طيور في فضاء مفتوح
2009-07-29
هل نسمي المفردات التي نستعملها في النص الإبداعيّ طيورا تعطي البناء كل أهميته؟؟..أم نسمي الأفكار والصياغة والأسلوب بشكل عام بهذا ؟؟.. أم نحن أمام تسمية تشمل روح النص والإحساس الكامن فيه ؟؟.. وهل إن أطلقنا التسمية على هذا الجزء أو ذاك نصل إلى حلّ أطراف المعادلة الإبداعية بشكل صحيح ؟؟.. وإن كان ذلك هو الأكثر مناسبة ، فما هو السرّ الذي يجعلنا ننشد وننجذب لهذه القصيدة أو تلك ، لهذه القصة أو الرواية ، أو سواهما ؟؟.. لماذا نبقى في كثير من الأحيان أسرى خيط سحريّ يقبض على تفكيرنا وأحاسيسنا ومشاعرنا ، حتى ليمكن القول إن هذا النص الإبداعي أو ذاك قد سكننا تماما دون أن يترك لنا فسحة من التفكير في كيفية الفكاك من تأثيره ؟؟..
الإبداع سر .. والكتابة المتفوقة سر .. والتحليق في مدى الروح الإنسانية سر .. هذا يجعل كل نص شديد التأثير كتلة فيها من التضافر ما فيها، وليس الترابط .. إذ يبدو التضافر حالة استثنائية تتساوى فيها التأثيرات المتبادلة..فالأسلوب في تضافره مع المفردة يخلق قدرته على الإمتاع ، والفكرة في تضافرها مع الشحنة العاطفية توجد بيئة مناسبة للتحليق العالي الرائع .. هناك حالة مزج لا يظهر فيها ولا يغيب شيء على حساب الآخر .. فأنت مدعو في حفلة احتفائك بالنص الإبداعي للقول هو نص رائع .. وحين تسأل ما الذي أعجبك فيه ، قد تبرر وتوجد عدة عناصر تتحدث عنها بإسهاب وإعجاب ، لكن الحقيقة الوحيدة التي تطفو على السطح تقول إن النص كله نجح في جعلك أسيره وليس أي جزء منه .. تتذكره ، فتتذكر كل شيء دون أي تراخ في جزء على حساب جزء ، أو تلاش لجزء على حساب جزء ..الصورة كاملة متكاملة رائعة في كل شيء .. هناك الألوان ،حركة الريشة ، الموضوع الذي اختاره المبدع ، التناسق ، التآلف ، الترتيب ، الروح ، الأنفاس ، العاطفة المتأججة .. ويمكن أن تفكر مباشرة أن انزياح أو قلق أي عنصر من هذه العناصر يمكن أن يسقط العمل ككل ..عندها لا يمكن لهذه الطيور المحلقة بصورة مدهشة أن تكون كذلك ، إذ أنّ طيرا واحدا يخرج عن السرب لا بدّ أن يجعل المنظر كله غريبا متنافرا بعيدا عن الجمال..فالتكامل يبني ، والتنافر أيّ تنافر يهدم .. كل بنية العمل تنتهي بانتهاء جزء واحد ، لن تقول عندها عن جودة الأسلوب أو الفكرة أو العاطفة..سترى أنك أمام بناء تهدم جزء منه ، فطغى الجزء المهدم على صورة البناء كله ...
هناك دائما حاجة لك ، وأنت في كامل حضورك ، داخل أي عمل إبداعي.. غياب جزء من الحضور ، يجعل الحضور مهزوزا كابيا في الكثير منه ..لماذا ؟؟.. هكذا هو الإبداع في طغيان بهائه ، يرفض أن يركن لأي نقص مهما كان .. طبيعي أن النصوص الإبداعية التي تخلد هي تلك التي يكون فيها الحضور المدهش كاملا غير منقوص .. وموت النص أو جزء منه ، يعني اهتزازا في الحضور .. الموهبة الكبيرة تستحضر كل شيء ولا تترك المجال لأي غياب على أن تكون ذات علاقة وثيقة بثقافة عالية .. والموهبة العادية أو المتواضعة تفلت بعض الخيوط من يدها ، فيكون الحضور بين بين ، وبالتأكيد كثيرا ما تكون الثقافة منقوصة أو مشروخة فيخرج العمل وهو يشكو من أشياء وأشياء.. إنها الطيور في فضائها المفتوح ، الطيور التي قد تحلق فتعطيك أجمل صورة ، أو تحلق فتعطيك شيئا لا يدوم أثره في العين الناظرة .. كلاهما يحلقان ، ولكن لكل طريقة تحليقه ، وهنا الاختلاف الذي يرتسم ويبقى في البال فيعطي الديمومة أو الزوال السريع..
08-أيار-2021
06-أيلول-2009 | |
09-آب-2009 | |
29-تموز-2009 | |
27-تموز-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |