عتابُ المَقْعَدِ وجنازةُ الغيمِ
مجد عربش
خاص ألف
2020-03-07
(عتابُ المَقعَدِ الخشبيّ)
عاتبَني مقعدُنا الخشبيُّ صباحاً
قالَ:
لماذا لم تأتي معَكَ الحُلْوةْ
ذاتُ العينينِ الخضراوينِ
وذاتُ الجسدِ الدّافئِ مثلِ بخارِ القهوةْ
خاطبَني:
هل أصبحتَ الآنَ وحيداً مثلي
رغمَ زحامِ النّاسِ حَواليكَ
ورغمَ الدّنيا
رغمَ الأصواتِ بكلِّ مكانْ...
حدّثَني عنها:
عن ظَهْرٍ منها يُوقظُ منهُ الأخشابَ
وعن أردافٍ جسَّ بها ريشَ حماماتِ الصّبحِ
ومسَّ بها روحَ الشهوةْ
عن رغبتِهِ في أن يكسِرَ قانونَ طبيعتِهِ
ليحرّكَ تُوْتَاً في شفتيها
ويمسَّ النّهْدَ العاليَ كالسّرْوةْ
عن بيتٍ كانَ بعينيها
وسريرٍ بيديها
عن دفءٍ سادَ بنبرتِها
يحضُنُهُ ويلفُّ مَداهُ بكلّ أمانْ..
أحسسْتُ ببرْدٍ ينكُزُني
فتركتُ المقعدَ يهذي
ورحلتُ...
٤/٢/٢٠٢٠
***
(في جنازةِ الغيمِ الحزين)
ما كانَ هذا الثّلجُ شَيباً حلَّ في الأرضِ العجوزِ
وإنّما غيمٌ تشتّتَ من غيابِكِ وانتثرْ
لِمَ لمْ تكوني رعدَهُ وبريقَهُ
لم لمْ تكوني فيهِ حبّاتِ المطرْ
لمَ لمْ تضمّيهِ إليكِ
ولمْ تسيري فوقَهُ
لمَ لمْ تكوني بينَهُ شمسَ الأفُقْ
جرّاءَ ذلكَ ماتَ ذاكَ الغيمُ
هبّتْ في جنازتِهِ رياحُ البردِ
تنثرُ ذكرَهُ فوقَ المدينةِ
في السّطوحِ وفي الطّرُقْ
مُرٌّ غيابُكِ
يُقلِقُ الأزهارَ
يجعلُها تشكُّ بعطرِهَا في كلِّ وقتٍ
يتركُ الطّرقاتِ ترمقني بصمتٍ مُنكَسِرْ
أنذا وحيداً في الطّريقِ أسيرُ
مُنتبِهاً إلى ظَمَئِي
أرى ثلجاً حزيناً
ثمَّ أسألُ:
كيفَ سوفَ يكونُ هذا الثّلجُ لو كنَّا سويّاً
عابرَينِ ..
وآمنَينِ..
ودافئَينِ..
بلا قلقْ؟!
١٢/٢/٢٠٢٠