حول مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد.. سوريون وفقط
2009-06-23
كلّ السوريين سوريون، وفقط، وليس لسوريّ غير هذا الوصف، وأيّ كلام عدا ذلك يكون خطراً وجارحاً ومؤذياً لهذا الشعب، وكلّ من يشرّع ـ ولن يكون هناك من يشرّع ـ أو يكتب ـ ولن يكون هناك من يكتب ـ أو يفكّر ـ ولن يكون هناك من يفكّر ـ في كسر هذه المعادلة من أجل إحلال معادلة أخرى بديلة ـ ولن تكون هناك معادلة بديلة ـ يكون خارجاً وغريباً عن النسيج الاجتماعي لهذا الوطن، وليس في هذا أيّ تشكيك في وطنيّة وانتماء المشرّع لوطنه، وإنّما تشكيك في المنطق الذي قاده إلى وضع قانون للأحوال الشخصية، يعود بالرّكب السوري إلى الوراء، والمشرِّع ابنٌ لهذا الوطن، ولا شكّ في أنّه يروم مصلحته، وينشد تقدّمه، ولكنّه ربّما أخطأ قراءة التاريخ السوري، وربّما أغفل، بدخوله القوانين وبنودها، ونتيجة للاختصاص والاهتمام الواحد، نضالات السوريين، شباباً، ورجالاً، ونقابات ومنظمات جماهيرية، وأحزاباً، ونساء، واتحادات..
إذا كان مشروع قانون الأحوال الشخصية وضع ليناقش، فإنّه يحقّ للسوريين أن يرفضوه جملةً وتفصيلاً، وثمَّة الكثير ممّن علت وتعلو أصواتهم للحيلولة دون مرور هذا القانون، كلّ شيء خاضع للنقاش، بلا شكّ، يمكننا أن نتحاور، ويمكننا أن نبدي رأينا.. هذا ما علّمنا إيّاه هذا الوطن، وهذا ما تعلّمه الأوطان.
لم يفق السوريون في يوم من الأيام، ولم يكن في بال أيّ منهم أن يَخرج قانون يحاول، حتّى لو كان بحسن النيّة، أو سوء التدبير، أن يزعزع معادلة اللحمة الوطنية، ومعادلة الانتماء القطعي والنهائي غير القابل للتبديل والمقايضة والتعدّد لسورية، دولة وطنية بطابعها العروبي والوطني والسياسي والعلماني الذي قامت عليه الجمهورية. سورية للسوريين والسوريون لسورية، وإن كان هناك من اجتهد فأخطأ فإنّ له حسنات كثيرة، لكنّ مسيرة الشعب السوري لن تقبل الخطأ، فإنجازات هذا الشعب ومسيرته ومعاركه التي خاضها تتقدّم وتسبق قانوناً للأحوال الشخصية من هذا النوع.
في دولٍ أخرى، ليست مجهولة، يُقسم الناس إلى ألوان وأعراق ومذاهب وملل، والسوريون لم يعرفوا هذا بتاتاً، وكثيراً ما حاول أعداء هذا البلد أن يعزفوا على هذا الوتر الحسّاس، ودائماً كانوا يحصدون الخيبة، عندما يجدون أن النسيج السوري المتعدد متماسك إلى درجة يصعب تفتيتها، ومتآزر ومتآلف ومتين إلى درجة يستحيل إحداث خرق فيها، وأن يأتي قانون للأحوال الشخصية يرجع بهذه الحالة إلى الوراء فإنّ ذلك لا ينبغي أن يحصل.
نحن من لا يسأل الضيف عن اسمه إلا بعد ثلاثة أيام فكيف نسأله عن انتماء ضيّق لا يذكره هو أصلاً، ونحن الذين اتفقنا على دستور يضعنا رجالاً ونساءً سواسية مثل أسنان المشط أمام القانون، هكذا ليس لسوري على سوري فضل إلا بسوريّته، وهكذا أيضاً يدين السوريون بأديان وطنية ويحفظون المثل الشعبي الذي يقول: «كلّ واحد على دينه الله يعينه»، وبالكاد يخوضون نقاشات في هذا الصدد، بل إنهم يجلسون أمام الشاشات وينظرون بعين الاستهجان والاستغراب إلى شعوب تتناحر فئاتها وأقسامها على أوهام تلك التقسيمات.
معركة السوريين الأساسية هي مع أعداء سورية والمتآمرين عليها، إسرائيليين وأمريكيين ومتأمركين، وليس هناك معارك داخلية، وإن قانوناً كهذا يضعف الوقفة في تلك المعركة، ويجعلهم في مشاغل ونقاشات لا يريدون الخوض فيها.
السوريون والدولة السورية تنفق الملايين على تعليم مجانيّ ليكون لسورية جيل من الشباب المتخم بالمعرفة، ويصعب على هذا الجيل أن يقبل بأن تساق الفتيات إلى مخادع الزوجية في عمر الثانية عشرة، أو أن يقبل بأن تُزوَّج المغتَصبة لمغتصبِها فينجو من جرمه، أو أن يسمي جاره ذمّياً، هذا لا ينبغي أن يحصل في سورية التي تتبوّأ فيها المرأة أرقى المناصب، والذي تتحمل فيه أكبر المسؤليات، بما فيها مسؤلية الدفاع عن الوطن، هكذا لا يمكن العودة إلى الوراء، أو القبول بالقفز في المجهول.
حوار جاد يجب أن يحسم المسألة، وأن يضع القوانين في طريقها الصحيح الذي يخدم هذا الوطن، ويسير به قدماً صوب القوة والعزّة والمنعة. ولذلك فلنقف جميعاً في مواجهة هذا القانون.
المصدر: بلدنا
08-أيار-2021
يحاضر في «أربعاء تريم الثقافي» / فراس السواح يقارن بين التاو والديانات الشرقية |
24-آذار-2010 |
17-آذار-2010 | |
28-حزيران-2009 | |
23-حزيران-2009 | |
13-حزيران-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |