داروين وشرعة حقوق الإنسان
خاص ألف
2009-04-13
يتفق داروين والدين في بحث أصل الخلق وكل منهما يسبب ويعلل ولكن أن نتقين مما طرحه كل منهما كحقيقة مطلقة هذا مالم ينله أي منهما , أي بقيا في حيز النظرية التي تقارب التطبيق مقاربات امبريقية لا تحتمل تعميمها بحيث تشمل كل الطروحات .
وهذا المنشأ الواحد الذي يجمع داروين والدين في طروحاتهما يكاد يضعهما للمراقب الحيادي في ذات اتجاه الرؤية لكن على صعيد الرؤى يتقدم داروين على الدين في طرحه للمساواة بين البشر .
فالتقسيم التوراتي النابع من ابناء نوح وما وسمتهم به لعنة أبيهم وكان سببا في تقسيم البشر إلى أحرار وعبيد , يهدمه داروين برد الاختلافات إلى عامل الطبيعة الشامل وهو بالضرورة غير قيمي ولا أخلاقي ولا تكتنفه الخطيئة ولعنة التكفير ,فألوان أجناس البشرنتيجة للعامل البيئي وما بنوه من حضارات هو نتاج لا يتفاضل به أحد على آخر لأن الظروف التي كانت السبب في تطورأحد الأجناس على آخر لو قيض للآخر أن تشمله لكان مثل من سبقه ونحن نرى الشعوب التي صُنفت أنها بموازة عالم الحيوان وفق النظرة الدينية وأنها لا يمكن أن تتطور كسرت هذه القاعدة وأنتجت عندما واتتها الظروف مثلها مثل الشعوب صاحبة النظريات الدينية في فضلها على العالمين.
كذلك على صعيد الذكر والأنثى استطاعت نظرية داروين أن تخرج الأنثى من عبودية الخطيئة فلا هي نجاسة كما تقول التوراة ولا رأسها هو الرجل كما في المسيحية ولا هي ناقصة عقل ودين كما في الإسلام وما بيولوجيتها إلا سبب أو نتيجة لوظيفتها كونها حاضنة للنسل البشري وكأن الطبيعة قسمت الوظائف مناصفة بينها وبين الرجل على الصعيد الجسدي أما على صعيد العقل فالمرأة تقف مع الرجل على نفس القاعدة والقصة تكمن أن الأنثى التي شغلت بالإنجاب وما يرتبه من مسؤولية كبيرة شغلها عن تحصيل أسباب إعمار الأرض وعندما سنحت الفرصة لها وخاصة في القرن التاسع عشر والعشرين ظهرت الأنثى أنها رائدة في كل المجالات التي أقصها عنها الدين بحكم ما ترتب من مفاعيل الخطيئة زما وضع في طبعها.
وعليه تغدو أكثر منطلقات عصر التنوير وما تلاها متأتية أو مهيئة لرؤى نظرية داروين التي استطاعت أن تزيح النظرية الدينية عن عرشها عن طريق إيجاد منطلقات نظرية قوية ,تتقدم على النظرية الدينية وتنفيها ,تؤسس عليها فكرة المساواة بين البشر أصولها ؛بعد أن استبدت النظرية الدينية بفكر الإنسان لعدة ألوف من السنين وأنتجت ما أنتجته من طبقات بشرية شرعنت لها حق إقصاء الآخر أو استعباده .
ونستطيع أن نرى التأثير الفكري الهائل لنظرية داروين في البلاد التي قبلتها كأحد الحلول لمجهولية وجود الإنسان وبين الدول المتمسكة بشرعية النظرية الدينية كأصل واحد وحيد لا حياد عنه في قضية المساواة بين البشر والرجل والمرأة , فالتوراة ومضاعفاتها من نظريات مازالت تعمل على قتل الآخر وترى في ذلك حق مادامت تؤسس منطلقاتها من الغيب الذي لا طريق للجدل معه وما فرضه من ترتب فلا يمكن تحت أي مسمى مناقشة لعنة أولاد حام والذين حتى يُرضى عنهم بعض الرضى في أحس الأحوال لا بد لهم من القبول باستعبادهم من سام.
والأنثى في المسيحية فليس لها إلا صمتها مقابل الرجل المتكلم!!, فماذا نتوقع من صامت غير العدم؟, كذلك الإسلام الذي شرعن :إن للأنثى عشر عورات!! وكيف لها أن تساوي الرجل؟! , فلا يمكن تحت أي مسمى أن تناقش قضية الأحرار والعبيد والمساواة بين الذكر والأنثى تحت مظلة النظرية الدينية وفق تجلياتها ,في حين ذلك مسموح وفق نظرية داروين وقد أتى ثماره تطبيقا وجبّ كل يقينيات النظريات الدينية وفق أحكامها المسبقة.
لذلك نقول : إن الداروينية قد أسست لشرعة حقوق الإنسان وللنضال الذي خاضته الإنثى في سبيل نيل حقوقها المسلوبة وأخرجت الإنسان من لعنة الخطيئة وأحكامها الأخلاقية المسبقة والتي عادة ما تكون مبرمة لا سبيل لنقضها.
باسم سليمان
[email protected]
www.safita.cc
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |