أبالسة (العيشة)
2009-01-03
لا شيء بجعبتي إليك، لا شيء اذكره سوى نتف وجدتها في القاع، ربما لان ثمة حياة طويلة رغم أنف الموت تنتظرنا، سنعيشها آثمين مع سبق الإصرار والترصد.
لسنا زنادقة ولا خارجين عن القوانين السماوية والأعراف لكن ثمة أبالسة تحرضنا على "العيشة " برغم تناقضات الحياة وتقلب مزاجها ، أعرف ما يدور جواك، أغبطك على أشياء كثيرة ربما اقتربت منها لكني لم أصل إليها بعد.
منذ المساء الأول عرفتك دفعة واحدة، ولم تصبر أن أتناولك بالتدريج، هكذا اتضحت معالمك رغم رمزيتك الشفيفة، كان الشعر إذا هاجسنا بعد الكحول بكل أصنافها الرديئة والنساء اللواتي يفضحن وقار الحكمة المتنزل " غلطا " على محيانا حين ينقر بروزا طائشا شرف " البنطلون".
ليس من الندرة بل من الفرادة أن يسوح الخارجي كي تتجلى عبقرية الصداقة بكل أبهتها وجمالها بكل لحظاتها العفوية الغير مدروسة أو مرتبة حين كان طيش الخمرة يجرجرنا مكبين على وجوهنا نبحث في الأزقة والشوارع الضيقة عن حانة أو بار حتى نمسح حلق الذكريات " بجعبة " فودكا أو جن.
ما أحزنني أنك على خلق عظيم في أغلب الأحيان، قليلا، ــ كذلك سر النبوة حين يكون الرسول أمام سيده وانت كذلك أمام قصيدتك ــ ، حاولت أن أحرضك على ذاتك على شعريتك المتفردة كذلك حاولت انت أن تهذبني او ربما تقلمني من كل نجاسة، وهكذا التقينا على العصيان والتمرد على الذات حتى جلدها بكؤوس إضافية من شراب رخيص .
يطوف بي الأمس، الأمس اللعين البريء، كيف يمضي ذلك الأمس ولماذا لم ينتظر حتى يكون مستقبلا أو حاضرا حتى، ليس خوفا من الموت بل إصرارا على التحليق عاليا رغم قصر سقف المكان.
هذا العصيان التي تمارسه الكتابة على حياة الكاتب أشبه بالثورة حين كان الثائر ينزع بأسنانه فلينة الزجاجة ويدلق ما بداخلها ثم يركض تحت زخ الرصاص لمجابهة العدو، هكذا تحفزنا الكتابة لأن نقول ما نريد غير آبهين بما يظنه البعض بأننا شواذ ودعاة إلى التخريب وأننا " شلة سكرجية " نسابق الريح لو لاح في المكان بقايا أرملة أو أنثى معطوبة.
كنت تقول لي " انظر إلى هؤلاء المنكبين على السجود، كيف وصموا ببقعة سوداء على جباههم ، ماذا لو أنهم جربوا معنى الحياة قليلا هل سيعودون إلى ربهم مرة أخرى ".
كنت أرد عليك باختصار رغم الإسهاب الذي يمكن أن أتحدث به خاصة في هذا الموضوع " دعهم فهم كالأنعام بل أضل سبيلا " ليس حقدا عليهم وإنما لفهمهم الخاطئ لمفهوم العقيدة والتدين بل لفرط سذاجتهم أمام الله وكأني أراه يذرف دمعة على هؤلاء ويقول لهم بصراخ "حمير"، إن الفلسفة الإلهية تقتضي أن نقول ما نريد حتى لو غضب الإله سيعود لذاته ويفكر مليا، ثم يقول برحمة " أشقياء".
أكثر من مرة كنت المح فيك عبقرية تائهة، كانت بحاجة للبيئة الخصبة كي تنمو في ضلالها وتنبت ثمرا صالحا، لن أنسى تسخيرنا كعمال في مصنع يمتلكه برجوازي، كيف أنسى وتلك الأيام حرضتنا على الرأسمالية القذرة حين كنا نفترش الأرض ونعصر بطوننا ألمًا تارة وجوعا تارة أخرى، عرفنا معنى أن تكون شعبويا يناضل من أجل العدالة ولو بالكلمة وذلك أشرف الإيمان، عرفنا غصة الشعوب المقهورة التي تلعن بالسر ربها وقادتها من دون أن يظهر على ملامحهم نور المعارضة.
وهكذا حرصنا على متابعة أخبار الشعوب المنكوبة بأنظمتها وكنا نحتفل لخروج مظاهرة أو مسيرة كنا نفرح لكل صفعة في سبيل الحياة .
يبقى أن أقول لك لماذا اسلم للفجيعة دهشتنا ولماذا لم ينتظر حتى ينشف الملح على أجسادنا بعد ركض طويل في أروقة الكتابة، أشعر بالغثيان عندما أصدف مملحة على الطريق وكأن ثقوبها المتأكسدة دلالة على وجود الماء رغم موتنا عطشا في أغلب ما وجدناه، هكذا نستطيع أن نميز ما يكتب اليوم وهكذا ومن خلال السائد السيئ ندرك مدى خيبتنا حين يتولى الأدب أنصاف الأدباء أو ربما أشباههم .
08-أيار-2021
10-آب-2009 | |
09-آذار-2009 | |
16-شباط-2009 | |
02-شباط-2009 | |
21-كانون الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |