Alef Logo
مقالات ألف
              

يوميات أدبية

محمد الأحمد

2019-04-26

*محي الدين زنكنة

مجموعة كتب "الجيب"...
كنت افتخر اني اخفي في جيبي كتابا خارجيا مختلفا عن المنهاج الدراسي (ايام المراهقة، والتحديات)، افتحهُ وأقرأ فيه أثناء الدرس، كانالعالم من حولي ضيقا إلى درجة الاختناق، لذلك كنت أتنفس بواسطة ذلك الكتاب الصغير، اوكسجينا طيبا، اذ كان يحوي على ملخصاتواضحة لروايات عالمية مهمة جدا، ولأنها تحمل اسم سلسلة "كتاب الجيب" ، كنت أحرص على اخفائها في الجيب، ويومها لا أحفل بالدرساو المُدرّس، إلا بقليل من التركيز، اذ كنت اذهب عميقا في الحلم، واتخذ مثل الابطال احلى أدوارهم. كنت أقرأ في كل درس، دون تركيز،ودون فهم دقيق، المهم اني كنت استمر في القراءة، وكان حجم الكتاب الصغير هو الذي يستهويني اكثر، ولم أبالي باحد.
ذات مرة لم انتبه جيدا حيث وجدت الاستاذ "محي الدين زنكنة"، يمسكني متلبسا بجرمي، لاني لست منتبها لشرحه. لم يضربني بكلماتقاسية او يوبخني. ولكنه جعلني أقف أمام الطلاب، في الزاوية ووجهي الي الحائط. ابقاني إلى نهاية الدرس، ولما ضرب جرس نهاية درسه.اشار الي ان اتبعه، إلى غرفة المكتبة، بعد أن استأذن من امينها وسحب كتابا كبيرا وكان رواية "الجريمة والعقاب لدستوفسكي" ترجمة"سامي الدروبي"، وقال لي أن اردت ان تقرأ "دستوفسكي" فاقرأ هذه.. بدلا من "حلمي مراد" لن ينفعك. كان ذلك القول قد فتح علي جنةاكبر، واجمل. يومها لم أكن أعلم بأن "ذلك الرجل هو الكاتب الكبير محي الدين زنكنة" حيث ذاعت شهرته وبقي بيننا في غاية التواضعوالمحبة.

*فضائح كاتب اسمه محمد الأحمد

جريدة العرب العالمية كانت تكافيء عن كل نشر فيها (٥) آلاف دينار اي عشرة أضعاف عن الصحف المحلية. ذلك يتطلب مادة صالحةللنشر مرقونة بالكمبيوتر مع نسخة ورقية عنها، تسلم باليد إلى مكتبها الكائن في المنصور، بشرط أن لا يزيد لكل كاتب نشر أربع مواد فيالشهر. كان ذلك المبلغ السخي في مجموعه (٢٠) ألف يجعلني أعيش في بحبوحة طيبة لا بأس بها، إضافة الى راتبي (١٢) ألف اتقاضاهامن وزارة الكهرباء..
كنت مسرفا في شراء الكتب، وأشرطة الموسيقى، ومهما نزل المال إلى الجيب لا يقف عند حال. ومهما قدمت من مواد للنشر، كانتالجريدة لا تقبل مني أي زيادة في مواد النشر. كنت أقرأ كثيرا ولا اكتفي بما أكتب..
ولكني ذات مرة بالمصادفة جربت تسليم مادة باسم غير اسمي، بأسم زميل لي في العمل. وفق الشروط ونجحت المحاولة. تم النشر،وصرت ادفع له موادا يسلمها، حتى اقاسمه مبلغ المكافأة. ثم دخل بيننا زميل ثالث بنفس الشروط، اكتب واقبض منه بعد أن يقبض منالجريدة.. ثم رابع وهكذا كنت استلم نصف ما يستلم وكان جيبي يزداد تورما.. في تلك الفترة اشتريت بناطيلا واحذية تحمل ماركات عالميةوادخن أجود أنواع الدخان. إذ بات قلمي يدر علي أكثر مما تدر الوظيفة..
ذلك كان سرا لم أبح به لأحد من الأدباء والكتاب لأكثر من عامين الا ذات يوم عندما فتحت قلبي لأحد المقربين، وبدوره استغل السر، وباحبه لمن قرر أن لا يفوتها عليّ. فكلف احد الصحافيين العاملين على الفضائح وكتب عني مقالا فاضحا "محمد الأحمد" الظاهرة الذي يكتبباربع اسماء مستعارة إلى جانب اسمه.

