قفّازك ِ
ذو الفروِ الأشهبِ
ذاوٍ
فوق قماش المقعدْ
مخلبَ نسرٍ منكسراً
أو أرنبَ
يرمق صمت الأشياءِ
بصمتٍ مذعورٍ
ترجف في أذنيه تفاصيل البارحةِ
و يشردْ
ثمّ ظلالٌ خاويةٌ
ملمحُ عطرٍ منسحبٍ
و سريرٌ مطفأْ
العسل المزهر في أغصان الأمسِ
تبخّرَ
و هواء الغرفةِ بعض رمادٍ
و سديمٌ أزرقْ

تقرع باب شتائي
فضّة كانونَ
تهزّ السرو النائمَ فوق يديّ
و تنقر غيم الوقتِ
تهلّ صباحات باذخة النورِ
فأصحو مغتبطاً بالفتنة ..
ضوء حجريٌّ
يسقطُ قرب دمي

أيتها الرغبات الذابلةُ
تنحّي
فأنا منذ بعيدٍ من مطرِ الليلِ
وحيدأ
أمضغ حطب الوقتِ و أصغي
ليقين الغابةِ
أيتها الرغباتُ
سأمضي نحو رثاء سمرقندَ
بخفّةِ طفلٍ
يعرف كيف يهزّ القلعة من فوديها
و يعيد إلى أنطاكيّة
جرنَ الماءْ
لا يعنيني الصخب الماجن في الشفة السفلى
لا تعنيني الفرجة في غرناطةَ
برك الدمع ِالحارقِ
في قصر الحمراءِ
و باب العدل المشغولِ بفاكهةِ الأسماءْ

لا آبه للزبدِ المتكاثر حول المعنى
أو لأناقة حرفين حريريينِ
و وسمٍ في ظاهر نهدْ
أيتها الرغبات اليابسةُ
هناك العنب الأخضرُ
خلف حدود الرملِ
و ليس لديّْ
من حبق الوردةِ
ما يكفي
لأزيّن شرفاتي المتهدّلة
كحلمٍ شرقيّْ

تترقرق في الوبر الناعمِ
أنداء البارحةِ ..
بين زنابق كفّكِ قفّازٌ أصهبُ
و الليلُ وشاحٌ منسدلٌ
أقمرَ حول بياض العنقِ
و شفّ بُعَيدَ السرّةِ
كان البارحةَ حضورُ النرجسِ
جسداً يكتبه الينبوعُ
و شدواً يستلّ التوق من الفيروزِ
و يمكث في بوح العسجدْ
أين الشجنُ الذائبُ
في شغف الموقدْ
يدك الممسكة رحيق اللحنِ
ترفرف مثل يمامٍ
فوق الصدرِ
تلوّى ..
تعلو ..
تغزل ثوباً للريحِ
و تهبطُ
كيما تقرأ "سوناتا" الرعشاتِ
و تنقش باللام الكوفيّة
خصركِ ..
و الوركَ الدائخَ من دفء المخملْ
ساقاكِ نزق البلّلورِ
و رنّـة خلخالٍ لا تخجلْ
أوّاهُ ..
أصابع قدميك العاريتين
كقطن الشهوةِ
أضمومة فلٍّ
شغبٌ أبيضُ يرسم أقدار اللونِ
كأيًّ من عطر خمائلكِ
البارحةُ ..
جسداً من ماء الدهشة
كانَ ..
و صوتكِ خمرٌ منسكبٌ
في قدّ الكلماتْ

قفاز الجلدِ
بفروٍ أشهبَ
يذبل مثل نداءٍ
فوق حرير النسيانْ
أتعبه التحديق إلى نافذةٍ
موصدةٍ باليأسِ
و في دعةٍ
أسبل رمشين ظليلينِ
و نامْ

كيف نسيت ملامح كفّيكِ
على القشّ الباردِ
كيفَ ..
و دون مبالاة
خلّيتِ يديك بلا حرّاس
و تركتِ القفّاز العسليّ
يئنّ على برد المقعدْ