خاص ألف
رجل كأنه الريح , امرأة كأنها الرمل, فلن تكون إلا رملا ينبت بها الصبر مبنى ومعنى وهو لا غيم في ريحه ؛فأن أمطر, فلا غير سيول الصحراء,ما أن تسيل وتفيض وتعطي المرأة الرمل ثمارها حتى تأكلها نار الصحراء التي ليست بردا وسلاما عليهما في مجتمع لا يسمح باجتماع المرأة والرجل إلا ضمن نير تقاليده وفيما عدا ذلك لا يكون إلا العجاج.
لكل الذي سبق عنونت المجموعة القصصية ب" لأنني لأنك" هذا التعليل الذي يتضح مرماه بالإهداء كعنوان آخر مضمر"لأنني لأنك كنا لنبقى"لكن تأتي " لو"لولا"إذ" اللواتي يسمنا الإجابة بالتعليل , الذي يستبعد" إذا" اليقين التي صُدرت بالهجرة والتقاليد والسجن وبالاحتلال ,فتحولت المرأة إلى كائن للذكرى والرجل إلى كائن مصادر وهنا يأتي العنوان الرئيس الذي هو عنوان قصة داخلية ليلقي ظلاله على فضاءات القصص فكأنها نجم الشمال الذي يحدد الوجهة والسمت ( لأنني امرأة شرقية, جلست كل هذا العمر أنتظر رجلا يفتح بوابات انتظاري! حين جاء لم يكن لي وحدي! لأنني أنثى شرقية , ليس نصف حصة من الهواء ,نصف حصة من السماء,وأد كامل الأبعاد لا يشاركني به أحد,على الأرض لي ربع رجل لأنني أتقاسم هواه,وصك الزواج به مع أخريات ثلاث ! في السماء قد تشاركني به تسع وثلاثون1 إن كنت واحدة من أولئك الحوريات الأربعين!).
وكما الصحراء التي هي ذكرى العصر المطير مازلت تحتفظ بالكثير من الواحات يلتجئ إليها هذا الغريب عن ذاته وكفى بها اغترابا ,ونقرأ في قص"زنزانة في حكاية"عن شخصية القصة , الرجل التي علقت له الكاتبة في القص حبر قلمها كمصل في شريانه لتهبه الحياة, يدينها ,فمازالت الكتابة أحدى عورات المرأة يجب أن تخفيها ولكنه كلما أضاءته شمس الوعي يحررها فيتحرر فيقول:(أمنية واحدة فقط هي كل ما كنت أطمح إليه ... كلمة واحدة: أنت عاقل. أنا متعب, أكاد أختنق! كنت هاربا من زنزانة هناك وهاأنت تجددين اعتقالي كل الحكايات يا صديقي معتقلات صغيرة, لماذا أتيت في طريقي! سأعود الآن إلى نصك , لكن أرجوك أخبريهم كم أتمنى أن أكون مجنونا) أليس الاعتراف احد أوجه الحقيقة التي نحتاجها؟!.
(تتماهى ألوان القدمين المرتسمة على الورق, بمياه البحر تبحث عمّا ترتاح عليه.)
إنها نهاية قصة سالم المعنونة" بعد منتصف الحلم" الذي رقص حافيا ليفخر بالغبار الذي علق بقدميه أنه غبار من تربة وطنه ؛يبعث لصديقي الشباب بلوحة ماكرة لقدمين مغمستين بألوان قوس قزح, لكنها تصل وخبر موته سواء عبر رصاصة قيل:إنها تستهدف الإرهابيين في بلد أنجز وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو والغريب أن هذه الرصاصة كانت ردا على إرهاب وسم المسلمون به والغريب أكثر أن سالم مسيحي؟!.
وهكذا تتولى القصص وكأنها رد على النسيان الذي يجتاح الإنسان بكل تضاعيفه فتاتي قصة "أخضر في الأعالي" مؤكدة على أن التضحية كشجرة الزيتون اخضرار دائم .
وقبل ختام المجموعة القصصية تورد الكاتبة مجموعة من القصص القصيرة جدا وكأنها الرتوش الأخيرة للوحتها قبل التوقيع , تتخلى بها عن دبلوماسية القص التي يفترضها الصوت وصداه إلى قل كلمتك وامض فتأتي القصص القصيرة كأنها انفجار ليعقبها صمت مريب ومخيف ضمن مجموعتان موسومتان ب"الأخبار المحلية" و" عفوا".
أما القصة الأخيرة "وكان ثلج" قد تصلح عتبة لهذه المقالة مأخوذة من سياقها الأخير!؟.
وهنا نسأل : هل استطاعت الكاتبة انجاز يقين ال" إذا" هذا ما نتركه للقارئ كمشارك متتم للعملية الإبداعية
لأنني لأنك , مجموعة قصص قصيرة ل سوزان إبراهيم صادرة عن دار بعل لعام 2009
باسم سليمان
[email protected]