*صداقة رسيل

بيني وبين لعبة الشطرنج المدهشة صداقة متينة ابتدأت منذ اواسط السبعينيات ايام (سنة الأول متوسط) ذات السنة التي اهدت فيهامجلة "مجلتي" هدية مع العدد "شطرنج" من الكرتون المقوى، وذلك بمناسبة العطلة الصيفية.
كان ذلك كافيا لان يكون المساحة أو المضمار مع رقعته، الكفيل حتى اتعلم اللعبة جيدا، ووفق الشرح المنشور عليها..
لم أجد اللاعب المتمكن الذي كان يمكنني معه من الاستمتاع باللعبة، لانها لعبة لا تستند على الحظ، بل تتطلب لاعب عارف. وكانتالصعوبة أكبر لو رغبت لعبها مع أحد من اقراني بين ابناء المحلة، معاناة تتطلب مني أن اعلمهم من الصفر، وبالتالى يكون دستا سمجا..
أحببت اللعبة كثيرا وقد جعلني ذلك الحب احظى بالتفوق بها وصرت أفوز على كل متحد حتى اني ذات مرة حصلت على المركز الثانيللبطولة للتي أقيمت في النادي الصيفي على حدائق مدرسة بعقوبة والتي كانت على مستوى المحافظة..
كما صرتُ العبها بانتظام مع العم "رمضان" الذي جاء من محافظة "القليوبية"من "مصر" حتى يعمل معنا في المطعم الصغير الذي كانيملكه والدي.. ذلك الرجل الطيب قضى فترة لابأس بها معنا زادت على أربع سنوات من غربته، أحسن الرجل بيننا مقاما بخلقه الدمث،واحسنا معاملته.. اذكر اني تعلمت منه هواية المراسلة حتى بات لي ص. ب رقمه (٢٩)، بديلا عن ضياع الرسائل مع ساعي البريد بينالأزقة. عندما عاد إلى بلاده بقيت بيني وبينه الرسائل، وذات مرة، نشر لي قصة قصيرة اسمها "محاولة بلا انتهاء" في مجلة "إبداع"المصرية.. أرسلتها له من "بعقوبة"، وارسلها بدوره من "القليوبية" إلى القاهرة، وتم نشرها، حيث تم اعتبارها لكاتب مصري وليست كاتبعراقي، وذلك خرقا لهم لانه وصلهم من محافظة مصرية ولم يعرفوا ان مغلف البريد كان من العراق.
ربما لعبت معه الشطرنج بالمراسلة، ثلاث او اربع دستات كتابة..
بقيت رسائلنا منتظمة حتى جاءت الخدمة الالزامية. وانقطعت المواصلة، ولم يصادف احدا اواصل معه شغفها.
.
*كاتب عراقي. صدرت له من أسابيع عن دار الورشة ببغداد رواية (متاهة أخيرهم)

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

الدكتاتور العظيم

29-حزيران-2019

يوميات أدبية

26-نيسان-2019

التاريخ القريب في رواية (وردة)لصنع الله إبراهيم

20-تشرين الأول-2018

قراءة في أفراس الأعوام لزيد الشهيد

06-تشرين الأول-2018

ليلى والحاج / محمد الأحمد*

21-تموز-2018

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow