يسقط الكاتب ..يموت المسرح
2008-11-03
قد يكون هذا العنوان صادماً.استفزازياً.غير أنه ،وللأسف،العنوان الأنسب للحركة المسرحية،الآن
وهنا،بشكل خاص،التي لا ينطلق موقفها العدائي من الكلمة وصاحبها من دعوة الناقد الفرنسي انتونين أرتو إلى إسقاط الكلمة الأدبية في المسرح ،المترهلة والمنمقة ،والطاغية أيضاً،أو دعوة ميرخولد الذي حلم بمسرح تكون الكلمة فيه وشي على أخاديد الحركة،لأن الدراما على خشبة المسرح فعل وصراع وليست مناقشة وبلاغة،فمن الملاحظ في العقدين الفائتين خاصة تمادي الكثير من الانقلابين المسرحيين :من مخرجين وغير مخرجين،في مناصبة العداء للمؤلف،بقائمة من الحجج التي تدينه بجرائم التخلف والاستبداد والبشاعة والترهل والثرثرة...وإلخ إلخ،هذا العداء المشخصن والكيدي بدأ يأخذ في الآونة الأخيرة شكلاً خطيراً تمثل في نفي الكاتب بعيداً عن مملكة المسرح والحجر عليه و السطو على نصه وضمه إلى ممتلكاتهم الفنية،فأصبح والحال هذه،من حق سيد المسرح الجديد التصرف بحرية تامة بما صار إليه من ممتلكات السيد المخلوع،فراح يتصرف بالنص كما يحلو له :يحذف.يضيف.يمزق.دون العودة إلى المالك الأساسي للاستئناس برأيه على أقل تقدير،كل ذلك أصبح عرفاً متبعاً لدى الغالبية العظمى من المخرجين،الذين أساءوا فهم الكلمة،فاستخدموها في غير مجالها.وسلم الكاتب بهذا العرف أو القانون كي يضمن لنصه رؤية النور،ولا يبقى أسير الغلاف،وطريح الأرفف،وكل ذلك تحت اسم الإعداد،الذي هو في حقيقته،مع استثناءات جد قليلة،أشبه بالإعدام،إعدام النص،وهذه أيضاً أعتاد الكاتب عليها،ولكن ما لم يعتد عليه الكاتب،ولم يتجرأ عليه أي مخرج أصيل،هو إعدام المؤلف،والمتمثل بحذف اسمه ،وهو صاحب النص،والإدعاء أن النص معد عن قصة أجنبية (!!!)ولغاية في نفسه،قد تكون مادية، للتهرب من دفع مكافأة مادية للمؤلف،الرمزية في جميع الأحوال،أو معنوية،استهتاراً بصاحب النص،أو لإضفاء طابع الإبهار والانبهار على العرض،على اعتبار أن المؤلف المحلي لا يشرف العرض ،أو قد يسيء اسمه للعرض إذا وضع على البروشور أو الإعلان.وفي جعبة وقلب كتابنا المحليين الكثير من هذه الشجون،غير أنهم آثروا الصمت وبلع ألسنتهم لأن الموجة أقوى منهم،وقد يكتفي من ينال منه الغبن أن يطلق صرخة احتجاج مصيرها الضياع في الوادي الذي هبط إليه المسرح،مثل هذه الصرخة التي لا أتمنى أن تسقط هي الأخرى في هذا الوادي ،والتي تتعلق بما اقترفته إحدى العاملات في مسرح الطفل التي قدمت مسرحية (الأشقياء الثلاثة ) لكاتب هذه السطور ،والموجهة للأطفال في عرض عرائس الشهر الفائت،وبدعم من مفوضية الاتحاد الأوربي ومديرية المسارح.وعلى الرغم من أن النص المذكور منشور في مجلة الحياة المسرحية( العدد 54 سنة 2004 ) وقدم في دمشق في أيلول سنة 2006من إخراج هشام النشواتي.كما أنه نشر في أكثر من موقع إلكتروني مسرحي عربي (مسرحيون.الفوانيس المسرحية.المسرح دوت كوم..) وقدم في دولة الإمارات(إمارة رأس الخيمة) التي أرسلت مكافأة مادية مع طاقات من التحيات،على الرغم من كل ذلك أغفلت السيدة المعدة والمخرجة اسم مؤلف النص عن بروشور العرض (؟؟!!)كما أنها لم تكلف نفسها عناء الاتصال به ،وكانت الحجة كما علمت: الجهل بجنسية الكاتب ؟!وهي التي أخذت النص من المجلة السورية،التي حوت في عددها الخاص بمسرح الطفل في سوريا ،لقاءً قصيراً أجري معه ومع العديد ممن يعملون في مسرح الطفل السوري مرفقاً بصورة شخصية.
كل هذا كان بالإمكان التغاضي عنه وبلع الموسى كالعادة،لو أن ما ورد في مقالين اثنين،الأول بقلم زكية حطيني ونشر في جريدة الثورة يوم 29-9-2008 .والثاني للصحفية هنادي دوارة المنشور في جريدة بلدنا في 4-10-2008 اللتين ،أكدتا على أن نص العرض أجنبي ،وقامت المخرجة بإعداده ليناسب الطفل السوري (؟؟!!)والسؤال المطروح: من المسوؤل عن هذا الخطأ والتجني على صاحب النص ،المخرجة أم الصحفيتان ؟؟ قد يقول قائل :إن هذا الأمر لا يستحق كل هذا الضيق،غير أن أكبر المصائب التي تهبط على رؤوسنا كانت في البدء صغيرة،وسرقة الجمل بدأت ببيضة،وما فعلته السيدة عتاب نعيم مخرجة العمل كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ،فقد سبق أن تعرضت،ومازلت،لقرصنة أكبر حجماً من هذه، فقد فوجئت أكثر من مرة ببعض نصوصي المسرحية الموجهة للأطفال قُدمت في العديد من الدول العربية المغرب(مسرحية أحلام الحمار الكسول.ومسرحية الثعلب الذي خدع نفسه.ومسرحية الحقل المنيع التي أسميت باسم جدار الآمان) السعودية (مسرحية الأشقياء الثلاثة)العراق (مسرحية مدرسة الثعلب ومسرحية الثعلب الذي خدع نفسه) ليبيا( مسرحية الرهان الخاسر) دون إذن شخصي مني، وما خفي كان أعظم.وقد وصل الأمر بأحدهم أن نشر نص لي هو (أحلام الحمار الكسول) وبحرفيته،دون زيادة أو نقصان،باسمه الشخصي، في موقع إلكتروني يحمل اسمه، مكتفياً بتغيير كلمة الكسول بالكسلان..فقط.إضافة إلى نصوص أخرى نشرت في مواقع مختلفة مغفلة من اسمي ،أنا صاحب النص ،بل في الجعبة ما هو أدهى أخجل أنا المجني عليه من ذكره ،فهل علينا نحن الذين ننشر في النت أن نكف عن ذلك ،وهو ما أفكر فيه جدياً،ويبدو أنني سأنفذه ،كرمى عيون قراصنة المسرح،ولكن يا سيدتي هذا النص بالذات كان قد نشر في مجلة سورية محلية وكان من الضروري ،بل من الواجب مسرحياً وحضارياً السؤال عن هوية كاتب نص العرض الذي ستقدمينه، ولو كنت فعلت ذلك لعرفت أن هذا الكاتب هو مواطنك، ولقلت للصحفيين إن النص سوري وليس أجنبياً، وسكن صاحبه في مدينة اسمها القامشلي التابعة لسورية وليس لتركيا.اعذريني يا سيدتي فظلم ذوي القربى أشد وأمضى .
إن هدر حق الكاتب بهذا الشكل جحود لمن حفظ هذا الفن من الضياع،وقد ساهم تغييبه بشكل كبير في احتضار مسرحنا، فغياب الكلمة والفكر عن عالم هذا الفن جعله عرضة للتفسخ والانحلال، لأن الكلمة كانت، وستظل، ملح المسرح الذي استطاع الحفاظ على طزاجة وحيوية هذا الفن الرهيف على مدى قرون عدة عجزت كل حافظات المخرجين الحديثة عن ذلك في مدة أقل من قرن،لأن المسرح ببساطة شديدة: فن من روح ودم وجسد وأعصاب وخيال ،وليس صناعة وتقنيات فقط..إن موت المؤلف واستبعاد الكلمة الأدبية عن العرض والنص المسرحي ،ليس القصد منه هو الحجر على الكاتب المسرحي،ونزع صفة الأبوة لنصه المسرحي،وربما يأتي يوماً من يطالب بنفيه وقتله،لنفهم ما يقال هناك،ولنترجم الكلمات والمصطلحات والمفاهيم بشكل سليم وصحيح،أو لنكف عن رفع مظلاتنا إتقاء المطر الذي يهطل هناك،فما تمارسونه بحق الكاتب هو موت للمسرح إن كنتم تعقلون ..بس.
[email protected]
08-أيار-2021
31-آذار-2018 | |
03-تشرين الثاني-2008 | |
15-أيار-2008 | |
03-أيار-2008 | |
30-آذار-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |