«الأعمال الكاملة لآرثر رامبو».. تنقيط الصمت
2012-11-28
«آرثر رامبو، الأعمال الشعرية الكاملة» أحدث ترجمات الشاعر المصري رفعت سلام عن الفرنسية (عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب»). كان أصدر عن الدار نفسها مجموعة شعرية تحت عنوان «هكذا تحدث الكركدن ضمن «سلسلة إبداعات الثورة»، كما أصدر العام الماضي «قسطنطين كفافيس: الأعمال الشعرية الكاملة»، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعن «دار الشروق» كان أصدر «شارل بودلير: الأعمال الشعرية الكاملة»، إلى الكثير من ترجمات الشعر العالمي والمجموعات الشعرية الخاصة.
قفزات في الترجمة نوعية، يقفزها الشاعر والمترجم، عن اللغة الإنكليزية التي كانت له فيها أعمال أساسية مثل ترجمة كفافيس وبعض الشعر الروسي، إلى الترجمة عن اللغة الفرنسية التي قارب فيها شاعرين كبيرين هما بودلير ورامبو، ساعده على الأمر، أي الترجمة عن الفرنسية التي يتقنها بالطبع، قيامه بمراجعة ترجمة كتاب «قصيدة النثر» لسوزان برنار، الذي حقق فيه رغبته إلى إصدار الترجمة العربية الكاملة لهذا المرجع الأساسي، حيث تحولت المعرفة عنده إلى ممارسة دؤوبة وجادة. يرى سلام ان ترجمة الشعر بشكل عام، تأويل ما، قراءة، احتمال، بلا يقين، شأن الشعر ذاته. النص الشعري ـ في لغته الأصلية ـ مفتوح على التأويلات والقراءات والاحتمالات، أي على التعددية. وكل ترجمة لهذا النص هي أحد هذه التأويلات والقراءات والاحتمالات اللانهائية التي لا تكتمل إلا بتعدد ما، لا يمكن التنبوء بحدوده. ذلك ما يفرضه ثراء وخصوبة نص رامبو، لا الإرادة الفردية للمترجم أياً يكن.
تضم ترجمة أعمال رامبو نصوصاً شعرية ليست قليلة العدد، وأخرى لم يسبق ترجمتها من قبل إلى العربية، ومن بين هذه النصوص مساهمات رامبو الشعرية فيما يعرف بـ«الألبوم الملعون»، قصائد ساخرة، تهكمية، معارضة لقصائد أهم شعراء تلك الفترة، وذلك أحد وجوه رامبو الشعرية في أقصى تجلياته، ولم يكن ممكناً للمترجم، رغم الصعوبات الاستثنائية لترجمة التلاعبات اللفظية، ان يتغاضى عن هذه النصوص أو يحذفها لما تقدمه للقارئ من أعمال «كاملة».
من بين النصوص الشعرية أيضاً، نصوص رامبو الإباحية في ما يعرف ـ في اعماله الكاملة الفرنسية ـ بالبذاءات أو الإباحيات التي تمثل بدورها وجهاً آخر شعرياً لرامبو لم يسبق ترجمته عربياً من قبل، ومن بين هذه النصوص قصيدته الأخيرة التي ودّع بها عالم الشعر، بصورة نهائية ومطلقة. رفعت سلام، على عكس ما اعتاده محققو أعمال رامبو الفرنسيون على تقديم قصائده وفقاً لتسلسلها التاريخي لم يجد مبرراً شعرياً لقطع سياق القصائد فنقل مجموعتيه الخاصتين إلى نهاية القصائد، بحيث تتتالى النصوص بلا انقطاع إلى نهايتها، مع إلغاء عنوان «القصائد الأخيرة (العنوان هو من اقتراح المحققين لا من صنع رامبو» وبعدها تأتي المجموعتان.
أيضاً ثمة فصل شيّق احتوى مراسلات رامبو من عدن وهراري، بعد ان غادر أوروبا والشعر تماماً لتضيف ضوءاً ذا بال إلى شعره وقد تضيء مأساة وجوده الشخصية وانتقى منها سلام أهمها وأكثرها دلالة.
أما «موقعة بروكسل»، تلك المشاجرة العاصفة بين فرلين ورامبو التي وصلت إلى حد إطلاق فرلين الرصاص على رامبو، فقد أولاها سلام أهمية وخصص لها ملفاً وثائقياً بلا تأويلات، ضمن الملاحق.
هذا الشعر الساطع الكثيف للغاية، حضنته ترجمة يقظة، متفلتة من أكاديميتها، مجانبة الترجمة الصارمة التي تأتي على روح النص، خصوصاً ان رامبو ليس لفظياً، إذ تتحد عنده التناقضات الداخلية التي تنزع الآلية وتبهر بالصور المتدفقة والرؤى على وجه خاص. شعر رامبو مع ذلك في بعض المواقع، يتخذ شكلاً نحتياً يتركنا مشدوهين أمام نبوءة عرّاف في قصيدة هنا أو هناك، تتكون من عدة جمل، لا ترتبط الواحدة بالأخرى، فكل واحدة تبدو منبثقة من الصمت مثل حكم معزول، وقد عملت الترجمة على إعادة تشكيل الروابط التحتية التي توحدها.
08-أيار-2021
28-تشرين الثاني-2012 | |
24-حزيران-2009 | |
فاطمة ناعوت: أكتب قصيدتي وأمشي فعجلة النقد العربي لا تلحق بالشعر |
19-نيسان-2009 |
14-أيلول-2008 | |
27-أيار-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |