القهوة
2008-04-16
القهوة , قيام الليل في فنجان الصباح, خاتمة الأحلام وتأويلها, طقس يتعمد فيه الإنسان ليمارس الرشد والوحدة في غياب من تمارس عليهم الذكريات وحيها,
تذكرة لتركب جمال الرمل في الماضي و حفلات النهار وقطاراته في الحاضر .
أنت قاطع التذاكر, بركوة من نحاس, على جمر الحداء أو بركوة ستانلس ستيل, تسخن على شريط الأخبار, في حين تتنقل مع أغاني سيدة الصباح التي تستضيفها دمشق من عريشة ياسمين إلى عريشة دوالي في قريتك البعيدة .
فيروز تنده (يا طير), وأنت تنده- كعصفور عش لم تكتمل دفاتره بعد-إلى أمك, لكن اليوم كرجل عصري أخذته عولمة البعد, تحنّ لخبز أمك وقهوتها وتتأكد من سعر الدولار.
وتهمس كرجل اقتصاد مفترض: لم يدخل البيض بورصة الصباح !!وتحمد ربك بنفس طفولي مازال راتبي يؤمن لي عدة أصفاد من البيض لنتراشق به كالثلج مع أولاد الحارة المجاورة ولربما تغافل ابنة الجيران وتضع لها بيضة في عبّها وتضحكان ملء السماء
تشتم رائحة ثدي أمك, فتهرع إلى المطبخ, تلتقط مسكة الركوة وترفعها كمن يبخر هلال وليد, وتهدئ من روعها فتراقصها بملعقة وتخطف قبلات متتالية من شفة النار
تصب فنجانك الوحيد وتقوده للنافذة كطفل يتعلم خطواته الأولى .
فيروز توقظ سائق البوسطه التي ركبتها مع بقجة صغيرة من الثياب , تنظر إلى ساعتك وببديهتك التي تهمس : خلقت الساعات لا لتدلنا على الوقت بل لتعلن تأخرنا؟!.
تحشر نفسك بسرفيس أبيض تأخذ مكانك المفضل خلف السائق هكذا تستطيع أن تراقب انسياب الأماكن كما الوقت إلى الماضي , تسترق النظر إلى الوجوه الساهية في تتابع المشاهد المتسارعة إلى الوراء , تلحظ شاب في مقتبل العمر يمسح بلسانه شاربا صغيرا من قهوة فوق الشفة العليا يشبه شارب الحليب الذي تتأكد به أمك أنك أنهيت كأس الحليب , في حين فتاة تسوي بطريقة مواربة حمرتها الخمرية , تلحظك فتعود إلى لامبالاتها المصطنعة .
فتاة سمراء كالقهوة المهيلة مغلية أخذت وقتها كالأرض التي تركتها لأجل المدينة , شقراء كراقصة الباليه تطير فوق مسرح المحمصة , سوداء كالليل تهزم بها نعاس الساعة الأخيرة من السهر , لو أن النساء كفنجان قهوة لشربته وارتحت ولكن هيهات لإغواء القهوة والأنثى لأنهما كالشلال بقدر ما يزيد تدفقا بقدر ما يتعمق في قلب الصخر.
تبدأ برتوكولات العمل اليومية ,فنجان نسكافيه بكوب أحمر, حداثة القهوة , مع سيجارة بلطف شديد ينوهون عن مضارها أما فائدتها فهي شخصية وهذه الفائدة (لايت ) خفيفة كدخانها المنبعث في جو الغرفة دون خروج مارد من ثناياه
يقول لك: (شبيك لبيك) بل مراجع غاظه لا مبالاتك الفجة ونسيان نفسك في دخان سيجارتك , فتنهي له معاملته مفكرا بالتعليمات التي تمنع التدخين في أماكن الوظيفة العامة.
يصدح صوت فيروز من جهاز الموباييل ( في قهوة عالمفرق) فأكمل( في موقد ونار) كانت هي, تدعوني – عذرا- تدعوكَ لفنجان قهوة بعد العمل.
متى سأعد فنجاني قهوة؟ وأساعدهما كتوأمين يخطوان إلى النافذة....
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |