذا عقد زوجها إيرني موعدا لنفسه مع الدكتور فرانكيل . إنه لم يقتني وجها جديدا و حسب ، بل بحث عن زوجة أخرى ، و كانت أصغر منه بحوالي عشرين عاما ! ".
خيم الصمت على كل من وراء المنضدة.
و أنا أنظر إلى تلك الوجوه المستقيمة و من غير تجاعيد ، و لكن المضبوطة و الصارمة ، و بعيون شاخت بالسن و لا تعوزها الحكمة ، شعرت كما لو أنني أخضع لعقوبة ابتزاز صامت.
قالت كاثي : " اعتبري أن هذا تحذير ، يا عزيزتي ".
قلت : " حسنا ، من دواعي الصدق ، يا بنات ، أنني لا أفكر بالرغبة لتجميل في الوجه بعد ".
انهمكن جميعا في ضحكة مجلجلة ، و مدت جوديث يدها إلى حقيبتها و سحبت منها مرآة صغيرة و قدمتها لي ، و هي تقول : " هاك. هذه هدية مني ! قدمها لي الدكتور فرانكيل على سبيل تحية. إن عنوانه و رقم هاتفه مسجل على قفاها ...".
قلت : " هلا أجد عذرا لديكن أيتها السيدات ! لست حقا جائعة و أنا أرى هناك تنورة حمراء و أرغب في قياسها ".
و لكن حتى قبل أن أتدبر أمري للنهوض ، سحبت مارج هاتفها الخليوي من المحفظة و قدمته لي.
و هكذا انتهى بي الأمر.
به طلبت موعدا من أجل عملية لتجميل الوجه ، و أنا أتناول الطعام في استراحة مارلتون.
08-أيار-2021
30-تشرين الأول-2007 | |
17-آب-2007 | |
31-تموز-2007 | |
20-آذار-2007 | |
18-تشرين الثاني-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |