ماذا لو وقع ماركيز في قبضة رقباء اتحاد كتاب العرب؟
مصطفى علوش
2006-04-08
يذكر غابرييل غارسيا ماكيز في روايته " ذكرى عاهراتي الحزينات" ، وعلى لسان بطله، أنه في العشرين من عمره بدأ يحمل سجلاً يدون فيه اسم وعمر ومكان كل واحدة يضاجعها، ولمحة قصيرة عن الظروف والأسلوب، وفي الخمسين من عمره بلغ عددهن خمسمائة وأربع عشر امرأة. ضاجع كلاً منهن مرة واحدة على الأقل. وقد أوقف اللائحة لأن الجسد ما عاد قادر على العطاء. ولكنه تابع الحساب دون أوراق .
عشرات الأسئلة تحضر إلى الذهن أثناء قراءة هذه الرواية، أسئلة تخص الاستقامة الاجتماعية الزائفة وأسئلة تخص خواء الحياة الروحية العاطفية.
وتذكرت عن حسن نية الرقيب الاجتماعي السائد بكل فصامه وتواطئه الفعلي مع أمراضه لاسيما ما يتعلق بموضوع الجنس... وفي السياق يمكن تذكير الرقيب الرسمي المختبئ في عقول بعض قراء اتحاد الكتاب العرب الذين توكل لهم مهمة قراءة المخطوطات واقتراح قبولها أو رفضها. ويمكن لهؤلاء القراء أن يكونوا قد انتهوا للتو من حضور ندوة عن دور الأدب في التغيير أو دور الشعر في المقاومة. أو دور الأدب الملتزم في الدفاع عن مصالح الجماهير.
وإذا تركنا كوميدية هذه العناوين وكوميدية العقول التي نظمت تلك الندوات، واقتربنا من حالة افتراضية يمكن رسمها على الشكل التالي:
في هذا الواقع يمكن أن نتخيل أن ماركيز سوري وعضو في اتحاد الكتاب العرب وممنوع عليه الظهور في قناة الحرة وتجرأ على كتابة رواية كهذه وتجرأ على تقديمها إلى الاتحاد بغاية الحصول على الموافقة بالنشر والتداول. بعد انتظاره لشهور سيسعى ماركيز المسكين لتأمين "واسطة" تدله أولاً على مصير المخطوط. ويمكن أن نقدر أن الروائي ماركيز تمكّن من معرفة مصير المخطوط وتمكّن من معرفة مصير المخطوط وتمكن من تصوير تقريري القارئين سراً.
يقول التقرير الأول: "بعد الإطلاع على مخطوط رواية ذكرى عاهراتي الحزينات ورغم امتلاك صاحبها لغة سردية فاتنة فيها النبض الفني الموازي للنبض الروائي، إلا أن مضمون الرواية لا يتفق أطلاقاً مع الأخلاق العامة. وحديث بطل الرواية عن قراره وهو ابن التسعين، بأن يقدم لنفسه ليلة حب مجنون مع مراهقة عذراء، لا تتناسب مع القيم الأصلية لمجتمعاتنا،
كما أن الكاتب يبني روايته على الغوص في مبدأ اللذة وبذلك يحرض الأجيال على إتباع الطرق الخاطئة لتلبية رغباتهم.
كما أنه يذكرنا بذلك اليهودي فرويد صاحب نظرية التحليل النفسي وحديثه الممل عن الليبيدو،
نقترح رفض هذه المخطوط، ونقترح توجيه إنذار لهذا الروائي. وإذا لم يمتثل لتوجيهاتنا فسوف نهدده بالفصل من الاتحاد، ونحرمه من التقاعد ومن الضمان الصحي.
وقبل أن تستقر روح ماركيز التي اضطربت بعد قراءة التقرير الأول، سيقرأ التقرير الثاني الذي يوضح صاحبه أن ماركيز قد تجرأ وتضمنت روايته عبارات تخدش الحياء العام وتحطم المثل العليا لمجتمعنا مثل "كان البيت مثل كل المواخير. أقرب ما يكون إلى الجنة" كما أن العنوان "ذكرى عاهراتي الحزينة " يحمل أكثر من سؤال وفيه الكثير من الاعتداء على الضمير الجماعي لمجتمعنا ونذكر ماركيز أن العهر في لغتنا العربية هو الزنى، وعَهَر بفتحتين، والاسم العهر بوزن العهن.
وفي اللحظة إبداعية تنتمي لعالم الرواية يتذكر ماركيز أنه كولومبي، وينشر روايته هناك ويرسلها إلى سورية عبر ترجمتين الأولى لصالح علماني والثانية لرفعت عطفة.
وروسا كاياركاس صديقة بطل الرواية القديمة ستحكي حكايتها بكل تشويقها الروائي "ومؤكد أن ماركيز لن يلجأ إلى نشر بيان على الإنترنت يوضح فيها موقفه من رفض نشر روايته، وما سيقوله أنه يقف على أرض فنية تنتمي لعالم الجمال المحض ومهمته تكمن في ايقاظ روح الجمال والخيال لدى قارئ أنهكته طرق الحياة وتفاصيلها القاسية.