محمود درويش والأدب الذي يصور
2008-07-27
مؤخرا وبعد صدور ديوانه " كزهر اللوز أو أبعد " يرى الشاعر الكبير محمود درويش أنه ليس من وظيفة الشعر أن يصور في وقت صار فيه التصوير متاحا ودقيقا من خلال التلفزة وغيرها..وهذا بالتأكيد صحيح بالنسبة للأدب عامة وليس الشعر فحسب ..الأدب التصويري لم يعد مستساغا في وقت صارت فيه عين الكاميرا شديدة الاقتراب من كل ما يحدث ، وقد تكون الصورة – على حد قول الكثيرين – خير من ألف خبر .. وهنا خير من الكثير من القصص وغيرها.. لكن هل يعني هذا ترك جزئيات القضية والانتقال إلى شؤون الحياة حسب رأي محمود درويش ؟؟...
القول هنا يفترض ألا يعمم وألا نفهم منه أنّ محمود درويش يترك قضيته الفلسطينية كما رأى البعض والانتقال إلى الاحتفاء بالعالمية .. الخصوصية هنا تنطلق من أنّ محمود درويش ينطلق من تجربته ، وليس من مبرر لأن نحمل قوله أكثر مما يحتمل ، فهو يرى أن المباشرة والتقريرية ما عادا يليقان بالشعر الذي كان يكتب قبل أكثر من ثلاثين أو أربعين عاما ، وأن من الواجب تطوير الشعر ليصبح أرحب وأكثر اتساعا بكل شيء .. ولا احد يقول إن هذا خطأ !!.. وعن تجربته يقول :" أنا فخور بأن يكون شعري فرض حضور بلادي في الخريطة السياسية للعالم، قد أكون قد وضعت لبنة في التجربة الكونية ".. هذا القول يضع محددا لفكرة محمود درويش في الحديث عن تجربته التي تعني دخولا في الإنساني دون التخلي عن الوطني .. فالشاعر ترجم شعرا لأكثر لغات العالم ، وهو في مقدمة الشعراء العرب المعاصرين دون منازع .. والحديث في هذا الإطار لا يفتح الباب للتقول .. وعلينا أن نشير إلى تجربته، لا إلى التجربة الشعرية ككل ..
في العام لا أحد يمنع الشاعر الفلسطيني وغير الفلسطيني من الحديث عن الحياة والحب والموت وكل ما هو كوني .. لكن هذا لا يعني ترك أو التخلي عن خصوصية القضية .. قد لا نكون مع التصوير الفوتوغرافي في الأدب عامة منذ القديم وليس الآن فقط ، لكن هذا لا يعني تضييق فتحة عين الشعر إلى حد بعيد .. فالحديث عن أي شيء يخص القضية لا يحتاج بالضرورة إلى مباشرة وتصوير وتقريرية ..فمناخ التجربة واسع جدا ، وما يخص القضية الفلسطينية فيه الكثير مما يبتعد عن المباشرة والتقريرية .. والأجدى أن نقول إن هذا يتعلق بالأديب وليس بالأدب أو القضية .. فالأديب هو الذي يختار وهو الذي يكتب وهو الذي يسير بمركبته إلى الوجهة التي يريد وبالطريقة التي يريد ..
والزمن الذي ينتبه له درويش حقيقة قائمة..فالمتغيرات التي تحدث في التقانة والعلوم تتطلب أن نفتح العيون لنواكب كل شيء .. هنا لا دخل للموضوع بما نتحدث عنه .. قد يكون الربط بين القضية والكتابة والزمن ربطا خاطئا دون شك .. إذ يفترض أن نربط بين الأدب وطريقة الأداء وليس أي شيء آخر .. فالموضوعات هي هي .وخصوصية القضية تبقى بذاتها وبمحمولها .. والتطور يحدث أو يجب أن يحدث في طريقة الأداء والتقديم بما يخص هذه القضية ..إذن المتغير أدبي في الطريقة وليس في الأرضية التي هي القضية الفلسطينية أو غيرها ..
لنرتب الأمور بشكل صحيح .. التصوير والمباشرة غير مطلوبين .. ولننتبه إلى أننا هنا نتحدث عن مذاهب ومدارس أدبية ، وهذا لا يمس الجوهر .. فالمدارس والمذاهب متغيران على مدار التاريخ .. لكن الجوهر لم يتغير .. الطريقة في التقديم تتغير ويبقى الأساس على حاله .. من هنا علينا الانطلاق .. والأجدى القول : افصلوا بين الشخصي والعام .. فالحديث عن تجربة ما يعني هذه التجربة ولا يعني الأدب كله ..
08-أيار-2021
06-أيلول-2009 | |
09-آب-2009 | |
29-تموز-2009 | |
27-تموز-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |