السمّ البارد كترياق
2009-05-11
يدخل عمر الشيخ معترك الشعر متسلحا بالنزق كمحاولة أولى للخروج عن السائد والمألوف محاولا أن يجد لنفسه موطئ قدم في الضجيج الذي هو منتج حداثي بجدارة للألفية الثالثة عبر ضجيجه الشعري الجميل.
قد يفهم من التقرير السابق نوعا من السلبية تتناول مجموعة عمر الشعرية الأولى الموسومة بعنوان"سم بارد".
طبعا هذا ليس صحيحا فالضجيج كمنتج حداثي هو أول رد فعل وجودي على الماكينة الهائلة التي تبتلع أصوات الناس الخاصة بحجة تكتكة مسنناتها كنغمة أساسية لا يجب أن يحيد عنها القطيع,فيقول عمر:
وداعا أيها الهواء/ أراك عند المقبرة"البوابة"/ عند انصراف المدارس/ لأعرافك على حياتي الأخرى ,الأجمل!/أعرفك على أصدقائي الجالسين/ فوق شاهدات قبورهم/ كل مساء كأنها شرفات فيلال فاخرة/يشربون حياة شهية كجنات عدن/منتعلين سطوة القدر ونحيب الرضا.
الملاحظ في مقطع السابق هو محاولة تثبيت اللحظي أمام ذوبانه في المدينة الكبيرة التي لا تعرف بالأسماء بقدر اعترافها بالأرقام,ففي قصيدته "ليلة دخلة" وفي بحثه الأبدي عن الفرح يقول: أدركت أني لن ألقاه حين وجدت ثيابي مبللة/ ودمشق ناشفة بكل شيء.
ونستطيع القول :إن أكثر المنتج الشعري الحالي يحاول التعري من كل حمولاته الأيديولوجية ولربما السبب في ذلك يعود إلى أن زمن التسليع يتعامل مع المستهلك بالجملة فالخصوصية أصبحت جنة مفقودة لذلك عادة ما يكون التدوين الأول الشعري هي صرخة الهوية الخاصة والقول أنا هنا أيها العالم :
حبال غسيل كئيبة/ لها أشكال كابلات الكهرباء للسكن العشوائي/ كما في حارتنا تماما/ لا يهمّها ماذا تحمل لسياط الشمس/ يقرصها طوال ساعات وبكل طغيان /ملقط خشبي رتيب.
وإذ يتابع عمر عبر مجموعته تصيد اللحظي لينادي أسمه كذلك تكون الحبيبة كمكون وجودي حاضرة في هذا السعي تحاول أن تتشكل هي كما يحاول أن يشكلها
والهروب بها وبه عن الذوبان في نهر النهار أو الليل:
خليها رسائلك-التي بالعامية-/تعلمني التلاشي عند فلسفتك البسيطة/لا داعي لأن تقولي- إن أجمل الأشياء أصعبها/ أنت لست صعبة/ -وأن الحب يأتي كزائر منصف الليل ولا يسعنا تحمله/إنه كالدجى لغز عجيب/ لا تفككه مصداقية قلوبنا الضوئية.
كما الخطوات الأولى بكل دهشتها وعثراتها تشرعن وجودها عبر الحب وتدفق القار الشعري الذي يكثر في مجموعة عمر"سم بارد " وما هذا إلا دليل على المخزون الشعري الذي يحتضنه عمر في داخله والذي يجب أن يتدفق بغزارة إن أحسن الحفر عميقا في داخله : إلى ركام مشاهداتي عند رحم المفاجأة / عائدا ربما إلى أنا.
" سمّ بارد" مجموعة شعرية ل عمر الشيخ عن دار التكوين دمشق لعام 2008
باسم سليمان
[email protected]
www.safita.cc
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |