عُريُّ الخوف
2008-11-30
تمضي الساعة هرمةً، تحملُ عكاكيز لتساعدها في المضيّ، فيما ترتجف الدقائق والثواني وهي تعدّ زمن الخوف والرعب والدماء التي تجري في الأنابيب بدلاً من المياه. تمضي الساعة مذلولة ًتحت سياط الزمن ملتزمةً بالمضيِّ، أخلعُ حذائي المثقل بأوحالِ القرويين الذين جلبوها إلى أطراف المدينة، أخلعهُ وأضعه تحت إبطي كي لا أُحرّك كل ّهذا السكون.
أمشي بخطوات رجلٍ يمضي للبغاء، شابٌ وسيمٌ يناديني بصوتٍ خافت، أُحاول أن أتهرَّب منه لكنّه يتصيّدني، ألتفتُ إليه فيُخرجُ من تحت معطفهِ منشوراً ويدسّهُ في يديّ المرتجفتين.
"زمن المناشير الممنوعة" .. هذا ما قاله أحد الأجزاء اليمنى من دماغي،
أحملهُ وأضعهُ في معطفي خائفاً، يدير الشاب ظهره فتلتهمه الأزقة، دونَ أن يتحرّك السكون.
أبقى وحيداً وحذائي لا يزال تحت إبطي. أمضي بعدها خائفاً، لا شيء في الطريق أستأنس به ولا حتّى كلابٌ أستأنس بنباحها في وجه هذا الخوف.
تتكسّرُ خطواتي فيما أقطعُ الشارع الذي يقودني إلى المنزل، فتصطدم قدماي العاريتان بكيس كبير، أُعيد الكرّةَ مُفتعِلاً لأتحسّسَ بحواسِ قدمي على ما في الكيس، إنّه شيءٌ قاس !!
يدفعني شيءٌ ما لا أعرفه لكنّه ليس الفضول إلى فتحهِ، أنحني لأرى ماذا فيه، أفتحهُ فإذا به رأسٌ لجثة حمار !!!
تتوقف شعيرات رأسي طابوراً من العسكر وتعلن الاستنفار، يسقط الكيسُ من يدي وتتصلّب قدماي العاريتان أُتابع مسيري خائفاً وقدماي تتحرَّكان بالكاد تحت سياط الخوف، تتناثرُ على جانبي الشارع جُثَثٌ للحمير والأتُن ورؤوس مرميةٌ بحقدٍ تتقاطرُ دماً يختلط مع الأوحال.
يبقى حذائي هناك ومنشوري جثتين بجانب ذلك الكيس، أصلُ إلى البيتِ مُحاطاً برؤوسٍ للحمير وأشلاءَ ورؤوسَ للبشر: آذان وأنوف وأعضاء جنسية.
أرصفة مملوءةٌ بالأشلاء، وبلاليعُ لتصريف الدماء المخُتلطة مع المطر و الوحل، أفترشُ فراشي وأغط في نومٍ عميقٍ.. عميق، أُقنع نفسي بعدها بأنني كنتُ في حلمٍ كريه.
أخرج بعدها إلى الشوارع مجدداً :
جثةُ قطتنا تموء .. ورأسها تبكي، رأسٌ لعصفور الدوري انفصلت عن جسده وهو يسافد عصفورةً في قمة شهوته.
نهيقٌ مخنوقٌ لأتانٍ بقي في حنجرتها وهي بعيدة عن جثتها أمتاراً، أجسادٌ تسيرُ متأبطةً أحذيتها وهي مبتورة الرأس، أذهب إلى مكاني حيث المنشور الذي لم أقرأه. أصلُ إليه فأراه مملوءً بأكياسٍ بأحجامٍ مختلفةٍ أُدير ظهري وأمضي عن الشارع خائفاً.
أحملُ رأسي جثةً وأضعهُا تحتَ إبطي وأضغطُ عليهِا لئلّا تتدحرجَ على الأرض، وأتابعُ المضي..
تمضي الساعة هرمة ًمكسورة الساق، والدقائق والثواني خائفة ً، مرتجفةً مبتورة.
08-أيار-2021
07-نيسان-2018 | |
17-تشرين الأول-2015 | |
24-أيار-2014 | |
20-نيسان-2014 | |
23-حزيران-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |