عندما تحكمنا القصة بالأمل
2009-01-25
القص يأخذ لديه شكل الحياة , فأنت عندما تقرأ قصص عزيز نيسين لا تحكمك مقولة " كان يامكان" فقصصه, حياتك التي غفلتَ عنها علي جنبي الطريق ,كالحصان الذي يمنعه الواقي الذي ُيوضع علي عينيه إلا من رؤية أمامه وبالأحرى مسار حوافره فلا يجفل ومع عزيز نيسين يزال هذا الواقي, فتجفل من عبوديتك وتطلب الحرية ؛ لذلك كان رقما صعبا في الحياة الأدبية ذاق بسببه المنع والسجن والحرمان.
إن ما يكتبه إنْ جاز تسميته بالواقعية الحياتية, تمييزا لها عن غيرها من الواقعيات, يتأتى من قدرته الفائقة على إدخال فعالية القص في الحياة ضمن نسيج, فأية محاولة لفصل خيوطه تؤدي إلى انهدامه ؟!؛كما يحدث في الحياة, فتعطيل العقل وقمع المشاعر وتهجير الحرية وتذويب الفرد في النسق الجماعي كلها تؤدي إلى فناء الذات الحرة الواعية وكما يقول مترجم هذه القصص "فيصل نور" في مقدمته للمجموعة القصصية " إن التخلف ليتولد عن القهر , وما من شعب يتخلف اعتباطا ويبقى متخلفا بمشيئته".
الواقعية الحياتية تعني أن تتحول القصة إلى ذاكرة معاشة لديك فتنسى أنها قصة قد قرأتها وتتندر بها على أنك عشتها وهذا ما نجده في مجموعة الكرسي ل" عزيز نيسين"
والكرسي القصة الرئيس التي تسم المجموعة بأيديولوجيتها فالعادة طبيعة ثانية فالبيك بعد تقاعده يعود ضيف شرف إلى المكتب الذي عمل به فقد فشل في حياته خارج روتين الوظيفة والموظفون لا ينجزون العمل كما يجب فلم ينقل لهم خبرته سواء عن قصد أو من غير قصد فالبيك يمثل التاريخ والتاريخ لا تستطيع الاستغناء عنه رغم ما يكتنفه من سلبيات فهو دون الحاضر تائه والحاضر دونه يتخبط لذلك قبل الشباب عودة العجوز رئيس الدائرة بشكل ضيف شرف يساعدهم في إتمام أعمالهم.
وقصة مؤتمر الأطباء يقدم لك كيفية قدرة الفردالشعب باجتراح الحلول إنْ توفرت له وسائل التعليم والمعرفة, فالطبيب الذي نال الفخر عن طريق عملية استئصال اللوزات من بقية أطباء العالم الذين بهروا الحضور بعبقرياتهم الطبية تلك العملية البسيطة تصبح مستحيلة عندما يمنع الصحفي المريض من فتح فمه وفق التعليمات الصادرة فما كان من الطبيب إلا أن استأصل لوزتيه من فتحة أخرى وهكذا نال إعجاب أطباء العالم .
أما قصة " لبطة ..لكمة" فهي قصة الصناعة في العالم الثالث فالخبراء الأمريكان ذهلوا
من الطريقة الغريبة التي يتعامل بها شعوب العالم الثالث مع منتجات التكنولوجيا فهم لا يعمدون إلى معرفة كنهها ولا طريقة تصنيعها بل المهم أن تعمل, كيف؟, لا أحد يعرف إلا هم !,فالراديو يشتغل بلكمة والجرار بلبطة والباص بالتبول على محركه عندما ترتفع حرارته.
ومن قصة لقصة تكتشف جوانب الطريق وتكتشف حياتك التي عشتها كما في قصة " الطابور أو في ملك السماد " قصة المهاجر إلى بلاد العم سام , وما عليك لتصبح رئيس بلدية إلا بتناول صحن فاصولياء وتكثر وتترك لأحلامك بعد الغذاء أن تعمل عملها في تنصيبك رئيس بلدية .
يقول اسبينوزا:" إذا وقعت واقعة عظيمة , لا تضحك ولا تبك ِ ولكن ...فكر"
الكرسي مجموعة قصصية للكاتب التركي عزيز نيسين ترجمة فيصل نور الطبعة الثانية صادرة عن دار كيوان 2008.
باسم سليمان
www.bassem555.blogspot.com
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |