الحاجبان:
الحاجبان يراقبان العينين وهما في ذروة صراعهما، ينحازُ الحاجبُ الأيسرُ للعين اليمنى فيما ينحازُ الحاجب الأيمن للعين اليسرى؛ تأكيداً على الخيانة دوماً.

العينان:
تجحظ العينان وتستديران في حركات سريعة.
تحاول اليسرى الاستقلال بمسارها عن اليمنى التي تجرجرها، دوماً، باتجاهها. حاولتْ مراراً، احتقنتْ غضباً، استجمعت قواها، سارت في ثورة بالاتجاه الأيسر، فنجحت باستقلال مسارها حرّةً، لكنْ ...
لكن، صار الوجه أحولَ العينين!!!

الأذن:
الأذن تتباهى بأنّها في رعاية الله؛ فهي مِلْكٌ لله، ما يجعلها محفوظةً من الألم، والقصور، وحتى البَتْرِ. تبتسم الأذن حين تتذكر ذلك، فقد شاع في فترةٍ ما بأنّ هناك جماعاتٍ تبتر الآذان، فتبتسم لأنّها ملكٌ لله، بالدرجة الأولى.
في بداية ميلاد الوجه، تذكرتْ كيف أنّ شفتين عجوزين تحركتا وتمتمتا في جوفها؛ فقد كانتا تؤذّنان وتُهيلان الأَذانَ على غشاء الطبل، ومن يومها تتباهى بأنّها في رعاية الله، وتتذكر صوت الأذان، وتبتسم.
الأنف:
شهيق.. زفير... شهيق.. زفير
بخطىً عسكرية يتابع الأنف عمله بانتظام، الشعيراتُ تنتقي الهواء النظيف من الآسن، فضلاً عن شمّ العطور والورود، وجمال النساء وشمِّ أشياء أخرى قذرةٍ، مخيفةٍ، وتافهة. لكن، عندما يكون مِلْكاً لغير هذا الوجه، وبما أنّه ليس مِلكاً إلاَّ لهذا الوجه فقد اكتسبت جُلُّ الأشياء لديه الرائحةَ ذاتَها. فكلُّ الروائح وجميع أنواع الهواء ـ الآسن والنظيف والمعطّر والمخلوط والرطب، يمرّ عبره، دون أيّ إشاراتٍ تُذكَر، إلى الجملة العصبية.

الفمُ:
الفك السفليُّ يعارضُ المشيئة لأنّه غير قانع بقسمته، وهو بذلك يكون قد اقترف عظيماً. يقول للفكّ الأعلى: فقط لو كنّا مِلكاً لغير هذا الوجه الأبله والأحمق، الذي يحرّكنا طوال النهار إمّا بالطعام أو بالكلام الفارغ. فحتّى، وهو نائم، يتلعثم بأحلام حمقاء.

وجه بملامح متعبة:
الحاجبان ينحازان، كلٌّ باتجاهٍ، تأكيداً على الخيانة، تثور العين اليسرى على أختها، والأنف يتابع خطواته العسكرية فيما يمارس الفمُ اعتراضه على المشيئة. تترنّم الأذن بصوت الأذان؛ وكأنّما هي أعضاءٌ لوجوهٍ متعددة، فيهرم الوجه
ويمتلئ بالتجاعيد.
ــــــــــــــــ
عباس علي موسى