لابد أن تكون......رأسماليا
خاص ألف
2009-06-03
(رأسمالي على النمل)
لابد في أي جلسة لي أن أخذ دور المنظر ضد الرأسمالية والرأسماليين والبرجوازيين
وكلام اليسار الذي يحمل عامه المائة والخمسين عملياً وآلاف السنين نظرياً وتطبيقياً
فأنا لا أوفر فرصة لمهاجمة الليبرالية والعولمة وأخذ دور المخون الأكبر للناس عندما لا أحترم وجهات نظرهم أو أفكارهم ولسوء القدر كان لي درس مع الطبيعة وكان هذا الدرس درس خصوصي . فبعد أن سهرت مع بعض الأصحاب في مطعم شعبي على بحرنا الوردي عدت إلى البيت كالعادة ماشياً على رجلي يرافقني القمر وبعض النجمات الأغبياء الذين يلاحقون جماله الحزين نتمشى متوحدين بأحزاننا بصمتنا بهمومنا وبعد أن قطعوا معي شوطاً كبيراً تركت القمر مع معجباته وأبعدت ناظري عنه ليعيد شبابه الدائم بلقاء ليلي تحكمه نار الشمس والفراغ المكاني والحرية المادية ووصلت إلى مدخل بنائنا البسيط المرصع بالحفر التي تزين حائطنا المصفر فصعدت على الدرج متثاقلاً فرحاً فأنا قد أوصلني القمر وبعض المتسكعات من نجوم السهر وفجأة استوقفني منظر غريب حركة آلاف النملات بشكل عشوائي وكأنهم يبحثون عن شيء أو كمن ينتظر أطفالاً عادوا من ملجئ ٍ للحرب يبحثون عن أهلهم في كمٍ كبيرٍ من الآباء والأمهات فجلست بقربهم أتأمل هذا المنظر الغريب وبدأت الأسئلة تدور في رأسي مع كأسين من الكحول فاكتملت الدورة وكبرت إشارة الاستفهام ما بهم لماذا يجولون المنطقة
كدورية شرطة تبحث عن مثقف قتل شُرطيه العقلي فأشعلت سيجارة وأرخيت جسمي على درج بنائنا العتيق وخطر ببالي أن انثر دخان سيجارتي في وجه النملات أملاً مني بزه زهتها وتهدئة حالها ولكن محاولاتي المتكررة في نثر الدخان بوجهها باءت بالفشل في إيقاف حركتها وكما هي عادتي أبحث عن سبب فشل أي تجربة فرأيت أنٌ السبب هو نوع دخاننا الوطني فأغلب الناس تشكو من قلة جودته وأنني يجب أن أبدل دخاني لأنني قد خدعت به وأنه من العيب أن أدخن دخاناً لم يتأثر به النمل فقررت تغيير الخطة وأصبحت قضية النملات من همومي الشخصية وصرت أكثر إصرارا رغم تأخري عن المنزل، ورغم اتصالات أبي التي لا تتوقف، على البقاء لمعرفة لغز هذا الاستنفار النملي فقلت في نفسي من الممكن أن أحدهم قد ذهب ولم يعد أو اغتاله حذاء جارنا العجوز أو أن أحد النملات من الذكور قرر الانتحار تحت رجل جارتنا الجميلة التي تصعد حافية القدمين على درجنا العجوز والذي لا يستطيع حتى أن يشتهيها أو أن احدها ذهبت لقبيلة أخرى للتحضير لانقلاب سياسي على زعيم قبيلتها السابق والنمل لحسن حظه لم يصل أليه محاسن التلفاز ولن تصل أليه الأخبار كما تصل ألينا فأخذت دور الهلال والصليب الأحمر وبدأت البحث قليلاً حول المكان واقترح الاوعي علي أن أصعد إلى جارتنا الجميلة وأتفقد رجلها الناعمة بيدي الخشنتان فربما أجد النملة وأعيدها جثة هامدة لأهلها الذين يبحثون عنها في كل مكان ولكن عندما تذكرت حذاء جارنا أبو مسعود نسيت الفكرة تماماً وودعت أحلامي الوردية برؤية أرجل جارتنا وملامستها واستمررت بالبحث حول المكان مكتفياً بهذه المساعدة لإرضاء نفسي ومسايرة قانون الطبيعة لأقصى درجة ولكن أيضاً فشلت وأيضاً توقعت سبب فشلي كأسين الكحول الذي جعلوني لا أرى جيداً ولآن ماذا افعل وأخوتي النملات مازالوا يبحثون فأشعلت سيجارة أخرى واستلقيت على الدرج فارداً رجلي كقطة المنزل واستغرقت بالتفكير إلى أن بدأت ادخل في مرحلة حرجة فالوعي سلم أوراق المناوبة للاوعي وبدأت أغفو وبدأ رأسي يهتز وعرفت وقتها أن ليس أبي الهرم فقط من يهتز رأسه عندما ينام فغيرت جلستي وأخرجت القليل من البزورات التي سرقتها من صحن المطعم لأنه قد بقي منها الكثير ونحن دفعنا ثمنها وبدأت بفصفصة البزر ورميه على الأرض ويسقط على رؤوس النملات كثلج شتوي معتق بالملح الآلهي وفجأة رأيت النملات تهجم على قشر البزر وأخذت أماكن منتظمة حول القشور وتحملها إلى جحورها الصغيرة وعندها عرفت أن النمل جائع فقط وعرفت الكثير عن عالم الطبيعة وأن النملات أشد عملية منا وهمها أطعام أفرادها وعرفت أن فتات البزر أهم عندها من عرس هيفاء وهبي ومن جدل إسلام جورج وسوف ومن وقوع مهند جوز نور بمصيبة وزواج يحيى من لميس وأن طعامها كفاف يومها ولا يهمها سقوط الإتحاد السوفيتي وانتصار الرأسمالية وأن أهم ما قد عرفته في هذا اليوم أنني أطعمت النمل الذي ادعي توحدي مع قانونهم الأكبر أي الطبيعة من فتات طعامي واستغليتهم كما يستغل البرجوازي والرأسمالي العمال لذلك أنا رأسمالي أو مر في حياتي يوماً سيجله بولس سركو وصمة عار علي بأنني كنت رأسماليا ....
نوار جبور سوريا
08-أيار-2021
11-كانون الثاني-2010 | |
13-تشرين الثاني-2009 | |
11-أيلول-2009 | |
15-حزيران-2009 | |
08-حزيران-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |