مقتل ذبابة
2009-06-24
كان حريّاً بالرئيس أوباما، هشّ أو «كشّ» الذبابة بدل سحقها. كانت لتبقى تزنّ حول رأسه، مرّة وثلاثاً وأربعاً حتى تتعب وترحل عنه ـ فهذه طباع الذباب ـ فلا تكون الكفّ القاتلة التي تربّصت بخبث، وطوحّت بقوة أمام الكاميرا، هاوية على كائن ضعيف.
هدأت الذبابة على الموكيت، وهي أمام أنظارنا الآن، جثة ساكنة في مشهد طاف على العالم بأسره. أوباما وغير أوباما يرون عكس ما أراه. يميلون الى اعتبار «فعلة» الرئيس عملية صدق مع الذات، وسعياً الى التغيير في المشاهد الكلاسيكية التي درج عليها الرؤساء السابقون (هش الذباب بدل قتله) ورغبة في التخلصّ من رعب المتطفلين على جديّة المناظرات التلفزيونية، رعب التطفّل من أيّ جهة أتى، أمام الكاميرا وخلفها. سحق ذبابة بكفّ رئيس دلالة على نقل العصر الأميركي الى أبجدية جديدة.
فرجة لا تُصدّق، أن نرى الى رئيس العالم يكمنُ كمون ثعلب الى طريدته، مُجهزاً عليها في ما يُشبه مجزرة «حشراتية» بحجمها الطبيعي.
قتل ذبابة بتلويحة كفّ رئيس أميركي، لن تُؤرّخ أو تدخل التاريخ، مع ذلك يُسجل لها أنها الأولى، أولى عمليات القتل لرجل وسيم وهادئ، أخرجته ذبابة عن هدوئه في خضمّ مقابلة تلفزيونية، وتحت أنظار ملايين المشاهدين.
لا نعرف حتى اللحظة إن كان اصطياد الذباب هواية الرئيس الأسمر، في البيت الأبيض وخارجه. فالقتل يحضر، ويكون قتلاً حقاً حين تترصّده الكاميرا وتؤرّخ له. يحضر لحظة تخلّ ولحظة أزمة كبيرة، وتستدعي أشياء كثيرة تضغط على أعصاب أوباما قتل جيش من الذباب للملمة الخيبة الأميركية في العراق، وإنجاح مخطط القضاء على الإرهاب في أفغانستان، ومعالجة التركة الاقتصادية، تركة الشؤم البوشية التي هزّت اقتصاد أميركا أولاً، ومعها العالم كلّه.
لم تتوجّه يد أوباما الى ذبابة تحديداً. فزمن القتل هو زمن التسلسل والعثرات والأخطاء الكبيرة، وترقد الآن في احضان أوباما وحده مرميّة في خلقته. لحظة قتل ذبابة هي جماع تركة بائسة جنّنت الرجل، أفقدته صبره، وهي علامة أولى على خروج «المتّزن» عن اتزانه، ورومانسيته وحلمه ليغدو صائد ذباب من الدرجة الأولى.
خرج اوباما من سجن لونه الطويل، وغدا رئيس اميركا، بل سيّد العالم. أغلب الخلق هلّل لانتصاره، وقلة فائقة الشقرة خرجت مبلبلة مصدومة. اوباما يمشي حثيثاً في مشروعه وأحلامه التغييرية، فلا تنقصه ذبابة سمجة... تزنّ على رأسه
08-أيار-2021
28-تشرين الثاني-2012 | |
24-حزيران-2009 | |
فاطمة ناعوت: أكتب قصيدتي وأمشي فعجلة النقد العربي لا تلحق بالشعر |
19-نيسان-2009 |
14-أيلول-2008 | |
27-أيار-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |