عندما كنا صغارا
2009-08-10
عندما كنا صغارا ، حين كانت الشمس تلسع روؤسنا وكانت الأرصفة حامية كالصاج واقدامنا الطرية كانت تتقافز كالأرانب ، عندما كانت بوظة " الاسكيمو " الحمراء أمنية وكانت شفاهنا تذوب بحبها وكانت طموحا ، عندما كانت آخر الأرض بمثابة آخر الحي / أول الزقاق ، عندما كان الإخلاص عبارة عن لقاء صباحي يجمع شلة الأشقياء عند باب احدنا ، عندما كان الحب يصور لنا معلمة اللغة العربية عاشقة دائخة وزوجة مستقبلية ناجحة دون ان نلتفت لكل العثرات / العمر ، التحصيل الدراسي ، الوضع الإجتماعي ، وربما ربما تكون متزوجة وأم .
عندما كانت المساءات تنتهي عند ولوجنا تحت الغطاء ، فوق الوسادة التي يشق خيط لعاب رتابتها ، عندما كنا نفضل ساندويش الفلافل باردا ولا نأبه بكوب من الشاي المنعنع ، عندما كانت امهاتنا يغسلن ملابسنا بكفوفهن ، ثم يرفعنها ويشممنها و ويلهجن بالدعاء الى الله " يسعدهم ويبعدهم " قبل ان تقفز دمعة نفرت من جفن ست الحبايب ، عندما كانت السماء قريبة ، أعلى بقليل من ( الانتين ) الواقف كفزاعة فوق غرفة لا باب لها ، متروكة في طرف سطح البيت ، عندما كنا نخاف الغرباء ولا نثق بهم " عكس هذا الزمن " وعندما كانت النافذة التي تطل على بيوت الطين أجمل مليون مرة من شرفة تطل على الأطلسي ، عندما كان الولد الشاطر أكثرنا انطوائية وعزلة وكان " الأزعر " قدوة بيننا ، عندما كانت الشوارع تأكل من اقدامنا ونحن نبحث عن مصطبة نرتاح عليها من فجر الح علينا ان نستيقظ حتى نقف في طابور الصباح المدرسي ، عندما كانت وجوهنا ملساء ، منمشة ، مشخطة قليلا بسبب مشاجرة كانت فاتحة لصداقة بريئة ، عندما كانت فروة رؤوسنا ملبدة بعوالق ادخنة السيارات وأغبرة الصيف ، عندما كنا نفتش عن الفرح في اكياس الشيبس وعلب الشكولاتة الرخيصة ، عندما كنا نفرح في صباحات العيد ونبتهج ثم نبتهج اكثر عندما يبدأ الطقس العيدي بتعربش أرجوحة منصوبة في ساحة ترابية ، عندما كنا صغارا كنا صغارا كذلك في فهم الأشياء ، لم نهتم يوما بالأيام التي كانت مياه البلدية تضخ الصدى والكلس عبر عروقنا ونهرع كي نسهر قرب " التنك " حتى يفور من شدقه الماء ذو الرائحة الصدئه المحببة ، عندما كنا صغارا كنا صغارا لا نعرف من أين تؤكل الكتف وكنا نكتفي بفخذ دجاجة وقتها غير آبهين بأية انفلونزا طارئة ومستبدة ، كنا نحب الله والناس والمآذن والأجراس وكنا نخاف الغرباء ، الغرباء ليسوا هؤلاء الذين يشهرون صواريخهم ودباباتهم في وجوه الاطفال فحسب ، الغرباء كذلك الذين ينامون فوق احلامنا ، ويغضبون ، يغضبون جدا اذا شهقنا دموعنا حزنا على ايام خلت ، ايام ما كنا صغارا .
08-أيار-2021
10-آب-2009 | |
09-آذار-2009 | |
16-شباط-2009 | |
02-شباط-2009 | |
21-كانون الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |