البخـــــت
2009-01-25
انحرف عن طريقه إلي ناحية عم كامل مشعل الذكريات الذي لا يزال علي حالته بطاقيته البيضاء، والجلباب الرمادي، والبالطو الأسود الطويل، ووجهه النحيف المبتسم دائما، وسيجارته المشتعلة دائما، اندفع نحو الرجل، اندس وسط الأطفال، عينه علي ورق البخت، تكاد نظراتها تخترقه، رأى ورق البخت موضوعا في مكانه، كذلك الترمس، الدوم، البالونات، كل شيء علي نفس حالته التي كان عليها، حتي صراخ الأطفال حوله، عشوائيتهم، ضحكاتهم، جريهم وسقوطهم علي الأرض، رأى كل شيء كما هو مثل عم كامل لم يتغير، كأنه هو الوحيد الذي عبر الزمن فكبر، لم يتغير إلا سعر البخت، صار المظروف الصغير المغلق منه بربع جنيه، لم يتردد كثيراً في إظهار ربع جنيه من جيبه، اشتري مظروفاً صغيراً، أمسك المظروف وهو واقف بين الأطفال يرتعش جسده، كأنه في ليلة الدخلة، وبين يديه عروسته ومسك يدها فقط قبل أن يفعل معها شيئا، فتح المظروف، وجد به ورقة صغيرة وحبتين من الحمص، لم يهتم بحبتي الحمص. نظر في الورقة، وجد مكتوبا بها رقم "14" ،أسرع نحو عم كامل يبلغه بما رآه. سحب الرجل شيئا من دخان سيجارته، أعطي بالونة لطفل، أخذ منه الورقة، تحقق فيها برهة، راحت عيناه تبحثان عن الرقم في لوحة كبيرة مثبتة فوق العربة بقطعة خشبية، ومليئة بالجوائز وأرقامها الفائزة، إذا بالرجل يخبره بفوز الرقم، هم بجسده القصير ناحية سيارة صغيرة عليها رقم "14"، نزعها من اللوحة، أعطاها له. فرح كثيراً، راح يتحسس السيارة بيده، يكاد يحضنها، تخيل أنه من الممكن أن يركبها ويسير بها إلي حيث يريد، أظهر ربع جنيه آخر، اشتري به مظروفا صغيراً، فتحه، أظهر الورقة الصغيرة من داخله، أعطاها لعم كامل، وإذا برقمها يفوز ببيت صغير، أخذ البيت من الرجل وهو سعيد، أظهر ربع جنيه آخر واشتري وفاز هذه المرة بعروسة صغيرة، في كل مرة كان يشتري فيها كان لا ينظر إلي اللوحة المليئة بالجوائز، في المرة الرابعة وجد أنه لا يمتلك إلا آخر ربع جنيه معه، في هذه المرة نظر إلي اللوحة، راح نظره يتجول في شغف باحثا عن أهم شئ يتمناه، لم يجد إلا صفارات، نظارات ملونة، وجوه مخيفة من الورق المقوي، وجوهاً أخري ضاحكة، لم يجد من بينهم الوظيفة، كفّ عن الشراء وانصرف.
سامي عبد الستار مسلم
بــنها
08-أيار-2021
22-أيلول-2009 | |
03-شباط-2009 | |
25-كانون الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |